ثقافةرأي

كان وحيداً مثلي

* عزة رجب سمهود

النهر‭ ‬الذي‭ ‬وهبني‭ ‬كتفيه

لأسند‭ ‬برأسي‭ ‬عليهما

كان‭ ‬وحيدًا‭ ‬مثلي‭ ‬

كشجرةٍ‭ ‬حافيةٍ‭ ‬في‭ ‬الخلاء‭ ..‬

يفتح‭ ‬عينيه‭ ‬لبياض‭ ‬اللوز

ويغزو‭ ‬بضحكاته‭ ‬الموجة‭ ‬

التي‭ ‬تعرتْ‭ ‬له‭ … ‬

فيما‭ ‬مضى‭ ‬كنتُ

حبيبة‭ ‬لنورس

يجب‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬عنه

حبيبي

أتذكر‭ ‬السلو‭ …‬

الذي‭ ‬رقصناه‭ ‬للنهر‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬

كان‭ ‬بطعم‭ ‬البوظة‭ ‬الشتوية‭ ‬

قال‭ ‬ليّ‭ : ‬لو‭ ‬رقصنا‭ ‬زوربا‭ …‬

وجعلنا‭ ‬ألمنا‭ ‬سواء‭ ‬

مثل‭ ‬مشمشة‭ ‬مجفَّفة‭ ‬

لكنا‭ ‬نورسين‭ ‬يضمان‭ ‬حزن‮ ‬‭ ‬

المدينة‭ ‬بين‭ ‬جناحيهما‭ …‬

لكنه‭ ‬نسى‭ ‬أنَّ‭ ‬قدمه‮ ‬‭ ‬مبتورة‭ ‬

مثل‭ ‬مقطع‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬سوداوية‭ 

نسي‮ ‬‭ ‬أنَّ‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬نقيم‭ ‬فيها‭ ‬

تحشو‭ ‬القطن‭ ‬في‭ ‬أفواهنا‭..‬

تخاطبنا‭ ‬بلهجات‭ ‬الرصاص

وتجعل‭ ‬صباحاتنا‭ ‬

كصافرة‭ ‬قطار‭ ‬قديمة‭ ‬ومتآكلة‭ ..‬

النهر‭ ‬الذي‭ ‬وهبني‭ ‬كتفيه‭ ‬لأبكي‭ ‬عليهما

يعلم‭ ‬أنني‭ ‬بريئة‭ ‬من‭ ‬تهمة‮ ‬‭ ‬الدخان

الذي‭ ‬يأكل‭ ‬البياض‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬المنارة‭ ‬

ويترك‭ ‬في‭ ‬روحي

صرخةً‭ ‬باسم

من‭ ‬غادرني‭ ..‬

للملح‭ ‬والماء‭ …‬

باسم‭ ‬من‭ ‬جعل‭ ‬فرحي

طائرًا‭ ‬مهاجرًا‭ ‬

في‭ ‬كل‭ ‬سماء‭..‬

باسم‭ ‬‮«‬كافكا‮»‬

وهو‭ ‬يكتب‭ ‬كوابيسه‭ ‬

باسم‮ «‬آنا‭ ‬أخماتوفا‮»‬‭ ‬وسجائرها‭ ‬النافقة‭ ‬

باسم‮ «‬بورخيس‮»‬

وأفكاره‭ ‬المتطرفة‭ …‬

باسم‭ ‬القُبلات

التي‭ ‬يرميها‭ ‬النهر‮ ‬‭ ‬

في‭ ‬جوف‭ ‬البحر‭ ‬ويمضي‭ …‬

‭* ‬عزة‭ ‬رجب‭ ‬سمهود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى