رأي

ماذا بعد اللقاء الروسي السوري ؟!

امين مازن

‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬ضروريًا‭ ‬أن‭ ‬تَنْظَمَّ‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تواصلت‭ ‬ولو‭ ‬متأخرًا‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬السورية‭ ‬الجديدة‭ ‬وهي‭ ‬تخلف‭ ‬بشار‭ ‬الأسد،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يصمد‭ ‬أمام‭ ‬زوابع‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬لولا‭ ‬الدعم‭ ‬الروسي‭ ‬والذي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لولا‭ ‬المصالح‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬تهون‭ ‬أمامها‭ ‬أي‭ ‬أثمان،‭ ‬حتى‭ ‬كانت‭ ‬التطورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬اقتضت‭ ‬تمرير‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بأمن‭ ‬بشار‭ ‬ومن‭ ‬رؤيَ‭ ‬أن‭ ‬يشمله‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه،‭ ‬عندما‭ ‬أُعلِنَ‭ ‬عن‭ ‬اختفائه‭ ‬بعد‭ ‬حيرة‭ ‬دامت‭ ‬بعض‭ ‬الوقت،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬خارجها‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬مصلحة‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬البلد‭ ‬والدور‭ ‬الخاص‭ ‬والمستقبل‭.‬

لقد‭ ‬استغرق‭ ‬اللقاء‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬كما‭ ‬أُعلِنَ،‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬تركزت‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬والتي‭ ‬تشمل‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬تشمل‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬المتمثل‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬خاصٍ‭ ‬في‭ ‬قاعدتي‭ ‬طرطوس‭ ‬وحميميم،‭ ‬وما‭ ‬تبادله‭ ‬الطرفان‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬المتبادل‭ ‬وتحقق‭ ‬الصالح‭ ‬المشترك،‭ ‬ولم‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬الطرف‭ ‬الروسي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستمرار‭ ‬بقائه‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يؤكد‭ ‬أو‭ ‬ينفِ‭ ‬ما‭ ‬أُشيع‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬المعدات‭ ‬الروسية‭ ‬تجاه‭ ‬القواعد‭ ‬الروسية‭ ‬الموجودة‭ ‬بالداخل‭ ‬الليبي،‭ ‬والذي‭ ‬استُدِلَّ‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬بين‭ ‬سوريا‭ ‬والمطارات‭ ‬الليبية‭. ‬إنها‭ ‬الزيادة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستدعيها‭ ‬غير‭ ‬نقل‭ ‬المعدات‭ ‬بين‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬المتغير‭ ‬وليبيا‭ ‬حيث‭ ‬يتحدث‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طرفٍ‭ ‬غربي،‭ ‬وتُعيد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المُصطفة‭  ‬والمستبشرة‭ ‬بكل‭ ‬نبأٍ‭ ‬يذاع‭ ‬أو‭ ‬يُنشَر‭ ‬في‭ ‬الخصوص،‭ ‬أملًا‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يديم‭ ‬نعمة‭ ‬السلطة‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭ ‬أقوى‭ ‬المستمسكات‭ ‬على‭ ‬ارتداء‭ ‬التبعية‭ ‬المخجلة‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬ضروريًا‭ ‬وباعثًا‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الاطمئنان‭ ‬لو‭ ‬امتلك‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعتاشون‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬بثنا‭ ‬المرئي‭ ‬والممول،‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬قليل‭ ‬الوعي‭ ‬الذي‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬روسيا‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬ورسيا‭ ‬الأمس‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬ظاهريًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬مختلفة‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬شريك‭ ‬دائم‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬أقوى‭ ‬قنواته،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬المراقبين‭ ‬الوطنيين‭ ‬قد‭ ‬أدركوا‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬شرق‭ ‬أسيا‭ ‬وخروج‭ ‬الروس‭ ‬من‭ ‬مصر،‭ ‬ومتغيرات‭ ‬التسعينيات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بهدم‭ ‬جدار‭ ‬برلين‭ ‬وتفكك‭ ‬المنظومة‭ ‬الاشتراكية‭ ‬وتخلّي‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬النهج‭ ‬نهائيًا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الطموح‭ ‬الروسي‭ ‬حيث‭ ‬هو‭ ‬سواء‭ ‬حكم‭ ‬القياصرة‭ ‬أو‭ ‬ستالين،‭ ‬وأن‭ ‬دور‭ ‬بوتِن‭ ‬لن‭ ‬يتغير،‭ ‬وعلاقته‭ ‬بترامب‭ ‬لن‭ ‬تزول،‭ ‬وعندما‭ ‬يتواصل‭ ‬الاثنان‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الهوايات‭ ‬أو‭ ‬الشهوات،‭ ‬وإنما‭ ‬المصالح‭ ‬والمصالح‭ ‬شديدة‭ ‬الارتباط‭ ‬بالأرض،‭ ‬وكل‭ ‬قلقٍ‭ ‬من‭ ‬التمدد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصله‭ ‬عن‭ ‬التسوية‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬شملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬معسكر‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يُحسن‭ ‬الكل‭ ‬التعاطي‭ ‬معها،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬استقلالنا‭ ‬نتاج‭ ‬الحرب‭ ‬الكونية،‭ ‬والربيع‭ ‬العربي‭ ‬وضعنا‭ ‬تحت‭ ‬الفصل‭ ‬السابع‭ ‬ولا‭ ‬مخرج‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية،‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬نلقي‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬نفقات‭ ‬نوابنا‭ ‬ومجلس‭ ‬دولتنا‭ ‬وهيئة‭ ‬دستورنا‭ ‬وحكومتنا‭ ‬وبلدياتنا‭ ‬وكتائبنا‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬والمنبثقة‭ ‬عنها،‭ ‬لنعرف‭ ‬أي‭ ‬مأزق‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬واستحالة‭ ‬الخروج‭ ‬منه‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى