
لم يعد شي كما كان .. بل أننا ضيعنا الزمان والمكان لم ننجح نحن الليبيين في امتحان هويتنا وخرجنا صفرا على الشمال لا نحن ليبيين ولا نحن غير ذلك .
لن اذهب طويلا في التقديم وهاهو شهر الله الفضيل يكاد يقفل ابوابه الصالحات ، ما اذا فعلنا طوال هذه الشهر والذي لا مقصد لتشريعه الا التقرب الى الله بالعبادة وبالصالحات من الاعمال ، التواد بين الناس اعانة المعتاز والصدقات .. لم نفعل شي من هذا اللهم الا النزر اليسير من الناس .. قال لنا الحاج سالم العبار ونحن نسئله كيف قضي الشهر الكريم فقال ( صراحة من غير الصيام والصلاة
.. قضيت وقتي كله احوس بين المولات والمحلات في قضاء حاجات للاسرة اجدها بورقة امامي كل صباح … ثم اضاف صدقني انا لا اعرف ما اشتريه لاهل بيتي اسماء لا اعرف لها من سلطان ثم اهملني مغامرا بقوله صدقني حتى حليب الغولة صاروا يطلبونه ولربما يعدونه ضرورة للافطار .) .
نحن لم نغادر هويتنا فقط حين اهملنا بسيط عاداتنا في الاكل والشرب ونحن نتقرب إلى الله صلاة وصياماً .. بل نحن جردنا حتى هذا الشهر الفضيل من مقاصده الدينية لنجعله مناسبة للطواقة والنفخة والبهرجة .
وها نحن ندخل على ايام العيد الان وبنفس السلوك لكن بأكثر اسرافا ونوايا ابعد حدودا باتجاه الطواقة والنفخة والاستعراض عل الناس والتكبر عليهم ، وكان لاجيران لنا حالهم لا يساعد على ان يجتازوا عيدهم ، وكأنه لا اطفال بالعائلة ولا بالحي يفتقدون ثمن حذا ، للعيد فمابالك لثمن ثوب للصلاة به .
الحاج ( علي صابر الرقيعي ) أجابنا حين وجدناه بسوق للملابس يقتني عيد اولاده عن الفرق بين الناس في عيد زمان والناس في عيد الان بقوله
ساجيبك بجملة واحدة (زمان الناس كلها تعيد الفقير والغني كلها تلبس وتفرح ويلعبوا صغارهم ويعيدوا )
حين سالته كيف ؟؟
ابتسم بوجهي وقال لا تسألني كيف فالامر كالتسابيح .. بأختصار لم يكن امر الناس كما هو الحال الان كانوا الكل في واحد والواحد في الكل الجيران والاقارب يعرفون بعضهم وظروفهم ، وهذا يشيل ذاك وذاك يشيل هذا وتمشي الامور ويعيد الجميع ويفرح وكلهم يحمد الله
اما الان فكل واحد لاهي في روحه الليبي توا حتى خوه مايفكر فيه واللي عنده يعيد اللي ماعنداش ( ميلزموش) ع راي خوتنا المصريين .
باختصار .. خسرنا الله في شهر رمضان وخسرنا الله في العيد .
انا ومن خلال تجوالي الصحفي هذا لن يكون همي الاسعار ولا وهم التخفيضات .. ولا خدمات التوصيل .. ولا التسويق الالكتروني لأني ساترك هذا للزملاء لكن همي هنا هو الليبيين أنفسهم ما الذي تغير فيهم هل هي ضرورة العصر هل هي التقنية هل نحن وصلنا لمرحلة كرهنا فيها انفسنا فغيرنا قلوبنا وضماىرنا بعد ان غيرنا اثوابنا .
جارتنا عمتى (صالحة الفرجاني ) وكانت بزيارة لبيتنا وحين بادرتها بسؤال وين مواسم عيدكم عمتي صالحة ؟.
نظرت الي بشزر قائلة (على اما مواسم تحكي هي بلاد مازال فيها مواسم ) ثم وكان الحنين استدعاها استمرت بالحديث بقولها
راحت ايام المواسم زمان هذيكا اللمة في بيت العيلة الكبير حوش امي نجتمعوا عندها خوت مع كناين مع سلفات قبل العيد بيومين تحديدا بعد الختمة متع النراويح ليلة القدر ايه الموسم يبداء من يوم 27رمضان وهات شن عندك مافيش شكون تخش ايديها فاضيات دقيق زيت سمن تمر معجون سكر .. امالا لزوم الكعك والغريبة والمقروض الكل مشارك مايجيش الكيد على حد وهذا مش للطواقة والنفخة على الناس فالكل محسوب حتى الجارات يحضروا معانا مالا علاش اسماه موسم وعيد والصفرة اللي توتي هوني تعرف الصغار كلهم يلعبوا برا الحوش العربي انادوهم بالدور كل واحد يرفع صفرة يخي نتذكر كنا كل صفرة نحطوا فيها ورقة مكتوب عليها اسم عمك فرج .
ضحكت حينها وحين سئلتها عن سر الضحكة أجابت صدقني ياولدي مرات تنحرق هذيكا الصفرة متع المقروض والله يعلم شن تاعبين فيها ينساها الكواش وتنحرق الغريبة كلها الا هذيكا الورقة سبحان الله ماتنحرقش ويقعد اسم عمك فرج يللش بروحه .
ايه ياولدي على هذيكا الايام وبعد ما نتموا ونعسلو هذاكا المقروض نقسموه حصص للعيلة وحصص للجيران وحصص للي ما عنده حد كان الخير ياولدي .. وكان الموسم موسم والعيد عيد لاننا كنا كلنا نقف حينها على باب الله .
هنا وبحسرة انهت الحاجة صالحة حديثها .
صحيح كان اللييين الذين عهدناهم ونعرفهم كلهم يقفون على باب الله .. وكانت النوايا الحسنة والقلوب كلها تهفو لحب الله ورسوله وكانوا يجدون في المناسبات الدينية الفرصة الاهم ليفعلوا ذلك ، الليبيين الذين لحقنا عليهم قديماً كان يجمعهم بيت واحد ويعلم الله كم اسرة تقطن فيه ولم يكن بذاك البيت الكبير والجمع الذي فيه واحد يبيت جائع فمابالك والحال حال عيد .. وقد استمر الامر كذلك حتى بعد ان استقرت كل اسرة ببيت ونحكي هنا على فترة السبعينات والثمانينات بل والتسعينات حتى .