مأزق الإعلام الخاص..
بعد ثورات الربيع العربي شهدت ليبيا ودول أخرى مرحلة سياسية جديدة وبرزت وسائل إعلام وتعابير يمكن اعتبارها دخيلة على مجتمعنا كالمناداة بالحقوق والحريات الخ… كانت نقطة التحول الرسمي منذ عام 2012 بصدور قرار المجلس الوطني الانتقالي المؤقت، بشأن إنشاء مجلس أعلى للإعلام حُددت اختصاصاته على النظام الأساسي للمجلس ولائحته الداخلية وعلى الإعلان الدستوري، لنتجاوز بذلك مرحلة الرقابة على الطريقة القديمة التي كانت الكتابة الصحفية فيها حسب إملاءات السلطة.
لتولد بعد ذلك ترسانة الإعلام الخاص ليصبح مالك المؤسسة الإعلامية هو من يمارس فرض مسار بديل عن السلطة الرسمية-السابقة- التي كانت في العادة تمارس القمع وتلجأ إليه كرقابة على الخطاب الإعلامي الأحادي الجانب الذي أطر أوربما ألغى المفهوم القديم للحقوق والحريات لتعود كمفاهيم -جديدة قديمة- وأثر هذا الاتجاه على أهم القيم الإخبارية والمهنية كالدقة والموضوعية وبقية الثوابت واضعاً الإعلام الخاص ورسالته في مأزق جديد.
يشبه البعض ممارسات رأس المال الذي يُسيير وسائل الإعلام بكتائب الإعدام الرمزي التي تدفع الأموال السخية لمحاصرة الإعلام المهني والنزيه وتحد من استقلالية وسائل الإعلام بممارسات التضييق والمنع من الوصول إلى المعلومات والتضليل وتشويه الحياة، تختصر “دوريس غربر” أستاذة العلوم السياسية بجامعة إلينوي، ورئيسة تحرير جريدة “الاتصالات السياسية” إشكالية الإعلام الخاص في الأنظمة الديمقراطية بالقول:-إن الاتصال السياسي في الأنظمة الديمقراطية يعني الحديث عن سياسة الأخبار، ودائماً ماتتشبع السياسة صراعاً في المجتمعات الديمقراطية، وفي هذه الحالة يدور الصراع حول السيطرة على أخبار السياسة وهو صراع،ويدور النزاع على مادة الأخبار والأخبار التي يجب تغطيتها وتشكيلها والمنظور الذي يجب أن تُبث من خلاله.
ربما بسبب سطوة المال السياسي وسيطرته على وسائل الإعلام –الخاص- يتم تغييب القضايا الوطنية المهمة وإغراق الرأي العام في نزاعات من شأنها إطالة أمد الأزمات المحلية لتصبح حرية التعبير التي تشكل صُلب التعددية الإعلامية التي أوجدت الإعلام الخاص مأزق آخر أشبه بسلاح ذو حدين.!