الرئيسيةزووم

لم نكن على تمام العصر ولم نحتفظ من ارثنا مانستر به وجوهنا

زكريا محمد

لم‭ ‬يعد‭ ‬شي‭ ‬كما‭ ‬كان‭ .. ‬بل‭ ‬أننا‭ ‬ضيعنا‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬لم‭ ‬ننجح‭ ‬نحن‭ ‬الليبيين‭ ‬في‭ ‬امتحان‭ ‬هويتنا‭ ‬وخرجنا‭ ‬صفرا‭ ‬على‭ ‬الشمال‭ ‬لا‭ ‬نحن‭ ‬ليبيين‭ ‬ولا‭ ‬نحن‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ .‬

لن‭ ‬اذهب‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬التقديم‭ ‬وهاهو‭ ‬شهر‭ ‬الله‭ ‬الفضيل‭ ‬يكاد‭ ‬يقفل‭ ‬ابوابه‭ ‬الصالحات‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬اذا‭ ‬فعلنا‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الشهر‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬مقصد‭ ‬لتشريعه‭ ‬الا‭ ‬التقرب‭ ‬الى‭ ‬الله‭ ‬بالعبادة‭ ‬وبالصالحات‭ ‬من‭ ‬الاعمال‭ ‬،‭ ‬التواد‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬اعانة‭ ‬المعتاز‭ ‬والصدقات‭ .. ‬لم‭ ‬نفعل‭ ‬شي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬اللهم‭ ‬الا‭ ‬النزر‭ ‬اليسير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ .. ‬قال‭ ‬لنا‭ ‬الحاج‭ ‬سالم‭ ‬العبار‭ ‬ونحن‭ ‬نسئله‭ ‬كيف‭ ‬قضي‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬فقال‭  (  ‬صراحة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الصيام‭ ‬والصلاة

‭ .. ‬قضيت‭ ‬وقتي‭ ‬كله‭ ‬احوس‭ ‬بين‭ ‬المولات‭ ‬والمحلات‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬حاجات‭ ‬للاسرة‭ ‬اجدها‭ ‬بورقة‭ ‬امامي‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ … ‬ثم‭ ‬اضاف‭ ‬صدقني‭ ‬انا‭ ‬لا‭ ‬اعرف‭ ‬ما‭ ‬اشتريه‭ ‬لاهل‭ ‬بيتي‭ ‬اسماء‭ ‬لا‭ ‬اعرف‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬سلطان‭ ‬ثم‭ ‬اهملني‭ ‬مغامرا‭ ‬بقوله‭ ‬صدقني‭ ‬حتى‭ ‬حليب‭ ‬الغولة‭ ‬صاروا‭ ‬يطلبونه‭ ‬ولربما‭ ‬يعدونه‭ ‬ضرورة‭ ‬للافطار‭ .‬‭) .‬

نحن‭ ‬لم‭ ‬نغادر‭ ‬هويتنا‭ ‬فقط‭ ‬حين‭ ‬اهملنا‭ ‬بسيط‭ ‬عاداتنا‭ ‬في‭ ‬الاكل‭ ‬والشرب‭ ‬ونحن‭ ‬نتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬صلاة‭ ‬وصياماً‭ .. ‬بل‭ ‬نحن‭ ‬جردنا‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬من‭ ‬مقاصده‭ ‬الدينية‭ ‬لنجعله‭ ‬مناسبة‭ ‬للطواقة‭ ‬والنفخة‭ ‬والبهرجة‭ .‬

وها‭ ‬نحن‭ ‬ندخل‭ ‬على‭ ‬ايام‭ ‬العيد‭ ‬الان‭ ‬وبنفس‭ ‬السلوك‭ ‬لكن‭ ‬بأكثر‭ ‬اسرافا‭ ‬ونوايا‭ ‬ابعد‭ ‬حدودا‭ ‬باتجاه‭ ‬الطواقة‭ ‬والنفخة‭ ‬والاستعراض‭ ‬عل‭ ‬الناس‭ ‬والتكبر‭ ‬عليهم‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬لاجيران‭ ‬لنا‭ ‬حالهم‭ ‬لا‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬يجتازوا‭ ‬عيدهم‭ ‬،‭ ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬اطفال‭ ‬بالعائلة‭ ‬ولا‭ ‬بالحي‭ ‬يفتقدون‭ ‬ثمن‭ ‬حذا‭ ‬،‭ ‬للعيد‭ ‬فمابالك‭ ‬لثمن‭ ‬ثوب‭ ‬للصلاة‭ ‬به‭ .‬

الحاج‭ ( ‬علي‭ ‬صابر‭ ‬الرقيعي‭ ) ‬أجابنا‭ ‬حين‭ ‬وجدناه‭ ‬بسوق‭ ‬للملابس‭ ‬يقتني‭ ‬عيد‭ ‬اولاده‭ ‬عن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬زمان‭ ‬والناس‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الان‭ ‬بقوله‭ ‬

‭ ‬ساجيبك‭ ‬بجملة‭ ‬واحدة‭ (‬زمان‭ ‬الناس‭ ‬كلها‭ ‬تعيد‭ ‬الفقير‭ ‬والغني‭ ‬كلها‭ ‬تلبس‭ ‬وتفرح‭ ‬ويلعبوا‭ ‬صغارهم‭ ‬ويعيدوا‭ )‬

حين‭ ‬سالته‭ ‬كيف‭ ‬؟؟

‭ ‬ابتسم‭ ‬بوجهي‭ ‬وقال‭ ‬لا‭ ‬تسألني‭ ‬كيف‭ ‬فالامر‭ ‬كالتسابيح‭ .. ‬بأختصار‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬امر‭ ‬الناس‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬الان‭ ‬كانوا‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬واحد‭ ‬والواحد‭ ‬في‭ ‬الكل‭ ‬الجيران‭ ‬والاقارب‭ ‬يعرفون‭ ‬بعضهم‭ ‬وظروفهم‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يشيل‭ ‬ذاك‭ ‬وذاك‭ ‬يشيل‭ ‬هذا‭ ‬وتمشي‭ ‬الامور‭ ‬ويعيد‭ ‬الجميع‭ ‬ويفرح‭ ‬وكلهم‭ ‬يحمد‭ ‬الله

اما‭ ‬الان‭ ‬فكل‭ ‬واحد‭ ‬لاهي‭ ‬في‭ ‬روحه‭ ‬الليبي‭ ‬توا‭ ‬حتى‭ ‬خوه‭ ‬مايفكر‭ ‬فيه‭ ‬واللي‭ ‬عنده‭ ‬يعيد‭ ‬اللي‭ ‬ماعنداش‭ ( ‬ميلزموش‭) ‬ع‭ ‬راي‭ ‬خوتنا‭ ‬المصريين‭ .‬

باختصار‭ .. ‬خسرنا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وخسرنا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬العيد‭ .‬

انا‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تجوالي‭ ‬الصحفي‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬همي‭ ‬الاسعار‭ ‬ولا‭ ‬وهم‭ ‬التخفيضات‭ .. ‬ولا‭ ‬خدمات‭ ‬التوصيل‭ .. ‬ولا‭ ‬التسويق‭ ‬الالكتروني‭ ‬لأني‭ ‬ساترك‭ ‬هذا‭ ‬للزملاء‭ ‬لكن‭ ‬همي‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬الليبيين‭ ‬أنفسهم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تغير‭ ‬فيهم‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬ضرورة‭ ‬العصر‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬التقنية‭ ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬وصلنا‭ ‬لمرحلة‭ ‬كرهنا‭ ‬فيها‭ ‬انفسنا‭ ‬فغيرنا‭ ‬قلوبنا‭ ‬وضماىرنا‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬غيرنا‭ ‬اثوابنا‭ .‬

جارتنا‭ ‬عمتى‭ (‬صالحة‭ ‬الفرجاني‭ ) ‬وكانت‭ ‬بزيارة‭ ‬لبيتنا‭ ‬وحين‭ ‬بادرتها‭ ‬بسؤال‭ ‬وين‭ ‬مواسم‭ ‬عيدكم‭ ‬عمتي‭ ‬صالحة‭ ‬؟‭. ‬

نظرت‭ ‬الي‭ ‬بشزر‭ ‬قائلة‭ (‬على‭ ‬اما‭ ‬مواسم‭ ‬تحكي‭ ‬هي‭ ‬بلاد‭ ‬مازال‭ ‬فيها‭ ‬مواسم‭ ) ‬ثم‭ ‬وكان‭ ‬الحنين‭ ‬استدعاها‭ ‬استمرت‭ ‬بالحديث‭ ‬بقولها‭ ‬

راحت‭ ‬ايام‭ ‬المواسم‭ ‬زمان‭ ‬هذيكا‭ ‬اللمة‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬العيلة‭ ‬الكبير‭ ‬حوش‭ ‬امي‭ ‬نجتمعوا‭ ‬عندها‭ ‬خوت‭ ‬مع‭ ‬كناين‭ ‬مع‭ ‬سلفات‭  ‬قبل‭ ‬العيد‭ ‬بيومين‭ ‬تحديدا‭ ‬بعد‭ ‬الختمة‭ ‬متع‭ ‬النراويح‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ ‬ايه‭ ‬الموسم‭ ‬يبداء‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬27رمضان‭ ‬وهات‭ ‬شن‭ ‬عندك‭ ‬مافيش‭ ‬شكون‭ ‬تخش‭ ‬ايديها‭ ‬فاضيات‭ ‬دقيق‭ ‬زيت‭ ‬سمن‭ ‬تمر‭ ‬معجون‭ ‬سكر‭ .. ‬امالا‭ ‬لزوم‭ ‬الكعك‭  ‬والغريبة‭ ‬والمقروض‭  ‬الكل‭ ‬مشارك‭ ‬مايجيش‭ ‬الكيد‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬وهذا‭ ‬مش‭ ‬للطواقة‭ ‬والنفخة‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬فالكل‭ ‬محسوب‭ ‬حتى‭ ‬الجارات‭ ‬يحضروا‭ ‬معانا‭ ‬مالا‭ ‬علاش‭ ‬اسماه‭ ‬موسم‭ ‬وعيد‭  ‬والصفرة‭ ‬اللي‭ ‬توتي‭ ‬هوني‭ ‬تعرف‭ ‬الصغار‭ ‬كلهم‭ ‬يلعبوا‭ ‬برا‭ ‬الحوش‭ ‬العربي‭ ‬انادوهم‭ ‬بالدور‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬يرفع‭ ‬صفرة‭ ‬يخي‭ ‬نتذكر‭ ‬كنا‭ ‬كل‭ ‬صفرة‭ ‬نحطوا‭ ‬فيها‭ ‬ورقة‭ ‬مكتوب‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬عمك‭ ‬فرج‭ .‬

ضحكت‭ ‬حينها‭ ‬وحين‭ ‬سئلتها‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬الضحكة‭ ‬أجابت‭ ‬صدقني‭ ‬ياولدي‭ ‬مرات‭ ‬تنحرق‭ ‬هذيكا‭ ‬الصفرة‭ ‬متع‭ ‬المقروض‭ ‬والله‭ ‬يعلم‭ ‬شن‭ ‬تاعبين‭ ‬فيها‭  ‬ينساها‭ ‬الكواش‭ ‬وتنحرق‭ ‬الغريبة‭ ‬كلها‭ ‬الا‭ ‬هذيكا‭ ‬الورقة‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭ ‬ماتنحرقش‭ ‬ويقعد‭ ‬اسم‭ ‬عمك‭ ‬فرج‭ ‬يللش‭ ‬بروحه‭  .‬

ايه‭ ‬ياولدي‭ ‬على‭ ‬هذيكا‭ ‬الايام‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬نتموا‭ ‬ونعسلو‭ ‬هذاكا‭ ‬المقروض‭ ‬نقسموه‭ ‬حصص‭ ‬للعيلة‭ ‬وحصص‭ ‬للجيران‭ ‬وحصص‭ ‬للي‭ ‬ما‭ ‬عنده‭ ‬حد‭ ‬كان‭ ‬الخير‭ ‬ياولدي‭ .. ‬وكان‭ ‬الموسم‭ ‬موسم‭ ‬والعيد‭ ‬عيد‭ ‬لاننا‭ ‬كنا‭ ‬كلنا‭ ‬نقف‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬الله‭ .‬

هنا‭ ‬وبحسرة‭ ‬انهت‭ ‬الحاجة‭ ‬صالحة‭ ‬حديثها‭ .‬

صحيح‭ ‬كان‭ ‬اللييين‭ ‬الذين‭ ‬عهدناهم‭ ‬ونعرفهم‭ ‬كلهم‭ ‬يقفون‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬الله‭ .. ‬وكانت‭ ‬النوايا‭ ‬الحسنة‭ ‬والقلوب‭ ‬كلها‭  ‬تهفو‭ ‬لحب‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭ ‬وكانوا‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬الفرصة‭ ‬الاهم‭ ‬ليفعلوا‭ ‬ذلك‭  ‬،‭ ‬الليبيين‭ ‬الذين‭ ‬لحقنا‭ ‬عليهم‭ ‬قديماً‭ ‬كان‭ ‬يجمعهم‭ ‬بيت‭ ‬واحد‭ ‬ويعلم‭ ‬الله‭ ‬كم‭ ‬اسرة‭ ‬تقطن‭ ‬فيه‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬بذاك‭ ‬البيت‭ ‬الكبير‭ ‬والجمع‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭ ‬واحد‭ ‬يبيت‭ ‬جائع‭ ‬فمابالك‭ ‬والحال‭ ‬حال‭ ‬عيد‭ .. ‬وقد‭ ‬استمر‭  ‬الامر‭ ‬كذلك‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬استقرت‭ ‬كل‭ ‬اسرة‭ ‬ببيت‭ ‬ونحكي‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬فترة‭  ‬السبعينات‭ ‬والثمانينات‭ ‬بل‭ ‬والتسعينات‭ ‬حتى‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى