الرئيسية

ماذا تبقى من فبراير ؟! من رومانسية الثورة إلى استحقاقات مؤجلة

تمثل‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬جل‭ ‬التعريفات‭ ‬حالة‭ ‬قطيعةمع‭ ‬وضع‭ ‬سابق‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬منعطف‭ ‬ينقل‭ ‬كيانًا‭ ‬مجتمعيًا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬فيه‭ ‬استحقاقاته‭ ‬المطلوبة‭ ‬آخر‭ ‬بديل‭ ‬يفترض‭ ‬فيه‭ ‬تلبية‭ ‬تلك‭ ‬المطالب،‭ ‬وهنا‭ ‬يحدث‭ ‬التباين‭ ‬بين‭ ‬ثورة‭ ‬وأخرى‭ ‬بحسب‭ ‬المعطيات‭ ‬السياسية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬والثقافية‭ ‬لكل‭ ‬بلد،‭ ‬وكذلك‭ ‬وجود‭ ‬مؤسسات‭ ‬نقابية‭ ‬ونخب‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬اضافة‭ ‬إلى‭ ‬الهيكل‭ ‬المؤسساتي‭ ‬العام،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬رئيسًا‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬تحقق‭ ‬مطالب‭ ‬التحوَّل‭ ‬أو‭ ‬تعثرها،‭ ‬أو‭ ‬انتكاسها‭. ‬

وفي‭ ‬الحالة‭ ‬الليبية‭ ‬يصف‭ ‬أحد‭ ‬الكتَّاب‭  ‬واقع‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬ويحدث‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬العشوائية‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬الأربعة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭  ‬المتحقق‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬تمدد‭ ‬نسبي‭ ‬لأجسام‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬بعضها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬جيد‭ ‬في‭ ‬النقاش،‭ ‬وفي‭ ‬دعم‭ ‬موجة‭ ‬الوعي،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬التي‭ ‬خضعت‭  ‬بعد‭ ‬تحررها‭ ‬من‭ ‬الخضوع‭  ‬للنموذج‭ ‬الثوري‭ ‬وبالأخص‭ ‬صورة‭ ‬البطل‭ ‬المسلح،‭ ‬وكانت‭ ‬فاعليته‭ ‬أفقية‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تحكي‭ ‬الأزمات‭ ‬وتقترح‭ ‬الحلول،‭ ‬وتتحمل‭ ‬الضريبة‭ ‬القيمية‭.‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬ولازالت‭ ‬رغم‭ ‬المساحات‭ ‬الايجابية‭ ‬رغم‭ ‬تواضعها‭ ‬تواجه‭ ‬تمدد‭ ‬جرافات‭ ‬الاقصاء‭ ‬تحاول‭ ‬تقليصها‭ ‬والتمدد‭ ‬على‭ ‬حسابها‭ ‬وتهميشها‭ ‬في‭ ‬خلطة‭ ‬مركبة‭ ‬تجتمع‭ ‬فيها‭ ‬المحاصصة‭ ‬والقبلية‭ ‬والجهوية‭ ‬وجشع‭ ‬المال‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬معضلة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬السياسي‭  . 

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تبقى‭ ‬الحالة‭ ‬الليبية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬فبراير‭ ‬هي‭ ‬جزءٌ‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬تاريخية‭ ‬شهدتها‭ ‬المستديرة‭ )‬شغف،‭ ‬حلم،‭ ‬انكسار‭ ‬ترقب،‭ ‬فراغ‭(‬،‭ ‬مشهد‭ ‬يصفه‭ ‬البعض‭ ‬بالمشوش،‭ ‬وآخرون‭ ‬بضريبة‭ ‬الفوضى‭ ..‬الخ‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬14‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬يتوجب‭ ‬الوقوف‭ ‬قليلاً‭ ‬لنعاين‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬وما‭ ‬يتوجب‭ ‬عمله‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬سيبقى‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬الزمن‭ ‬عبر‭ ‬ادوات‭ ‬الاستفهام‭ )‬لماذا،‭ ‬كيف،‭ ‬متى‭(.‬

للتحوَّل‭ ‬قوانينه‭ ‬وضريبته‭ ‬

للذكرى‭ ‬محطاتٌ‭ ‬مختلفة‭ ‬ينظر‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بحسب‭ ‬التحولات،‭ ‬والمنعطفات،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬توقفنا‭ ‬عند‭ ‬مصطلح‭ ‬الثورة،‭ ‬والثوار‭ ‬والحالة‭ ‬الرومانسية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬البدايات‭ ‬تشير‭ ‬الصحفية‭ ‬ابتسام‭ ‬اغفير‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ )‬الليبي‭ ‬اليوم‭(‬‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬كانت‭ ‬أشبه‭ ‬بشهر‭ ‬عسل‭ ‬قصير‭ ‬جدًا‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬الشرخ،‭ ‬أو‭ ‬الزلزال‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حاجزًا‭ ‬بيننا‭ ‬وبينها‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬لندخل‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬والنزوح‭ ‬والدمار؛‭ ‬لذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬ليّ‭ ‬كان‭ ‬التحوَّل‭ ‬الجوهري‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬لتتنفس‭ ‬بنغازي،‭ ‬ودرنة‭ ‬وكل‭ ‬مدن‭ ‬الشرق‭ ‬الصعداء‭  ‬لأن‭ ‬داعش‭ ‬كفكر‭ ‬كان‭ ‬يعارض‭ ‬منطق‭ ‬الحياة‭ ‬ذاتها‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬مبادئ‭ ‬فبراير‭ )‬العدالة،‭ ‬الحرية،‭ ‬القانون‭  ‬الدستور‭ .. ‬الخ‭(.‬

وتخلص‭ ‬اغفير‭ ‬بالقول‭ :‬‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬وصبر‭ ‬وتضحيات؛‭ ‬فاستحقاقات‭ ‬فبراير‭ ‬التي‭ ‬خرجنا‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬لازالت‭ ‬لم‭ ‬تتحقَّق‭ ‬بالكامل‭ ‬ويتطلب‭ ‬ذلك‭ ‬تكاتف‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الجغرافيا‭ ‬الليبية‭ .‬

بين‭ ‬الرمزية،‭ ‬والتجريد‭ ‬السياسي

الصحفية‭ ‬نجاح‭ ‬مصدق‭ ‬رئيسة‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ ‬الليبية‭ ‬‭ ‬ترى‭  ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬اندلاعها،‭ ‬تبدو‭ ‬ثورة‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬وقد‭ ‬تحوَّلتْ‭ ‬إلى‭ ‬طقس‭ ‬احتفالي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬حدثًا‭ ‬يعكس‭ ‬مشروعًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬مستمرًا‭.‬

ما‭ ‬تبقى‭ ‬منها‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬رموز‭ ‬شكلية‭ ‬علم‭ ‬يرفع،‭ ‬نشيد‭ ‬يُنشد،‭ ‬وذكرى‭ ‬سنوية‭ ‬تُستعاد‭ ‬بينما‭ ‬تلاشت‭ ‬ديناميكياتها‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تضج‭ ‬بالأمل‭ ‬والتغيير‭.‬

اليوم‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬فبراير‭ ‬تمثل‭ ‬ذلك‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬راهن‭ ‬عليه‭ ‬أنصارها،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬مشهدًا‭ ‬متكررًا‭ ‬يُعاد‭ ‬إنتاجه‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬دون‭ ‬مضمون‭ ‬سياسي،‭ ‬أو‭ ‬اجتماعي‭ ‬حقيقي‭. ‬أما‭ ‬من‭ ‬تصدروا‭ ‬المشهد‭ ‬حينها،‭ ‬فقد‭ ‬تفرقوا‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬انسحب‭ ‬إلى‭ ‬الظل،‭ ‬ومن‭ ‬وجد‭ ‬مصلحته‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬جديدة،‭ ‬ومن‭ ‬اختار‭ ‬الفرجة‭ ‬مكتفيًا‭ ‬بحصيلة‭ ‬ما‭ ‬جناه‭ ‬من‭ ‬مغامرة‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬العمق،‭ ‬فبراير‭ ‬اليوم‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬كيان‭ ‬مأزوم‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬هويته،‭ ‬كحالة‭ ‬ثورية‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬ملامحها،‭ ‬أو‭ ‬كدولة‭ ‬لم‭ ‬تنضج‭ ‬شروطها‭ ..‬هي‭ ‬أشبه‭ ‬بكيان‭ ‬سياسي‭ ‬فقد‭ ‬بوصلة‭ ‬أهدافه،‭ ‬فبقي‭ ‬عالقًا‭ ‬بين‭ ‬خطاب‭ ‬الطموح‭ ‬والتغيير‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وواقع‭ ‬التشرذم‭ ‬والانقسامات‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬كأنها‭ ‬فتاة‭ ‬خجولة‭ ‬تتزين‭ ‬بمبالغة‭ ‬كي‭ ‬تخفي‭ ‬عيوبها،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تواجه‭ ‬حقيقتها‭ ‬ولا‭ ‬تسعى‭ ‬لاستعادة‭ ‬جوهرها‭ ‬الأول‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬إن‭ ‬فبراير‭ ‬فتحتْ‭ ‬أبوابًا‭ ‬كانت‭ ‬موصدة،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬أطلقت‭ ‬أسئلة‭ ‬عن‭ ‬أحلام‭ ‬الليبيين‭ ‬المنتظرة‭ ‬وتطلعاتهم‭ ‬وفرّقتْ‭ ‬الليبيين‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬وحدتهم‭.‬بين‭ ‬مَنْ‭ ‬رأى‭ ‬فيها‭ ‬خلاصًا،‭ ‬ومَنْ‭ ‬اعتبرها‭ ‬مشروعًا‭ ‬مخطوفًا،‭ ‬ومَنْ‭ ‬بات‭ ‬يراها‭ ‬نموذجًا‭ ‬للعمالة،‭ ‬والتدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬تبدو‭ ‬فبراير‭ ‬اليوم‭ ‬حدثًا‭ ‬سياسياً‭ ‬بلا‭ ‬روح،‭ ‬مجرد‭ ‬ذكرى‭ ‬لا‭ ‬تنعكس‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬إلا‭ ‬كمادة‭ ‬احتفالية‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭.‬

لقد‭ ‬تحوَّلت‭ ‬الثورة‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬تغيير‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬رمزية،‭ ‬ومن‭ ‬حلم‭ ‬سياسي‭ ‬إلى‭ ‬إحراج‭ ‬لمن‭ ‬راهنوا‭ ‬عليها،‭ ‬وحسرة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬من‭ ‬علقوا‭ ‬عليها‭ ‬آمالًا‭ ‬كبرى‭.‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬فبراير‭ ‬تشبه‭ ‬نفسها،‭ ‬بل‭ ‬باتتْ‭ ‬كائناً‭ ‬سياسياً‭ ‬بلا‭ ‬انتماء‭ ‬حقيقي‭ ‬إلى‭ ‬أحلامها‭ ‬الأولى‭.‬

التاريخ‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سيحكم

إن‭ ‬تحتفل‭ ‬بذكرى‭ ‬ما‭ ‬فذلك‭ ‬يعني‭ ‬قناعتك‭ ‬الشخصية‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬ورضاك‭ ‬عما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الذكرى‭.‬

ويرى‭ ‬آخرون‭  ‬أن‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬كان‭ ‬يومًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬انتفض‭ ‬فيه‭ ‬معظم‭ ‬الليبيين‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬ديكتاتوري‭ ‬أضر‭ ‬بالوطن،‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬تخلفه‭ ‬وبفضله‭ ‬تم‭ ‬التخلّص‭ ‬منه‭.‬

البعض‭ ‬الأخر‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬مؤامرة‭ ‬خارجية‭ ‬لزعزعة‭ ‬أمن‭ ‬ليبيا‭ ‬ونشر‭ ‬الفوضى‭ ‬فيها‭.‬

والبعض‭ ‬الثالث‭ ‬يرى‭ ‬ما‭ ‬رآه‭  ‬الأول،‭ ‬ولكنه‭ ‬يؤمن‭ ‬بأن‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬سرقته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المتسلقين،‭ ‬والنفعيين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الاجندات‭ ‬الخارجيه‭. ‬كلٌ‭ ‬له‭ ‬رؤيته‭.‬

ويبقى‭ ‬الاحتفال‭ ‬رهينًا‭ ‬بهذه‭ ‬الرؤية‭… ‬البعض‭ ‬سيحتفل‭… ‬والبعض‭ ‬لن‭ ‬يحتفل‭… ‬الأمر‭ ‬عادي،‭ ‬ولا‭ ‬يتطلب‭ ‬هذه‭ ‬الضجة‭ ‬والخلاف‭… ‬فليحتفل‭ ‬مَنْ‭ ‬أراد‭ ‬وليمتنع‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬مَنْ‭ ‬أراد‭… ‬فالاحتفال‭ ‬ليس‭ ‬فرضًا‭… ‬والامتناع‭ ‬عنه‭ ‬أيضًا‭ ‬ليس‭ ‬بفرضٍ‭… ‬فــ‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬هو‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى‭ ‬المختلفة،‭ ‬وكل‭ ‬له‭ ‬مسبباته،‭ ‬وحججه‭ ‬فيما‭ ‬يرى‭ ‬والتاريخ‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سيحكم،‭ ‬وليس‭ ‬الرؤى‭ ‬الشخصية‭ ‬المتقلبة‭ ‬وفق‭ ‬الأحداث‭ ‬الحالية‭ ‬المعاشة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬والتي‭ ‬تتغير‭ ‬معطياتها‭ ‬بين‭ ‬وقت‭ ‬وآخر‭. .‬فكل‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭ ‬للمحتفلين،‭ ‬وكل‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬وأنتم‭ ‬من‭ ‬الصابرين‭ ‬للمعارضين‭ .. ‬وكل‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬وأنتم‭ ‬متقلبون‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والصبر‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يستقر‭ ‬لهم‭ ‬رأي‭. ‬وليختار‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يناسبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬لنا‭ ‬التاريخ‭ ‬ماهية‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬‭.. ‬وعندها‭ ‬سنحتفل‭ ‬معًا،‭ ‬أو‭ ‬نتوقف‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬معًا‭.‬

الجواب‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬السؤال‭ ‬

ناصر‭ ‬شتيوي‭ ‬عضو‭ ‬الجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬طرابلس‭ ‬قال‭ :‬

‭ ‬الجوابُ‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬السؤال‭ ‬ماذا‭ ‬كانتْ‭ ‬أهداف‭ ‬ثورة‭ ‬17‭ ‬فبراير؟،‭ ‬والجواب‭ ..‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أهداف‭ ‬الثورة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬النظام‭ ‬السابق،‭ ‬وإعتباره‭ ‬ثأرًا‭ ‬بين‭ ‬رأس‭ ‬النظام‭ ‬والشعب‭ ‬على‭ ‬سنين‭ ‬القهر‭ ‬والظلم،‭ ‬والتخلف،‭ ‬والإستبداد‭ ‬فقد‭ ‬نجحت‭ ‬الثورة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬تحقيق‭ ‬المواطنة‭ ‬وترسيخ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والبناء‭ ‬و‭ ‬المادي‭ ‬والإجتماعي‭ ‬والفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تحقَّق‭ ‬أي‭ ‬شئ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ .. ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬إجابة‭ ‬السؤال‭ ‬الأول‭ ‬ماذا‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬؟‭ ‬لم‭ ‬يبقَ‭ ‬منها‭ ‬شيئًا‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬فكرية‭ ‬راسخة‭ ‬جامعة‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد‭ .‬

مؤسسات‭ ‬خارج‭ ‬الخدمة

أحد‭ ‬النشطاء‭ .. ‬ومن‭ ‬وجهة‭  ‬نظر‭ ‬ثقافية‭ ‬يرى‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ثقافة‭ ‬ووزارتها‭ ‬لم‭ ‬تستنفر‭ ‬كافة‭ ‬الموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬لإعداد‭ ‬الخطط‭ ‬والمشاريع‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تبث‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬ولم‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬كيانات‭ ‬تنظيمية‭ ‬فعالة‭ ‬مختصة‭ ‬تعمل‭ ‬كبوتقة‭ ‬تُصهر‭ ‬فيها‭ ‬كافة‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬تقديم‭ ‬شيء‭ ‬للبلاد،‭ ‬ولم‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الكيانات‭ ‬الثقافية‭ ‬الناشئة‭ ‬المدفوعة‭ ‬بحماسة‭ ‬الشباب‭ ‬والمثقفين‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬لغياب‭ ‬الدعم‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬فعلة‭ ‬لتغيير‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬المشهد‭ .‬

كانت‭ ‬المشكلة‭ ‬ولازالت‭ ‬ثقافية،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬غلبت‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬الدور‭ ‬السياسي‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سياسي‭ ‬لن‭ ‬يتبلور‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬حقيقي‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬الرافد‭ ‬الثقافي‭ ‬والذي‭ ‬ظل‭ ‬ولازال‭ ‬الضلع‭ ‬الناقض‭ ‬في‭ ‬مربع‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬زمن‭ ‬الأنظمة‭ ‬الشمولية‭ ‬أو‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭..‬إن‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬أو‭ ‬تشويهه‭ ‬يساوي‭ ‬مجتمع‭ ‬‮«‬زومبي‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يعنيه‭  ‬الماضي،‭ ‬ولا‭ ‬الحاضر،‭ ‬ولا‭ ‬المستقبل‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى