مأساة درنة..درس قاس .. وباب حقيقي للإصلاح

استعدادات الدولة الليبية لفصل الشتاء: بين دروس الماضي وتحديات الحاضر
تعاني ليبيا سنويًا من آثار شتوية تتراوح بين أمطار غزيرة، وفيضانات محلية، وأضرار بالبنية التحتية نتيجة التخطيط العمراني غير المنظم والأنظمة التصريفية غير الكافية. هذه المشاكل تتفاقم بسبب ضعف صيانة شبكات المياه والصرف والكهرباء، وتداخل الاختصاصات بين الجهات المحلية والوزارات، ونقص الإمكانيات لدى الحماية المدنية
بدون تدخل فوري ومنهجي، من المرجح استمراره وربما تكرار مشكلات السنوات السابقة؛ لكن بالإمكان تقليل الخسائر بشكل كبير عبر إجراءات تنظيمية وصيانة واستعداد طارئ منسق.
درنة… الدرس القاسي الذي لا يُنسى
كارثة درنة في خريف 2023 لم تكن مجرد حادث عابر، بل جرس إنذار هزّ وجدان الليبيين جميعًا. الانهيار المفاجئ للسدود وما تلاه من فيضانات مدمّرة كشف هشاشة البنية التحتية وخطورة الإهمال المزمن في الصيانة والتخطيط.
اليوم يطرح الشارع الليبي سؤالًا جوهريًا: هل ستستمر مأساة درنة ككابوس يلاحق المدن الأخرى، أم ستكون درسًا قاسيًا يفتح باب الإصلاح الحقيقي؟
إن ما حدث في درنة يجب أن يصبح نقطة تحوّل تاريخية تدفع إلى إعادة النظر في السياسات العمرانية، وفحص السدود والأنفاق والجسور، وتأسيس منظومة وطنية موحدة لإدارة مخاطر الكوارث. فإهمال الصيانة أو التراخي في الاستعداد لم يعد مجرد تقصير إداري، بل تهديد مباشر لحياة الأجيال القادمة.
تعاني ليبيا سنويًا من آثار شتوية تتراوح بين أمطار غزيرة، وفيضانات محلية، وأضرار بالبنية التحتية نتيجة التخطيط العمراني غير المنظم والأنظمة التصريفية غير الكافية. هذه المشاكل تتفاقم بسبب ضعف صيانة شبكات المياه والصرف والكهرباء، وتداخل الاختصاصات بين الجهات المحلية والوزارات، ونقص الإمكانيات لدى الحماية المدنية. بدون تدخل فوري ومنهجي، من المرجح استمرار – وربما تكرر – مشكلات السنوات السابقة؛ لكن بالإمكان تقليل الخسائر بشكل كبير عبر إجراءات تنظيمية وصيانة واستعداد طارئ منسق.
الوضع الراهن «نقاط رئيسية»
التخطيط العمراني والبناء
الانتشار الواسع للبناء غير المرخّص في المناطق الساحلية والضواحي أدّى إلى حجب مجاري المياه الطبيعية وعرقلة الشبكات التصريفية.
تطبيق قوانين البناء وضعيف في كثير من البلديات، ما يعني مبانٍ بأعمدة وأساسات غير مطابقة للمواصفات في بعض المناطق.
شبكات الصرف والمياه
شبكات الصرف في المدن الكبرى «طرابلس، بنغازي، مصراتة، الزاوية» غير كافية لاستيعاب أمطار غزيرة. نتيجة ذلك حدوث فيضانات شوارع وامتلاء مصارف بسرعة.
هناك تراكم نفايات في المصارف وحجب المزاريب يؤدي لانسدادها بسهولة خلال الأمطار.
الطرق والبنى التحتية
الطرق الرئيسية والثانوية تتأثر بانهيار أجزاء من الأسفلت وبظهور حفر نتيجة للمياه الراكدة وضعف الصرف. بعض الجسور الصغيرة قد تتعرض لتآكل أساساتها في مناطق الأودية.
إغلاق طرق ظرفي «ساعات إلى أيام» خلال السيول شائع في مواسم الشتاء.
المباني والمنشآت
انهيارات جزئية أو كاملة لمبانٍ قديمة أو مبانٍ بنت بشكل غير مطابق للمواصفات تسجل كل شتاء في مناطق متعددة، خصوصًا في المباني التي تعرضت مسبقًا لتآكل أو تهالك.
المدارس أحيانًا تتعرض لتسرب مياه ودخول فصول دراسية للفيضانات ما يفرض تعطيلًا جزئيًا أو كاملاً.
الطاقة والكهرباء
انقطاعات الكهرباء تزداد خلال الشتاء بسبب زيادة الأحمال وأعطال شبكات التوزيع، إضافة إلى صعوبات في توليد الطاقة «نقص وقود أو أعطال بمحطات التوليد».
ضعف القدرة على صيانة خطوط الضغط العالي ومتطلبات تأمين مولدات الطوارئ يؤثر على المستشفيات والمرافق الحيوية.
الخدمات الطارئة والحماية المدنية
الحماية المدنية تعمل في ظروف صعبة: معدات محدودة، تغطية جغرافية متفرقة، ونقص تنسيق بين الجهات المحلية والمركزية.
استجابة الطوارئ غالبًا ما تكون بطيئة في مناطق بعيدة أو داخل تجمعات شعبيّة غير مخدومة جيدًا.
ما يحدث عادةً خلال مواسم الشتاء نمط الحوادث «بناءً على سجلات السنوات السابقة حتى 2024»
فيضانات مفاجئة في شوارع المدن الساحلية بعد أمطار غزيرة يومية أو عاصفة مطرية.
إغلاق طرق محلية ورئيسية لساعات أو أيام «خاصة عبر الأودية والأنفاق».
انهيارات جزئية في مبانٍ قديمة أو مبانٍ بنت دون أساسات مناسبة أو دون تصريف جيد حول الأساسات.
كثرة الشكاوى من ضعف التيار الكهربائي وانقطاعه المتكرر، وتأثر خدمات الاتصالات في حالات الطوارئ.
تعطيل جزئي أو كامل لبعض المدارس «عطلات طارئة»حفاظًا على سلامة الطلاب أو بسبب عدم إمكانية وصول العاملين.
تزايد حالات الأمراض التنفسية والجلدية بعد الأمطار في بعض المناطق نتيجة الرطوبة وتراكم المياه.
لا يحدث تساقط ثلج في معظم ليبيا إلا نادرًا وفي قمم جبلية محدودة «مثل مناطق مرتفعات الجبل الغربي/الجبل الأخضر في بعض الأعوام الباردة جداً».
هل ستستمر «ماساة السنوات السابقة» هذا العام؟
العامل الحاسم ليس «الشتاء» ذاته قدر ما هو قدرة الجهاز الحكومي والبلديات على الاستعداد المبكر وتنفيذ مهام الصيانة والتنسيق. عوامل تدعم احتمال تكرار الأزمات:
تأخر صيانة مصارف ومجاري مياه؛
استمرار البناء العشوائي وعدم إزالة عوائق مجاري المياه؛
ضعف التغطية بالمعدات اللازمة للحماية المدنية؛
ضغوط اقتصادية قد تقلل من توافر الوقود وقطع الغيار.
بالمقابل، خطوات بسيطة ومكثفة قبل دخول فصل الشتاء «تنظيف مصارف، صيانة خطوط الكهرباء الحرجة، تأمين مخزون وقود للطوارئ، زيادة جاهزية فرق الإنقاذ» يمكن أن تخفف الخسائر بشكل ملحوظ.
وهل ستقبل الحكومة بتوصيات عملية وتاخدها بعدين الاعتبتار خاصة امها تصدر من السلطة الرابعة والصوت الحقيقي للمواطن الليبي.
1. إعلان حالة الطوارئ الاستباقية في المناطق المعرضة «إن أمكن» وتوجيه أولويات الصيانة.
2. حملات تنظيف عاجل للمصارف والشوارع بتنسيق الوزارة المعنية مع البلديات قبل موسم الأمطار.
3. صيانة شبكات الكهرباء الحرجة «محطات ضخ المياه، مستشفيات، محطات الاتصالات» وتأمين مخزون وقود مُدارة.
4. خريطة سريعة للمخاطر تضعها وزارة الحكم المحلي/الحماية المدنية تحدد المناطق التي تعاني تاريخيًا من فيضانات وانهيارات.
5. رفع جاهزية الحماية المدنية: وحدات متنقلة، قوارب صغيرة، مضخات طرد مياه، وإنشاء مراكز استقبال مؤقتة.
6. تنسيق إعلامي يومي: نشر توقعات الأرصاد والتحذيرات عبر وسائل الإعلام الرسمية ومواقع البلديات لتبليغ السكان.
7. تطبيق عقوبات على البناء المخالف وإجراءات إخلاء/تثبيت للمباني في مناطق الخطر.
للبلديات والمحليّات
1. أولوية تنظيف المجاري ومخارج الأودية وإزالة العوائق خلال أسبوعين قبل الأمطار المتوقعة.
2. تقييم الأبنية الهشّة وإعلام السكان وتعليق استخدام بعض المنشآت إن لزم.
3. فتح خطوط اتصال طوارئ «أرقام واتساب/هواتف» ونشرها في كل حي.
4. تنسيق نقل الطلبة أو تحديد مدارس بديلة جاهزة لاستقبال الطلاب إذا تعذر الوصول.
أما المواطنين لهم دور كبير لأزحة التعب منها ما يلي .
1. تنظيف المزاريب أمام بيوتهم والتأكد من عدم ردم ممرات المياه.
2. تأمين مستلزمات الطوارئ: مصباح، بطاريات، ماء للشرب، أدوية أساسية، حقيبة إسعافات.
3. تجنّب المرور داخل مياه الفيضانات حتى مياه بسيطة قد تخفي حفرة أو تيار قوي.
4. تأمين الوثائق الهامة في مظروف مضاد للماء أو نسخة رقمية محفوظة سحابياً.
5. متابعة النشرات الرسمية والتحذيرات وعدم نشر إشاعات قد تربك الناس.
مؤشرات قياس أداء يمكن استخدامها لقياس التحسّن
نسبة شبكات الصرف المُنظّفة قبل الموسم «هدف 90%».
عدد وحدات الحماية المدنية المجهزة والجاهزة للانطلاق خلال ساعة «زيادة سنوية».
زمن الاستجابة للحوادث الطارئة «هدف تقليل متوسط الزمن بنسبة 30% خلال موسم واحد».
عدد المدارس التي وضعت خطط طوارئ وتدريبات للكوادر «هدف 100% للمدارس في المناطق المعرضة».
مصادر للتحقق «مقترحة لمراجعتك»انظر إلى بيانات وتقارير:
الهيئة العامة للأرصاد الجوية الليبية «توقعات وتحذيرات».
إدارة الحماية المدنية «تقارير جاهزية ومخازن المعدات».
وزارة الحكم المحلي أو البلديات المحلية «خطط الطوارئ وأعمال النظافة».
الشركة العامة للكهرباء «بيانات الجاهزية وقطع الغيار».
«يمكنني البحث وتزويدك بروابط وتقارير محددة إذا سمحت لي بتصفّح الإنترنت».
المخاطر الشتوية في ليبيا ليست عابرة أو مفاجئة هي نتيجة تراكم ضعف التخطيط العمراني، وصيانة شبكات الصرف والكهرباء، ونقص تجهيزات الحماية المدنية. إذا اتخذت الدولة والبلديات خطوات استباقية مركّزة خلال أسابيع ما قبل الموسم تنظيف المصارف، صيانة المحطات الحرجة، تجهيز مراكز طوارئ وتنسيق إعلامي، فهناك فرصة حقيقية لتقليل الخسائر بشكل كبير هذا العام. أما إذا بقيت السياسات على حالها وأُهملت أعمال الصيانة، فهناك احتمال كبير لتكرار معاناة السنوات السابقة.