رأي

لحن الحرية

هاشم شليق

قال‭ ‬‮«‬لينين‮»‬‭ : ‬لا‭ ‬يمكنكَ‭ ‬أن‭ ‬تصنع‭ ‬ثورة‭ ‬بالقفازات‭ ‬البيضاء‭.. ‬لكني‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬‮«‬فيديل‭ ‬كاسترو‮»‬‭ : ‬بأن‭ ‬الثورة‭ ‬ليستْ‭ ‬طريقًا‭ ‬مفروشًا‭ ‬بالورود‭..‬ليؤكد‭ ‬المفكر‭ ‬‮«‬جالبريت‮»‬‭ ‬في‭ ‬مخطوطة‭ ‬ما‭ ‬بأن‭ ‬الثورة‭ ‬ليستْ‭ ‬حدثًا‭ ‬بل‭ ‬عملية‭ ‬مستمرة‭..‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يكتنف‭ ‬الضبابُ‭ ‬مشهدَ‭ ‬فبراير‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬سعي‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬المجاهرة‭ ‬بالتحديات‭ ‬القائمة،‭ ‬وماهية‭ ‬ديناميكية‭ ‬التحديثات‭ ‬بهدف‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سقف،‭ ‬توقعات‭ ‬المواطن‭ ‬ويتم‭ ‬طرحه‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬علنية،‭ ‬ومباشرة‭ ‬أمام‭ ‬عينيه‭ )‬لماذا‭ ‬نعم،‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭(‬‭.‬

فقد‭ ‬نجحتْ‭ ‬الثورةُ‭ ‬الأمريكية‭ ‬يومًا‭ ‬لأنها‭ ‬كانتْ‭ ‬لديها‭ ‬أهدافٌ‭ ‬واضحة‭ ‬للأمريكان،‭ ‬والغرباء‭..‬حيث‭ ‬إنّ‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬تحديد‭ ‬مسار،‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬آخر‭ ‬سابق‭ ‬يضمن‭ ‬بالحجة‭ ‬والإقناع‭ ‬تناغم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وانتعاش‭ ‬مزاج‭ ‬العامة‭..‬مثلما‭ ‬نجحتْ‭ ‬البلشفية‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬بسبب‭ ‬استيعابها‭ ‬للطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬الغالبة‭..‬كما‭ ‬أن‭ ‬جذب‭ ‬النَّاس‭ ‬إلى‭ ‬فعاليات‭ ‬متنوعة‭ ‬وبالأخص‭ ‬غير‭ ‬مناسباتية‭ ‬يعد‭ ‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية؛‭ ‬فقد‭ ‬اكتسبت‭ ‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭ ‬زخمًا‭ ‬لأنها‭ ‬حظيتْ‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬طبقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مختلفة‭ ‬نتيجة‭ ‬لإقامة‭ ‬مناشط‭ ‬صغيرة،‭ ‬وحاشدة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭.. ‬تقريبًا‭ ‬وليس‭ ‬قياسًا‭ ‬مثل‭ ‬وقوف‭ ‬الخطباء‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬‮«‬بيكاديلي‮»‬‭ ‬اللندنية‭ ‬أمام‭ ‬جمهرة‭ ‬من‭ ‬النَّاس‭ ‬وربما‭ ‬يحدث‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬تواصل‭ ‬الإنترنت‭ ‬الإجتماعي‭.‬

إن‭ ‬مساهمة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الإعلامية‭ ‬والمنصات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وشبكات‭ ‬المعلومات‭ ‬خطوة‭ ‬ضرورية‭ ‬حتى‭ ‬تسير‭ ‬الثورة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مخطط‭ ‬لها‭..‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬الأجيال‭ ‬بمثابة‭ ‬نهر‭ ‬لا‭ ‬يمل‭ ‬ولا‭ ‬يكل‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تكيف‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬المستجدات‭..‬

فقد‭ ‬سمحتْ‭ ‬مسيرة‭ ‬‮«‬ماو‭ ‬تسي‭ ‬تونج‮»‬‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬صفوفها‭ ‬الشبان‭ ‬الشيوعيين‭ ‬ببقاء‭ ‬الدولة‭ ‬وإعادة‭ ‬التجمع‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬النكسات‭..‬وعلينا‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬عديد‭ ‬الثورات‭ ‬نجحت‭ ‬بمساعدات‭ ‬أجنبية‭ ‬أو‭ ‬تحالفات‭ ‬مثلما‭ ‬تلقت‭ ‬الثورة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دعمًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭..‬لكن‭ ‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭ ‬بدورها‭ ‬شهدتْ‭ ‬صراعات‭ ‬داخلية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬اليعاقبة‭ ‬والجيرونديين‮»‬‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى‭ ‬وصعود‭ ‬نابليون‭..‬إذن‭ ‬الفوز‭ ‬بالثورة‭ ‬شيء‭ ‬والتسيير‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭..‬فقد‭ ‬أطاحت‭ ‬الثورة‭ ‬الهايتية‭ ‬بالحكم‭ ‬الفرنسي‭ ‬ولكن‭ ‬أعقب‭ ‬ذلك‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬لغياب‭ ‬المصالحة‭ ‬الوطنية‭..‬

كما‭ ‬فشلت‭ ‬كومونة‭ ‬باريس‭ ‬عام‭ ‬1871‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬واستراتيجية‭ ‬الخطوة‭ ‬التالية‭..‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ركن‭ ‬سكان‭ ‬المدينة‭ ‬إلى‭ ‬التسيب‭ ‬واللا‭ ‬إنتماء‭ ‬وجعلوا‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ ‬كاهلاً‭ ‬ثقيلاً‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬المسؤولين‭ ‬وحدهم‭..‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدَّد‭ ‬قال‭ ‬‮«‬جيفارا‮»‬‭ ‬إنّ‭ ‬الثورة‭ ‬ليستْ‭ ‬تفاحة‭ ‬ننتظرها‭ ‬حتى‭ ‬تنضج،‭ ‬ثم‭ ‬نتركها‭ ‬تسقط‭..‬في‭ ‬النهاية‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬الثورات‭ ‬السابقة‭ ‬مفاهيم‭ ‬الرأسمالية‭ ‬والاستعمار،‭ ‬والليبرالية‭ ‬والإشتراكية‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬تنتهِ‭ ‬فصول‭ ‬الجلاد،‭ ‬والضحية،‭ ‬وظلت‭ ‬أغنية‭ ‬الحرية‭ ‬بلا‭ ‬لحن‭..‬وكما‭ ‬قال‭ ‬‮«‬برنارد‭ ‬شو‮»‬‭ ‬الحرية‭ ‬تعني‭ ‬المسؤولية،‭ ‬ولهذا‭ ‬يخشاها‭ ‬الجميع‭..‬ولحرية‭ ‬فبراير‭ ‬بابٌ‭ ‬بكل‭ ‬يدٍ‭ ‬مسؤولةٍ‭ ‬يُدقُ‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى