
في البرمجة اللغوية العصبية لدى الإنسان الليبي؛ لم تُدرج تاريخاً ركائز أخلاقية مهمة لنمو أي مجتمع في العالم، )الحوار البنّاء، النقد الرفيع، التعبير( عما يجول في خُلد الإنسان الليبي دون أن يتم الحكم عليه وتصنيفه وإقصائه حتى.
تربى الكائن الليبي عبر مراحل حكم مختلفة خلال الألفية الأخيرة على قمع الآخر، وتصنيف المختلف كـخطر وتهديد ينبغي التخلص منه.
لم يُعلّم الليبي منذ صغره أن يكون منصفًا ومتجردًا من تعصبه حياله قبيلته وعرقه وحتى طريقة حديثه، بل تم تلقينه أن القبيلة هي إرثُ الله الذي من خلاله قد يتمكن الإنسان من الحصول على لقمة عيشه، ومواكبة الآخرين بـصيغة الجماعة، والتكتل العِرقي، وأن كل ما لا يبدو مألوفًا؛ سيكون دون أيتها شكوك مجرد عدوى تستدعي حالة طوارئ قصوى.
إنّ الإختلاف في الرأي، والرأي الآخر لم يكن عبر التاريخ سوى محض تصرف فطري يقود الكائن الناطق إلى الحصول على سلامه الداخلي من زاويته الخاصة، فالحياة لا يمكن قياسها من زاوية نظر واحدة، بل من محاولة تجميع قطع متناثرة لصورة جدارية ضخمة، وفي النهاية قد لا يتمكن الناظر من الحصول على مشهده المفضل.
إن الإختلاف في الرأي هنا يُفسد للود أي قضية، أي حوار، وأي شعور نبيل يحمله الليبي تجاه الليبي الآخر، ومن هنا تترسخ لدينا فلسفة الجملة الشهيرة للدكتور فرج أخريبيش )حركة الجماهير واحدة عبر التاريخ(، وأن المعارك التي كانت تُجرى قديمًا لأجل الخبز والشعير وبئر الماء، تُجرى الآن من الدماء ذاتها، غير أن الأهداف هذه الأيام مختلفة.