![](https://febp.ly/wp-content/uploads/2025/01/أمين-مازن-.jpg)
ربما كان ضروريًا أن تَنْظَمَّ روسيا إلى قائمة الدول التي تواصلت ولو متأخرًا مع الإدارة السورية الجديدة وهي تخلف بشار الأسد، ذلك أن ما كان له أن يصمد أمام زوابع الربيع العربي لولا الدعم الروسي والذي ما كان له أن يكون لولا المصالح الروسية التي تهون أمامها أي أثمان، حتى كانت التطورات الأخيرة التي اقتضت تمرير سقوط النظام دون المساس بأمن بشار ومن رؤيَ أن يشمله الحفاظ عليه، عندما أُعلِنَ عن اختفائه بعد حيرة دامت بعض الوقت، لم يكن خارجها على الأرجح مصلحة روسيا في سوريا البلد والدور الخاص والمستقبل.
لقد استغرق اللقاء من الوقت، كما أُعلِنَ، ثلاث ساعات تركزت على تعزيز العلاقات بين البلدين، والتي تشمل ضمن ما تشمل الوجود العسكري المتمثل على نحوٍ خاصٍ في قاعدتي طرطوس وحميميم، وما تبادله الطرفان من العطاء المتبادل وتحقق الصالح المشترك، ولم يصدر عن الطرف الروسي ما يتعلق باستمرار بقائه العسكري من عدمه، كما لم يؤكد أو ينفِ ما أُشيع عن نقل المعدات الروسية تجاه القواعد الروسية الموجودة بالداخل الليبي، والذي استُدِلَّ عليه من زيادة الرحلات الجوية بين سوريا والمطارات الليبية. إنها الزيادة التي لا يستدعيها غير نقل المعدات بين سوريا التي شهدت المتغير وليبيا حيث يتحدث أكثر من طرفٍ غربي، وتُعيد بعد ذلك وسائل الإعلام المُصطفة والمستبشرة بكل نبأٍ يذاع أو يُنشَر في الخصوص، أملًا في أنه سيكون خير ما يديم نعمة السلطة ولو كانت هذه السلطة أقوى المستمسكات على ارتداء التبعية المخجلة.
لقد كان ضروريًا وباعثًا على الحد الأدنى من الاطمئنان لو امتلك هؤلاء المعتاشون على وسائل بثنا المرئي والممول، أقل من قليل الوعي الذي يفيد بأن روسيا اليوم ليست ورسيا الأمس التي تبدو ظاهريًا على الأقل مختلفة مع الغرب بقدر ما هي شريك دائم التنسيق مع أقوى قنواته، ومع أن المراقبين الوطنيين قد أدركوا ذلك منذ الانسحاب الأمريكي من شرق أسيا وخروج الروس من مصر، ومتغيرات التسعينيات التي بدأت بهدم جدار برلين وتفكك المنظومة الاشتراكية وتخلّي روسيا عن النهج نهائيًا، إلا أن الطموح الروسي حيث هو سواء حكم القياصرة أو ستالين، وأن دور بوتِن لن يتغير، وعلاقته بترامب لن تزول، وعندما يتواصل الاثنان فليس من أجل الهوايات أو الشهوات، وإنما المصالح والمصالح شديدة الارتباط بالأرض، وكل قلقٍ من التمدد لا يمكن فصله عن التسوية التي طالما شملت أكثر من معسكر وقد لا يُحسن الكل التعاطي معها، ونحن في ليبيا لا مناص لنا من فهم حقيقة أن استقلالنا نتاج الحرب الكونية، والربيع العربي وضعنا تحت الفصل السابع ولا مخرج لنا من أزمة الحكم من دون الإرادة الدولية، ويكفي أن نلقي نظرة على نفقات نوابنا ومجلس دولتنا وهيئة دستورنا وحكومتنا وبلدياتنا وكتائبنا التابعة لها والمنبثقة عنها، لنعرف أي مأزق نحن فيه واستحالة الخروج منه.