الرئيسيةقضية العدد

لا لحظي .. لا لهطي .. هدرزة ليبيين في انتظــــار السيولة

سالمة عطيوة .. نادية البطني

تعيشُ‭ ‬البلادُ‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬أزمةً‭ ‬سيولةً‭ ‬خانقة،‭ ‬أثّرتْ‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭ ‬ومعاملاتهم‭ ‬اليومية؛‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬النَّاس‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬أموالهم‭ ‬من‭ ‬المصارف،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانتْ‭ ‬أرصدتهم‭ ‬موجودة‭.‬

الواحد‭ ‬ممكن‭ ‬يمشي‭ ‬للبنك‭ ‬من‭ ‬الصبح‭ ‬ويقعد‭ ‬ساعات‭ ‬ينتظر،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬يطلع‭ ‬بمبلغ‭ ‬بسيط،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬دون‭ ‬شي‭..‬

أزمة‭ ‬السيولة‭ ‬ما‭ ‬جاتش‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬فهي‭ ‬نتيجة‭ ‬تراكمات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية،‭ ‬،‭ ‬والاعتماد‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬بدل‭ ‬المعاملات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬وسوء‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭.‬

كل‭ ‬هالعوامل‭ ‬خلتْ‭ ‬المواطن‭ ‬يعيش‭ ‬ضغطًا‭ ‬يوميًا‭..‬

خديجة‭ ‬بدر‭ – ‬أوباري‭ ‬

إجراءات‭ ‬سحب‭ ‬المرتب‭ ‬لدينا‭ ‬ليستْ‭ ‬سهلة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬فهي‭ ‬تأخذ‭ ‬منا‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬لانتظار‭ ‬حتي‭ ‬ورود‭ ‬المرتب،‭ ‬وبعدها‭ ‬نبدأ‭ ‬رحلة‭ ‬المعاناة‭ ‬الفعلية،‭ ‬إذ‭ ‬نضطر‭ ‬للانتظار‭ ‬بالساعات‭ ‬الطويلة‭ ‬أمام‭ ‬المصارف‭ ‬بسبب‭ ‬الزحام‭ ‬الشديد‭ ‬وضعف‭ ‬السيولة‭. ‬عندما‭ ‬تتوفر‭ ‬السيولة‭ ‬فهي‭ ‬تتوفر‭ ‬ليوم‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬مما‭ ‬يضطر‭ ‬كل‭ ‬المواطنين‭ ‬للزحام‭ ‬لليوم‭ ‬التالي‭ ‬غالبًا‭ ‬شعار‭ ‬المصرف‭ ‬‮«‬ما‭ ‬فيش‭ ‬سيولة‭ !!!‬‮»‬‭.‬

كثير‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬يلجأون‭  ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬السماسرة‭ ‬مقابل‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬المبلغ‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬السيولة‭ ‬نقدًا‭.‬

الوضع‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬طرابلس‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كثرة‭ ‬المصارف‭ ‬والفروع‭ ‬والمكينات،‭ ‬لكنّه‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬صعوبة،‭ ‬فالمعاناة‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬قلة‭ ‬سيولة‭ ‬فقط‭  ‬قد‭ ‬يضطر‭ ‬الموطن‭ ‬للوقوف‭ ‬ساعات‭ ‬بسبب‭ ‬الأعطال‭ ‬المتكرَّرة‭ ‬في‭ ‬المنظومات‭ ‬المصرفية‭ ‬وسوء‭ ‬الخدمات‭  ‬المصرفية،‭ ‬وسوء‭ ‬تعامل‭ ‬موظفي‭ ‬المصارف‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬باختصار‭ ‬عملية‭ ‬سحب‭ ‬المرتب‭ ‬أصبحتْ‭ ‬مرهقة‭ ‬نفسيًا‭ ‬وبدنيًا،‭ ‬وتشكل‭ ‬معاناةً‭ ‬حقيقية‭ ‬للمواطنين‭..‬

د‭.‬نعيمة‭ ‬سلامة‭ -‬‭ ‬الزاوية‭ ‬

معاناة‭ ‬الأسر‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬مرتباتها‭ ‬من‭ ‬المصارف‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬قصة‭ ‬ألم‭ ‬ومعاناة‭ ‬يعيشها‭ ‬الكثيرُ‭ ‬من‭ ‬المواطنين؛‭ ‬فالأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬ليبيا‭ ‬أثرتْ‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬السيولة،‭ ‬وطوابير‭ ‬طويلة‭ ‬أمام‭ ‬المصارف،‭ ‬وحكتْ‭ ‬لنا‭ ‬سلامة‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬

‭ ‬محمد‭ -‬‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬يقول‭:‬

أذهبُ‭ ‬إلى‭ ‬المصرف‭ ‬كل‭ ‬أسبوع،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬سحب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭. ‬كيف‭ ‬أستطيع‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬أسرتي‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬الضئيل؟‭.‬

فاطمة‭ -‬‭ ‬أم‭ ‬لثلاثة‭ ‬أطفال‭ ‬تقول‭:‬

أنتظر‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬أمام‭ ‬المصرف،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أجد‭ ‬أن‭ ‬السيولة‭ ‬قد‭ ‬نفدتْ‭. ‬ماذا‭ ‬أفعل؟‭!‬‭ ‬هل‭ ‬أترك‭ ‬أطفالي‭ ‬جائعين؟‭.‬

أحمد‭ – ‬تاجر‭ ‬يقول‭: ‬السيولة‭ ‬النقدية‭ ‬قليلة‭ ‬جدًا،‭ ‬مما‭ ‬أثّر‭ ‬على‭ ‬تجارتي‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬شراء‭ ‬البضائع،‭ ‬أو‭ ‬دفع‭ ‬الإيجارات‭. ‬كيف‭ ‬أستطيع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العمل؟‭!.‬

أسباب‭ ‬الأزمة

‭- ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬البنك‭ ‬المركزي،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬السيولة‭.‬

‭- ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬كمصدر‭ ‬رئيس‭ ‬للعُملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬جعل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبي‭ ‬ضعيفًا‭ ‬أمام‭ ‬التقلبات‭ ‬العالمية‭.‬

‭- ‬سوء‭ ‬إدارة‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬والفساد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬أضعف‭ ‬قدرة‭ ‬البنوك‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭.‬

‭- ‬غياب‭ ‬الثقة‭ ‬بالمصارف‭ ‬المحلية‭ ‬دفع‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالنقود‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إيداعها‭ ‬في‭ ‬البنوك‭.‬

مطالب‭ ‬بحلول‭ ‬جذرية‭ :‬

‭- ‬توحيد‭ ‬الحكومة‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬النظام‭ ‬المصرفي‭.‬

‭- ‬تعزيز‭ ‬الشفافية‭ ‬والرقابة‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭.‬

‭- ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬وتطوير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

‭- ‬توفير‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية‭ ‬الكافية‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭.‬

‭- ‬الأسر‭ ‬الليبية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية،‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬لتخفيف‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭..‬

سهام‭ ‬عرفة‭ ‬بلال‭ – ‬سبها‭ ‬

لا‭ ‬تزال‭ ‬أزمة‭ ‬السيولة‭ ‬تُثقل‭ ‬كاهل‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الليبي؛‭ ‬حيث‭ ‬يشكوا‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬سبها‭ ‬ومحيطها‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬انعدام‭ ‬للأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬داخل‭ ‬المصارف‭.‬

وتشمل‭ ‬إجراءات‭ ‬السحب‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬المعقدة،‭ ‬مثل‭ ‬تحويل‭ ‬المرتبات،‭ ‬وإعداد‭ ‬كشوفات،‭ ‬ونقل‭ ‬المرتبات‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفاقم‭ ‬معاناة‭ ‬الموظفين‭.‬

وتبرز‭ ‬صعوبات‭ ‬إضافية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تأخر‭ ‬صرف‭ ‬المرتبات،‭ ‬الازدحام‭ ‬الشديد‭ ‬أمام‭ ‬المصارف،‭ ‬تعطل‭ ‬أجهزة‭ ‬الصراف‭ ‬الآلي،‭ ‬وعدم‭ ‬توفر‭ ‬العملة‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬شبابيك‭ ‬السحب،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬شهدت‭ ‬فيه‭ ‬طرابلس‭ ‬تحسّنًا‭ ‬نسبيًا‭ ‬بفضل‭ ‬انتشار‭ ‬الخدمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬كـ‭)‬البطاقات‭ ‬والمحافظ‭ ‬الرقمية‭(‬،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مناطق‭ ‬الجنوب‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬التحويلات‭ ‬اليدوية‭ ‬والشراء‭ ‬بالدَّين‭ ‬نظرًا‭ ‬لاستمرار‭ ‬نقص‭ ‬السيولة‭.. ‬

فاطمة‭ ‬عبدالسلام‭ -‬غات‭ :‬

تتم‭ ‬إجراءات‭ ‬سحب‭ ‬المرتب‭ ‬عادةً‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الماكينات‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشي‭ ‬المصرف‭. ‬أحياناً‭ ‬نواجه‭ ‬بعض‭ ‬الصعوبات‭ ‬أثناء‭ ‬عملية‭ ‬السحب‭ ‬بسبب‭ ‬الزحام‭ ‬أو‭ ‬تعطل‭ ‬الماكينات،‭ ‬كما‭ ‬نعاني‭ ‬أحيانًا‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬السيولة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر،‭ ‬مما‭ ‬يضطرنا‭ ‬أحياناً‭ ‬للانتظار‭ ‬أو‭ ‬السحب‭ ‬على‭ ‬فترات‭..‬

نقص‭ ‬السيولة‭ ‬في‭ ‬المصارف،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬وتعطل‭ ‬الماكينات،‭ ‬أو‭ ‬نفاد‭ ‬السيولة‭ ‬منها‭ ‬بشكل‭ ‬متكرّر،‭ ‬بإلاضافة‭ ‬الازدحام‭ ‬وطول‭ ‬فترات‭ ‬الانتظار‭ ‬داخل‭ ‬المصرف،‭ ‬زد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تحديد‭ ‬سقف‭ ‬منخفض‭ ‬للسحب‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬الماكينات،‭ ‬وإحياناً‭ ‬تأخر‭ ‬صرف‭ ‬المرتبات‭ ‬أحياناً‭ ‬أو‭ ‬تأخر‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬الحسابات،‭ ‬وصعوبة‭ ‬السحب‭ ‬بالشيك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬السيولة‭ ‬المتاحة‭..‬

د‭. ‬رجب‭ ‬عصر‭ – ‬الخمس‭ :‬

‭ ‬طبعاً‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الخمس‭ ‬لينا‭ ‬زمان‭ ‬على‭ ‬السحب‭  ‬شخصياً‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬لم‭ ‬أسحب‭ ‬منه،‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭  ‬البطاقة‭ ‬السحب‭ ‬قليل‭ ‬جداً‭  ‬بسبب‭ ‬طول‭ ‬الطابور‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬2‭ ‬كيلو‭ ‬مترات‭ ‬،‭ ‬

أنا‭  ‬عندي‭ ‬صديق‭ ‬لديه‭ ‬صيدلية‭ ‬يسحب‭  ‬من‭ ‬البطاقة‭ ‬ويعطيني‭ ‬كاش‭ ‬لأن‭ ‬بعض‭ ‬المستلزمات‭ ‬نحتاج‭ ‬فيها‭ ‬للكاش،‭ ‬وأحياناً‭  ‬اذهب‭ ‬إلى‭ ‬طرابلس‭ ‬للسحب‭ ‬طبعًا‭ ‬لازم‭ ‬التوقيت‭ ‬يكون‭ ‬قبل‭ ‬الساعة‭ ‬12‭ ‬وبعد‭ ‬الساعة‭ ‬12‭ ‬حتى‭ ‬اسحب‭ ‬2000‭ ‬دينار‭ ‬معقولة‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬خاطر‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬؟‭!‬

مصطفى‭ ‬شهبون‭ – ‬صبراتة‭ : ‬

كل‭ ‬شخص‭ ‬لديه‭ ‬طريق‭ ‬لسحب‭  ‬أمواله‭ ‬من‭ ‬المصرف‭ ‬كما‭ ‬اسلفت،‭ ‬عن‭ ‬نفسي‭ ‬حين‭ ‬أسمع‭ ‬عن‭ ‬توفر‭ ‬السيول‭ ‬أقف‭ ‬في‭ ‬الطابور‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬لتحصل‭ ‬على‭ ‬المبلغ،‭ ‬وإحياناً‭ ‬من‭ ‬ماكينة‭ ‬السحب‭ ‬نتابع‭ ‬الإخبار‭ ‬لنعرف‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬سيولة‭ ‬وفي‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬الماكينة‭ ‬لا‭ ‬تعمل،‭ ‬ونتساءل‭ ‬هنا،‭ ‬لماذا‭ ‬السحب‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭ ‬يعني‭ ‬تدخل‭ ‬البطاقة‭ ‬3‭ ‬مرات‭ ‬للسحب‭ ‬؟،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬لتخفيف‭ ‬الزحمة‭ ‬؟‭! ‬

وفي‭ ‬حال‭ ‬غياب‭ ‬السيولة‭ ‬في‭ ‬المصارف‭ ‬لدي‭ ‬صديق‭ ‬لديه‭ ‬ورشة‭ ‬حدادة‭ ‬يأخذ‭ ‬البطاقة‭ ‬يسحب‭ ‬ويعطيني‭ ‬كاش،‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحرق‭ ‬فهذه‭  ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬نخوض‭ ‬فيها‭  ‬المواطن‭ ‬يكون‭ ‬مجبرًا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬طبعًا‭ ‬المسؤولين‭ ‬وضعهم‭ ‬مبحبح‭ ‬وبعدين‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬النَّاس‭ ‬ولا‭ ‬يعلمون‭ ‬حال‭ ‬المناطق‭ ‬البعيدة‭ ‬والنائية،‭ ‬زّي‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ : ) ‬الشبعان‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬يندري‭ ‬على‭ ‬الجعان‭ ( ..‬

الحاج‭ ‬مسعود‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬راتبك‭ ‬لحظي‭ ‬ولا‭ ‬لهطي‭.. ‬ولا‭ ‬حتي‭ ‬كيف‭ ‬يسحب‭ ‬من‭ ‬ماكينة‭ ‬السحب‭ ‬الآلي،‭ ‬ولا‭ ‬كيف‭ ‬يدخل‭ ‬البطاقة‭ ‬بها‭ ‬أصلا،‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬واحدة،‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬جيبه‭ ‬مليمًا‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬محل‭ ‬الصرافة‭ ‬‮«‬يحرق‭ ‬يعني‮»‬بل‭ ‬ماشي‭ ‬بالبركة‭ ‬وزي‭ ‬مايقول‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي،‭ ‬‮«‬أصرف‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الجيب،يجيك‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الغيب‮»‬،ولسان‭ ‬حاله‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬وين‭ ‬راحت‭ ‬السيولة،والكاش،امام‭ ‬ماكينات‭ ‬السحب‭ ‬والصرافة‭ ‬يصطف‭ ‬المواطنون‭ ‬بعضهم‭ ‬يهمس،‭ ‬للآخر‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الزحام‭ ‬عن‭ ‬خوفه‭ ‬من‭ ‬نفاد‭ ‬السيولة‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يوصل‭ ‬فيه‭ ‬الدور،‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬وجدت‭ ‬سيولة،‭ ‬والكل‭ ‬يحدق‭ ‬بالكل،‭ ‬والكل‭ ‬عينه‭ ‬على‭ ‬الكل‭ ‬إلا‭ ‬الحاج‭ ‬مسعود‭ ‬عيونه‭ ‬تترقب‭ ‬باب‭ ‬المصرف‭ ‬عله‭ ‬يعود‭ ‬لبيته‭ ‬بمحفظة‭ ‬حبلى‭ ‬بالنقود‭.‬

المشهد‭ ‬يتكرَّر‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المدن‭ ‬الليبية‭ ‬بين‭ ‬مَنْ‭ ‬ينتظر‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬لا‭ ‬ينتهي،‭ ‬ومَنْ‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مكتب‭ ‬صرافة،‭ ‬ومَنْ‭ ‬يدفع‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬مرتبه‭ ‬ليستلمه‭ ‬نقدًا‭ ‬‮«‬يحرق‭ ‬يعني‮»‬‭ ‬وعلى‭ ‬رأي‭ ‬السيدة‭ ‬فيروز‭ ‬حين‭ ‬غنت‭ ‬‮«‬زروني‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬مرة‭ !!‬‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬محافظ‭ ‬مصرف‭ ‬ليبيا‭ ‬المركزي‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬السيولة‭ ‬ولتْ‭ ‬إلى‭ ‬زوال‭ ‬‮«‬وأن‭ ‬الكاش‭ ‬سيغرق‭ ‬المصارف،‭ ‬وينهي‭ ‬النقاش،‭ ‬ظلت‭ ‬مجرد‭ ‬وعود‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬الواقع

السيد‭ / ‬خليفة‭ ‬صوان‭ -‬مدير‭ ‬مدرسة‭ ‬سابق‭:‬

اعتبر‭ ‬أن‭ ‬شح‭ ‬السيولة‭ ‬مشكلة‭ ‬الكل،‭ ‬لا‭ ‬معصم‭ ‬منها،‭ ‬ورأى‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬الخاص‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬الحلول‭ ‬لهذه‭ ‬المعضلة،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لديه‭ ‬بطاقة‭ ‬حوالة،‭ ‬ولم‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬استخراجها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬نسحب‭ ‬إما‭ ‬بدفتر‭ ‬الشيكات،‭ ‬أو‭ ‬ببطاقة‭ ‬الصديق،‭ ‬أو‭ ‬استعين‭ ‬بالمجمد‭.‬

‭- ‬سألته‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المجمد؟‭.‬

أجاب‭: ‬هو‭ ‬مبلغٌ‭ ‬اقتصده‭ ‬من‭ ‬المرتب‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬شهر‭  ‬من‭ ‬المرتب،‭ ‬أو‭ ‬بالاشتراك‭ ‬في‭ ‬الجمعيات‭ ‬فكرة‭ ‬جد‭ ‬عظيمة‭ ‬وأرى‭ ‬بها‭ ‬الحل‭ ‬لمشكلة‭ ‬السيولة‭ ‬لدي،‭ ‬مهما‭ ‬بلغتْ‭ ‬مقدار‭ ‬رسوم‭ ‬الاشتراك،‭ ‬اضافة‭ ‬إلى‭ ‬التقنين‭ ‬في‭ ‬بند‭ ‬المصروفات‭ ‬في‭ ‬البيت‭. ‬

أما‭ ‬السيد‭ / ‬سالم‭ ‬الغرياني؛‭ ‬فاوعز‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المصرف‭ ‬يُدار‭ ‬بعقل‭ ‬أشخاص‭ ‬لا‭ ‬بعقل‭ ‬دولة،‭ ‬بما‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬القرارات‭ ‬في‭ ‬مصرف‭ ‬ليبيا‭ ‬المركزي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬عامة‭ ‬ما‭ ‬عادت‭ ‬تبني‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬وطنية‭ ‬اقتصادية‭ ‬شاملة‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬مزاج‭ ‬أشخاص‭ ‬ومصالح‭ ‬ضيقة‭ ‬وتوازنات‭ ‬سياسية‭ ‬مؤقته‭ ‬ولعلي‭ ‬اوضح‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ :‬

أولًا‭ : ‬عقل‭ ‬الدولة؛‭ ‬عقل‭ ‬الدولة‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬القرار‭ ‬المالي‭ ‬يتخدر‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مصلحة‭ ‬عامة‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬الليبيين‭ ‬شرقًا‭ ‬غربًا،‭ ‬وجنوبًا‭ ‬

رؤية‭ ‬اقتصادية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬أرقام‭ ‬ودراسات‭ ‬ومؤشرات‭ ‬مؤسسية‭ ‬وشفافية‭ ‬تجعل‭ ‬كل‭ ‬إجراء‭ ‬خاضع‭ ‬للرقابة‭ ‬والمحاسبة‭.‬

الفصل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬قرارات‭ ‬المصرف‭ ‬بتغير‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬الوزير،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬عندما‭ ‬يدار‭ ‬المصرف‭ ‬بعقل‭ ‬دولة‭ ‬فهو‭ ‬يخدم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لا‭ ‬الأشخاص‭.‬

ثانيًا‭:‬عقل‭ ‬الأشخاص‭: ‬أما‭ ‬عقل‭ ‬الأشخاص‭ ‬فيعني‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬المالي‭ ‬يتخذ‭ : ‬حسب‭ ‬رغبات‭ ‬محافظ‭ ‬المصرف،‭ ‬أو‭ ‬الدائرة‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬بضغط‭ ‬سياسي‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬نفود،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬تتحوَّل‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحجم‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬أفراد‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مؤسسة‭ ‬تحكمها‭ ‬القوانين‭ ‬واللوائح‭ ‬

ثالثَا‭:‬‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬عدم‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬السيولة‭ ‬بين‭ ‬المناطق،‭ ‬وقرارات‭ ‬متناقضة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬‮«‬مرة‭ ‬توحيد‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،مرة‭ ‬تمييز‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬شفافية‭ ‬في‭ ‬الاعتمادات‭ ‬والتحويلات،‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬لان‭ ‬المصرف‭ ‬يرى‭ ‬وكأنه‭ ‬يخدم‭ ‬جهة‭ ‬دون‭ ‬أخرى‭.‬

الخلاصة‭ .. ‬عندما‭ ‬يدار‭ ‬مصرف‭ ‬بعقل‭ ‬دولة‭ ‬تبني‭ ‬مؤسسات‭ ‬قوية،‭ ‬وعندما‭ ‬يدار‭ ‬بعقل‭ ‬أشخاص‭ ‬تبني‭ ‬مصالح‭ ‬مؤقتة‭ ‬علي‭ ‬انقاض‭ ‬التقة‭ ‬والاقتصاد‭ .‬

‭- ‬السيد‭ .‬امحمد‭ ‬القندي‭-‬من‭ ‬براك‭ ‬الشاطيء،‭ ‬عن‭ ‬مدينته‭ ‬براك‭ ‬الشاطي‭ ‬السيولة‭ ‬في‭ ‬المصرف‭ ‬التجاري‭ ‬موجودة،‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭  ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬وزع‭ ‬1000دينار‭ ‬اما‭ ‬مصرف‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬سبها‭ ‬وزع‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬السيولة‭ ‬‮«‬شهادة‭ ‬لله‭ ‬ناقصة»طبعا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬‮«‬عطونا‭ ‬2000دينار‭ ‬من‭ ‬الشباك‭ ‬والف‭ ‬الباقية‭ ‬من‭ ‬ماكينة‭ ‬السحب‭ ‬وطوابير‭ ‬وقصص،‭ ‬وكان‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬المواطن‭.‬

‭- ‬أما‭ ‬محمد‭ ‬البيباص‭:‬

نحنا‭ ‬مرتباتنا‭ ‬حوافظ‭ ‬مش‭ ‬‮«‬راتبك‭ ‬لحظي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬اتقاضَ‭ ‬مرتبي‭ ‬عملية‭ ‬السحب‭ ‬عبر‭ ‬المصرف‭ ‬عملية‭ ‬معقدة‭ ‬على‭ ‬مراحل،‭ ‬والعمولة‭ ‬1‮٠‬دينارات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬سحبة،‭ ‬والعمولة‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬الخاص‭ ‬‮«‬كل‭ ‬واحد‭ ‬وتسعيرته‮»‬،‭ ‬مادامت‭ ‬الدولة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬السيولة‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬بالبطاقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ :‬

‭)‬الغذائية،‭ ‬المخبز،‭ ‬الخياط،‭ ‬محطة‭ ‬الوقود،‭ ‬الخضار‭( ‬الكل‭ ‬ويكون‭ ‬فيه‭ ‬منظومة‭ ‬زّي‭ ‬النّاس‭ ‬مش‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬واقفة‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬الشخص‭ ‬ياخذ‭ ‬بضاعته‭ ‬تامة‭ ‬‮«‬يجي‭ ‬يخلص‭ ‬يقولوله‭ ‬المنظومة‭ ‬واقفة‮»‬

‭- ‬السيد‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬محمد‭ – ‬الخمس‭ ‬قال‭:‬

‭ ‬إن‭ ‬السيولة‭ ‬متوفرة‭ ‬في‭ ‬فروع‭ ‬مصارف‭ ‬الجمهورية‭ ‬سواء‭ ‬بالشيك،‭ ‬أو‭ ‬الماكينة،‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬المزعج‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬الطوابير‭ ‬الممتدة‭ ‬والطويلة‭ ‬جدًا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ساعتين،‭ ‬وعلي‭ ‬اي‭ ‬حال‭ ‬عندنا‭ ‬ان‭ ‬نقف‭ ‬في‭ ‬الطابور‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬لاتكون‭ ‬هناك‭ ‬سيولة‭ ‬ابدا‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى