على الطريق

لأهداف مختلفة

محمد الهاشمي

في‭ ‬البرمجة‭ ‬اللغوية‭ ‬العصبية‭ ‬لدى‭ ‬الإنسان‭ ‬الليبي؛‭ ‬لم‭ ‬تُدرج‭ ‬تاريخاً‭ ‬ركائز‭ ‬أخلاقية‭ ‬مهمة‭ ‬لنمو‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ )‬الحوار‭ ‬البنّاء،‭ ‬النقد‭ ‬الرفيع،‭ ‬التعبير‭( ‬عما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬خُلد‭ ‬الإنسان‭ ‬الليبي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬وتصنيفه‭ ‬وإقصائه‭ ‬حتى‭. ‬

تربى‭ ‬الكائن‭ ‬الليبي‭ ‬عبر‭ ‬مراحل‭ ‬حكم‭ ‬مختلفة‭ ‬خلال‭ ‬الألفية‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬قمع‭ ‬الآخر،‭ ‬وتصنيف‭ ‬المختلف‭ ‬كـخطر‭ ‬وتهديد‭ ‬ينبغي‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭. ‬

لم‭ ‬يُعلّم‭ ‬الليبي‭ ‬منذ‭ ‬صغره‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬منصفًا‭ ‬ومتجردًا‭ ‬من‭ ‬تعصبه‭ ‬حياله‭ ‬قبيلته‭ ‬وعرقه‭ ‬وحتى‭ ‬طريقة‭ ‬حديثه،‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬تلقينه‭ ‬أن‭ ‬القبيلة‭ ‬هي‭ ‬إرثُ‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬قد‭ ‬يتمكن‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬لقمة‭ ‬عيشه،‭ ‬ومواكبة‭ ‬الآخرين‭ ‬بـصيغة‭ ‬الجماعة،‭ ‬والتكتل‭ ‬العِرقي،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬مألوفًا؛‭ ‬سيكون‭ ‬دون‭ ‬أيتها‭ ‬شكوك‭ ‬مجرد‭ ‬عدوى‭ ‬تستدعي‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬قصوى‭. ‬

إنّ‭ ‬الإختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي،‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬سوى‭ ‬محض‭ ‬تصرف‭ ‬فطري‭ ‬يقود‭ ‬الكائن‭ ‬الناطق‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سلامه‭ ‬الداخلي‭ ‬من‭ ‬زاويته‭ ‬الخاصة،‭ ‬فالحياة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قياسها‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬نظر‭ ‬واحدة،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬تجميع‭ ‬قطع‭ ‬متناثرة‭ ‬لصورة‭ ‬جدارية‭ ‬ضخمة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬الناظر‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مشهده‭ ‬المفضل‭. ‬

إن‭ ‬الإختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬هنا‭ ‬يُفسد‭ ‬للود‭ ‬أي‭ ‬قضية،‭ ‬أي‭ ‬حوار،‭ ‬وأي‭ ‬شعور‭ ‬نبيل‭ ‬يحمله‭ ‬الليبي‭ ‬تجاه‭ ‬الليبي‭ ‬الآخر،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تترسخ‭ ‬لدينا‭ ‬فلسفة‭ ‬الجملة‭ ‬الشهيرة‭ ‬للدكتور‭ ‬فرج‭ ‬أخريبيش‭ )‬حركة‭ ‬الجماهير‭ ‬واحدة‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭(‬،‭ ‬وأن‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُجرى‭ ‬قديمًا‭ ‬لأجل‭ ‬الخبز‭ ‬والشعير‭ ‬وبئر‭ ‬الماء،‭ ‬تُجرى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬الدماء‭ ‬ذاتها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأهداف‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬مختلفة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى