ثقافة

قراءة كتاب إسهامات «الليبيين» في تعمير البلاد التونسية طيلة ثلاثة قرون 1650 – 1950م

سميرة البوزيدي

هذا‭ ‬كتاب‭ ‬جديد‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬يناير‭ ‬2025م،‭ ‬بعنوان‭ )‬إسهامات‭ ‬‮«‬الليبيين‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعمير‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬طيلة‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرون‭ ‬1650‭- ‬1950م‭( ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالكريم‭ ‬الماجري،‭ ‬أستاذ‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر‭ ‬بالجامعات‭ ‬التونسية،‭ ‬عدد‭ ‬صفحاته‭ ‬272‭ ‬صفحة،‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬المتوسط‭ ‬الصغير،‭ ‬وهو‭ ‬دراسة‭ ‬شاملة‭ ‬جادة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الوثائق‭ ‬من‭ ‬الأرشيف‭ ‬الوطني‭ ‬التونسي،‭ ‬ودُور‭ ‬الأرشيف‭ ‬الفرنسي،‭ ‬والروايات‭ ‬الشفوية،‭ ‬والصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وفرنسا،‭ ‬ويقول‭ ‬المؤلف‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مطبعة‭ ‬Sotepa Grafic‮ ‬‭ ‬بتونس‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أطروحة‭ ‬دكتوراه‭ ‬بعنوان‭ (‬هجرة‭ ‬الجزائريين‭ ‬والطرابلسية‭ ‬والمغاربة‭ ‬الجواونة‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬1831‭- ‬1937م‭) ‬وقد‭ ‬رأى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ينشر‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬كل‭ ‬جالية‭ ‬في‭ ‬كتابٍ‭ ‬مستقل‭.‬

الكتاب‭ ‬دراسة‭ ‬مهمة‭ ‬جداً‭ ‬لكل‭ ‬المهتمين‭ ‬بوجود‭ ‬الطرابلسيين‭ -)‬كما‭ ‬يسميهم‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صفحات‭ ‬كتابه‭(- ‬في‭ ‬تونس‭ ‬عبر‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرون،‭ ‬ودوافع‭ ‬هجراتهم‭ ‬العديدة‭ ‬غربًا،‭ ‬وأسماء‭ ‬المدن،‭ ‬أو‭ ‬القبائل‭ )‬العروش‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬المؤلف‭( ‬التي‭ ‬ينتمون‭ ‬لها،‭ ‬وأماكن‭ ‬استقرارهم‭ ‬بالمدن‭ ‬التونسية،‭ ‬وملامح‭ ‬ذلك‭ ‬الاستقرار،‭ ‬وكذلك‭ ‬تحدّث‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬توجه‭ ‬معظم‭ ‬هجرات‭ ‬الطرابلسية‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‭ ‬الشرقي‭ ‬بتونس،‭ ‬كما‭ ‬تطرق‭ ‬المؤلف‭ ‬إلى‭ ‬الإحصاء‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬سلطات‭ ‬الحماية‭ ‬الفرنسية‭ ‬للجالية‭ ‬الطرابلسية‭ ‬بتونس‭ ‬سنة‭ ‬1937م‭ )‬إحصاء‭ ‬خاص‭ ‬بهم‭ ‬فقط‭( ‬بعد‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬لأن‭ ‬السلطات‭ ‬الإيطالية‭ ‬كانت‭ ‬تعتبرهم‭ ‬رعايا‭ ‬إيطاليين،‭ ‬وتَعقد‭ ‬وضعهم‭ ‬القانوني‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬التعداد‭.‬‮ ‬‭ ‬

وقد‭ ‬ختم‭ ‬المؤلف‭ ‬كتابه‭ ‬بقائمة‭ ‬غنية‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬والمراجع،‭ ‬وفهرس‭ ‬للجداول،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬المراجع‭ ‬التي‭ ‬نوّه‭ ‬عنها‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬كتابه‭ ‬كتابين‭ ‬للمؤرخ‭ ‬الليبي‭ ‬إبراهيم‭ ‬أحمد‭ ‬أبوالقاسم‭ ‬عن‭ ‬هجرة‭ ‬الليبيين‭ ‬إلى‭ ‬تونس،‭ ‬صدرا‭ ‬في‭ ‬كتابين‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭. ‬

هذه‭ ‬وقفة‭ ‬قصيرة‭ ‬جدًا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬القيّم،‭ ‬وستكون‭ ‬ليّ‭ ‬قراءة‭ ‬مطولة‭ ‬في‭ ‬فصوله‭ ‬في‭ ‬وقتٍ‭ ‬قادم،‭ ‬أردتُ‭ ‬إدراجها‭ ‬اليوم‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬الحملة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬بعض‭ ‬ضعاف‭ ‬النفوس‭ ‬ضد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬ليبيا‭ ‬وتونس،‭ ‬ومعظم‭ ‬هذه‭ ‬الصفحات‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يحركها‭ ‬ذبابٌ‭ ‬إلكتروني‭ ‬خبيث‭ ‬المقصد‭ ‬والهدف،‭ ‬لتخريب‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬الضاربة‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬التاريخ،‭ ‬وهي‭ ‬علاقة‭ ‬قلّ‭ ‬مثيلها‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة،‭ ‬وللأسف‭ ‬شاهدتُ‭ ‬بعض‭ ‬الصفحات‭ ‬لشخصياتٍ‭ ‬كنتُ‭ ‬أظن‭ ‬بهم‭ ‬خيرًا،‭ ‬نزلوا‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬منحطة‭ ‬من‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬سفاسف‭ ‬الأمور،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعض‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المسمومة‭ ‬التي‭ ‬تنفث‭ ‬في‭ ‬نار‭ ‬الفتنة‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬الوطن،‭ ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يفلحوا‭ ‬في‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المشترك‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى