
المكتبة العربية التقليدية من حيث الشكل مليئة بمجلدات ضخمة وفخمة، لها عناوين براقة مختارة بعناية، مجلدات مزخرفة، ومذهبة مصمّمة لتكون من أجمل عناصر الديكور.
أما من حيث المحتوى، نجد مئات الألوف من الكتب في المكتبة العربية تدور حول :
)اللغة، والشعر، والشريعة، والتصوف(، لا توجد علوم المنطق، والفلسفة، والرياضيات والهندسة، أو علوم الفيزياء، والكيمياء، ولا علوم الحياة، أو الطب البشري، أو البيطري، المكتبة العربية التقليدية تعاني من سوء التغذية.
النصف الأول من المكتبة العربية تتكون من مراجع قديمة تسمى )أمهات الكتب( في اللغة، وبجوارها عشرات الألوف من المجلدات هي )شرح، أو شرح الشرح، أو اختصار لألفية ابن مالك(، أو غيرها من «أمهات الكتب».
أكثر العلوم التي ندرسها في كل مراحل التعليم، هي اللغة العربية، وللآسف من الصعب أن تجد في الوطن العربي معلمًا عربيًا يتقن اللغة العربية؛ فعلم النحو علم ذوقي ليس علمًا حقيقيًا، ولهذا وقع أحد أساطين النحو د. علي بن تميم في خطأ جسيم، حيث خلط بين الفاعل، والمفعول به، لم يكن خطاؤه من باب السهو، والنسيان بل أصر على موقفه، وهو واثق من تذوقه للمعنى.
أما النصف الثاني من المكتبة يدور حول شرح كتاب واحد، وهو القرآن، وقد إبتدع الفقهاء كثيرًا من العلوم القرآنية مخصصة لتسهيل فهم القرآن، فقد أحصى منها العلامة «جلال الدين السيوطي» في كتابه )الإتقان( في علوم القرآن لـ 80 علمًا، المكتبة العربية بها أكثر من ثمانين علمًا مخصّصة لدراسة القرآن.
أما تفاسير القرآن فقد وصل عددها أكثر من )100( تفسيرٍ، كلها منقولة من تفسير واحد اللاحق ينقل من السابق مع بعض التقديم، أو التأخير، ولهذا لا يصح قولهم «أجمع العلماء»، بل قل«أجمع النقلة».
وبعد أكثر من ألف سنة من البحث والدراسة، والتصنيف، والتأليف في دراسة القرآن، ولم يتفق الفقهاءُ، ولم يصلوا لرأي واحد في «الناسخ، والمنسوخ» ولا المحكم، ولا المتشابه، ويختلف أهل المذاهب حتى في عدد آيات سورة الفاتحة وهل «البسملة» آية من السورة أم لا.
وفي الختام ..
من وجهة نظري أن السبَّب الأول في تخلف «المكتبة العربية» العقل العربي، هو تحريم العوام من دراسة العلم؛ حيث هجر العوام الكتاب، وزهدوا حتى في تعلم القراءة، والكتابة.
السبب الثاني هو قفل باب الاجتهاد أمام العلماء، أصبحتْ الحركة العلمية مشلولة على مستوى العوام، والخواص، وشعارنا الخاطيء ليس في الامكان أفضل مما كان عليه السلف، وهذا هو سبب تخلفنا بين الأمم.