
شهدتْ العاصمة طرابلس خلال شهر أكتوبر الجاري انطلاق فعاليات معرض النيابة العامة للكتاب، في بادرة ثقافية رائدة تهدف إلى ترسيخ الوعي بالقراءة ودعم المشهد الثقافي .. الحدث الذي حمل توقيع النيابة العامة، جاء ليؤكد أنَّ الثقافة القانونية جزءٌ من الثقافة العامة، وأنَّ المعرفة هي ركيزة العدالة والتنوير .. حظي المعرض باقبال واسع من المثقفين والطلاب والأكاديميين، في تظاهرة أعادتْ للكتاب مكانته بوصفه أداةً للتنوير وبناء الإنسان، رغم تحديات العصر الرقمي وتنامي الوسائط الإلكترونية .. جاء تنظيم المعرض ليمنح الفعل الثقافي بعدًا مؤسسيئًا جديدًا إذ يربط بين العدالة والوعي المجتمعي.. وقد أثنى الزوار والمشاركون على مبادرة النيابة العامة، معتبرين أنَّ إقامة معرض للكتاب تحت مظلة مؤسسة قضائية فكرة تحمل رمزية عميقة، وتدل على إدراك متزايد لأهمية الثقافة في ترسيخ القيم القانونية والأخلاقية.
صحيفة )فبراير( .. واكبتْ فعاليات المعرض طيلة أيامه؛ وأجرتْ عديد اللقاءاتٍ الميدانية مع بعض من ممثلي دور النشر المحلية، والعربية، مستعرضةً انطباعاتهم حول المشاركة في الحدث الثقافي، وتنوّع الإصدارات التي شملتْ )الأدب، الفلسفة، القانون، وعلوم الفكر، والاجتماع(.
دار )المأمون(للنشر والتوزيع الأردنية..تواصل ثقافي يعبر الحدود في حديثه لـ«فبراير»، عبّر السيد ياسر الوحيدي، ممثل دار )المأمون(، عن فخره بالمشاركة الأولى للدار في ليبيا، قائلًا:
نشعر بسعادة كبيرة ونحن نشارك في هذا الحدث الثقافي المميز في طرابلس.
المعرض يمثل جسرًا للتواصل بين الناشرين العرب، والقراء الليبيين، ويؤكد أنَّ الثقافة قادرة على تجاوز الحدود، وصنع التقارب بين الشعوب.
وأوضح الوحيدي أن دار )المأمون( قدمتْ في جناحها مجموعة متنوعة من الإصدارات، تتراوح بين الأدب العربي الكلاسيكي، والفكر الفلسفي، والدراسات القانونية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن الإقبال على الكتب الفكرية والقانونية كان لافتًا بينما ما نشارك به من كتب أخرى كان الإقبال عليها بسيطًا.
هذه المشاركة الأولى لنا في ليبيا، لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة، فقد وجدنا جمهورًا مثقفًا وشغوفًا بالمعرفة، وهذا ما يشجعنا على توسيع حضورنا في السوق الليبي خلال الدورات المقبلة.
دار الميزان المصرية .. الثقافة جسر الأخوّة العربية
من جانبه، تحدث السيد فوزي ربيع، ممثل دار )الميزان( للنشر والتوزيع من مصر، عن انطباعه الإيجابي تجاه المعرض قائلًا: «لقد أدهشنا التنظيم الدقيق والتنوع الكبير في المشاركات. المعرض رغم أنه في نسخته الثانية، إلا أنه يعكس نضجًا ثقافيًا واضحًا في ليبيا، ويؤكد رغبة حقيقية في إعادة الاعتبار للكتاب كوسيلة للوعي والبناء.
وأشار ربيع إلى أن جناح دار )الميزان( ضم إصدارات في الأدب والفلسفة والقانون، مؤكدًا أنّ اهتمام الجمهور الليبي بكتب الفكر والفلسفة كان واضحًا ومبشّرًا.
الثقافة فعل مقاومة، ومعارض الكتاب تثبت أن الفكر العربي لا يزال حيًّا ومؤثرًا. مشاركتنا في طرابلس خطوة لتعزيز التعاون الثقافي بين مصر وليبيا، فالكتاب أقوى جسر للتقارب بين الشعوب.
ويمكن القول إنّ الكتاب دليل ومصباح يكشف طريق الظلام
جامعة نالوت .. صوت العلم في فضاء الثقافة
على الصعيد المحلي، شاركتْ جامعة نالوت بجناح مميز عرضتْ فيه أبرز إصداراتها الأكاديمية.
وتحدث السيد فريد كافو ممثل الجامعة قائلاً:
وجود الجامعات في مثل هذه المعارض ضروري، لأنّ المعرفة الأكاديمية لا تكتمل إلا حين تصل إلى الجمهور العام. نحن نعمل على نشر الأبحاث والدراسات التي تعالج قضايا المجتمع الليبي في القانون والتاريخ والعلوم الإنسانية.
وأضاف إنّ المشاركة أفسحتْ المجال لتبادل الخبرات بين الجامعات ودور النشر العربية، مؤكدًا أن المعرض جمع بين «الكتاب الأكاديمي والرواية، بين الفكر والإبداع»، وهو ما يصنع الحراك الثقافي الحقيقي.
فعاليات ثقافية وندوات فكرية
تنوّعت فعاليات المعرض بين ندوات فكرية ناقشتْ قضايا حرية التعبير وحقوق النشر والملكية الفكرية، وأمسيات توقيع كتب لعدد من الأدباء الليبيين، والعرب.
كما خصَّصتْ الهيئة العامة للصحافة في جناحها الذي شهد حضورًا للأطفال حبًا وشغفًا في إصدارات الهيئة والمتمثلة في مجلة )الأمل( لتشجيع القراءة المبكرة، وورشًا مصغّرة حول كيف نصنع أطفالاً مبدعين في مجال الكتابة والرسم؟، ما أضفى على المعرض حضور عديد الأطفال من مدارس مختلفة حيث شهدت ورش العمل مشاركات متميزة لنواة المستقبل .
صوت الجمهور .. الكتاب لا يزال حيًّا
عبّر عدد من الزوار عن انطباعاتهم الإيجابية حول التنظيم وتنوع العناوين.
أحد الزائرين قال :
من الجميل أن نرى طرابلس تستعيد نبضها الثقافي. تنوع الكتب والناشرين أتاح لنا فرصة اكتشاف عناوين جديدة ومفكرين عرب لم نكن نعرفهم من قبل.
بينما قال أحد طلاب القانون:
المعرض فرصة ثمينة للاطلاع على أحدث الإصدارات القانونية، ويدل على اهتمام الدولة بالوعي القانوني إلى جانب الوعي الثقافي.
إقبال واسع ورسائل ثقافية قوية
الإقبال الجماهيري كان لافتًا في أيام المعرض. فالعائلات والأطفال وطلاب الجامعات والمحامون حضروا جميعًا، مما عكس شغف المجتمع الليبي بالكتاب والمعرفة.
وقد لاحظ الزوار تنوع دور النشر العربية المشاركة، من الأردن ومصر وتونس والمغرب، إلى جانب الدور الليبية التي عرضت أعمالًا جديدة لكتّاب محليين شباب.
يأتي تنظيم المعرض في وقت تسعى فيه ليبيا لاستعادة دورها الريادي في الحراك الثقافي العربي.
فطرابلس التي طالما كانت منارة للكتاب والفكر والفن، تعود اليوم لتؤكد أنها قادرة على أن تكون مركزًا ثقافيًا عربيًا فاعلًا.
المعرض حمل رسالة واضحة مفادها أن الثقافة هي الطريق الأقصر نحو الاستقرار، وأن الوعي الجمعي لا يُبنى إلا عبر القراءة والانفتاح على الفكر الإنساني.
بعد دور النشر اتجهنا بأسئلة لرواد المعرض وزواره؛ حيث لفت انتباههم تغيب مسؤولي الأجنحة عند ساعات الصباح الأولى من افتتاح منافذ دخول المعرض لتسهيل عملية البيع .
كما أشار الزوار تفاوت الأسعار لأغلب الكتب المعروضة التي يتعامل في بيعها حسب سعر الدولار في السوق الموازي.
وأوضح زوار المعرض أن تعامل البيع بالدولار أضعف اقتناء الكتاب الورقي سواء للطالب والباحث المختص .
وأن سعر الكتاب مرتبط بجودة ورقه وعدد صفحاته وفرزه ونوعية بحثه ومؤلفه ودار النشر ونسبة الإقبال الاقتناء له .
آملين وجود تخفيضات في اليومين الأخيرين لفعاليات المعرض حسب وعود العارضين .
هذه خلاصة آراء زوار المعرض:
*محمد أحمد – باحث اكاديمي- قال:
أرى أن الاسعار مرتفعة خاصة بدور النشر الاردنية، والمصرية، أما دور النشر الليبية فأسعارها معقولة إلى حد ما .
من وجهة نظري ضرورة دعم الكتاب في أي معرض يقام والجهات العامة والمسؤولة عنه يجب دعمه ولو بنصف قيمة الكتاب خاصة دعم كتب البحاث وطلبة الدراسات العليا من ماجستير والدكتوراة فهو إرهاق كبير مقارنة بأسعار الكتب الاخرى الموجودة بالمعرض.
بصراحة من يستطيع دفع مبلغ يتجاوز المائتين والمائتين والخمسين في الكتاب الواحد .
*محمود – طالب جامعي- قال :
الأسعار مرتفعة لأغلب الكتب المعروضة وتحتاج إلى ميزانية لائقة لها .
أعاد سبب هذا الارتفاع بقوله: معروف علاقته بصرف الدينار الليبي بالعُملة الأجنبية .
معظم الكتب مستوردة ومكلفة وبصراحة القوى الشرائية للدينار الليبي ضعيفة .
*حسن منصور من زوار المعرض قال :
بالنسبة للكتب البحثية والعلمية المتخصصة غالية أسعارها وتحتاج إلى وفرة جيدة من المال لشرائها .
وبادرة إقامة مثل هذه المعارض تعد ناجحة لنشر العلم والثقافة داخل ليبيا .
نجاة عبد الرحمن زائرة للمعرض قالت :
الأسعار في متناول الجميع وبعض الكتب النادرة أسعارها تكون مرتفعة كذلك الكتب البحثية .
تمنيت أن تكون كتب الأطفال بأسعار رمزية وذات طابع تعليمي .
ریم خالد – معلمة – قالت :
الكل يشتكي من ارتفاع الأسعار وأغلب مشاركات دور النشر غير محلية إضافة إلى فرق العملات طبيعيًا يكون الكتاب المعروض مستورد باهي الثمن .
*الأساتذة عائدة عبد الرزاق عرعارة معلمة بمدرسة «الأبجدية الحديثة» قالت : أقمنا للطلبة زيارة ميدانية لمعرض الكتاب للإطلاع على الكتب المتنوعة في عناوينها العلمية والثقافية. وساهمنا في اختيار الكتاب المفيد للطالب الذي یزيده علماً في مجال منهجه الدراسي وبعض الكتب الترفيهية التي يميلون إليها .
وبصراحة أجهزة النقال والنت أثرتْ بشكل كبير على الطالب والتلميذ لهذا سعينا إلى زيارة المعرض لتنوع أفكارهم ومداركهم بأن الكتاب هو خير جليس لهم .
والحمد لله كل التلاميذ اشتروا احتياجاتهم من الكتب التي أسعارها تكاد تكون معقولة.
*الأستاذ بشير حمزة – باحث متخصص قال :
لفت انتباهي تغیب مسؤولي الأجنحة في الساعات الصباح الأولى عند افتتاح أبواب المعرض والمندوبين عنهم لا يملكون حق التصرف في البيع .
أضاف بعض الكتب تستحق الاقتناء مثل : )ألف سؤال وسؤال عن القرآن الكريم / وكتاب الشيخ الشعراوي عنوانه: رسائل من القرآن/ وموسوعات علمية شيقة( .
أما الأسعار فهي متغيرة حسب طبعة الكتاب ولفت انتباهي أن معظم المكتب لا تزال في صناديقها لم تفتح للعرض .
*الدكتور / طارق عصمان قال :
الكتب في المعرض متوفرة بزخم كبير وعناوينها قيمة وحديثة .
عند تجوالي بالمعرض رأيتُ بعض الكتب مرتفعة في أسعارها وأهم العناوين التي شدتني السياسية المختلطة بين التقليد والحداثة أي كتب قديمة وأخرى حديثة.
ونحن في عصر العولمة لا يمكن أن نقف أمام ثقافات دخلية على المجتمع فهي ثقافة عالمية بلا حدود ويجب مواكبتها وهي دافع للتطور والتقدم العلمي والثقافي .
وأرى أن مصادر الكتاب وإن كان سعره مرتفعًا أفضل من المعلومة المأخوذة من النت وغير المعروف مصدرها .
* بلقاسم القبلي قال :
على الصعيد الشخصي عناوين المعرض كثيرة وشاملة كل العلوم والمجالات العلمية من اقتصاد والقانون والتاريخ والطب والتكنولوجيا وغيرها .
أما الأسعار أعتقد أنها مقبولة نسبياً وإذا وجد طالب العلم حاجته ترخص عنده كل الأسعار .
بخصوص أصحاب الأسر والدخل المحدود تؤثر على ميزانيته المعيشية يستطيع شراء كتاب أو أثنين لا أكثر ولاحظت وجود عدد من الطلبة يبحثون عن كتب يستفاد منها في تعليمهم ولكن وقفت الاسعار عائق على إقتناءها .
*مسعود الجارح / قال : زرت جناح مكتبة جامعة طرابلس واطلعنا على كتب قيمة ويستفاد منها .
والأسعار مرتفعة في أجنحة دور النشر المصرية، والأردنية والسورية، وهذا سبب عزوفًا في اقتناء الكتب، وحسبما ما ورد إلى أسماعنا هناك تخفيضات في اليومين الأخيرين من فعاليات المعرض .
* الأستاذة / برنية الغويل بالحاج – أمينة مكتبة بمدرسة «ليبيا المجد» قالت :
أتينا لزيارة المعرض صحبة عدد من طالبات المدرسة.
وشاهدنا كمًا هائلًا من الكتب القيمة التي ترى الثقافة الليبية والعربية، وانتهزنا فرصة الزيارة بإجراء توأمة بين مدرستنا والهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات لاقامة محاضرات توعوية وارشادية في هذا المجال الدائم في التطور .
أما الأسعار بالنسبة للطلبة مرتفعة لأنهم يأخذون مصروفهم من أولياء أمورهم وسعر الكتاب لا يسدد ما وفرت من مدخراتهم.
*محمد عويدة – معلم بالمعهد المتوسط للدراسات الإسلامية قال :
أتجاهنا شرعي وتناولنا الكتب الشرعية المتوفرة في عدد من الأجنحة وأعتبر أسعارها مناسبة وهي تتراوح بين الأربعين دينارًا فما فوق حسب الكتاب وطباعته وموضوعه والعلم لا يقدر بثمن ما دمتَ في حاجته .
علي محمد قال : اتيتُ للمعرض صدفة رفقة زوجتي وهي طالبة أكاديمية تجري بحثًا متخصصًا وهي تبحث عن كتب ومراجع التي تسهم في إثراء بحثها .
أرى أنّ الأسعار غالية وليست في مقدور الجميع، وبصراحة بادرة إقامة هذا المعرض ممتازة .
گوننا لم نشاهد منذ سنوات مضتْ مثل هذا المعرض الذي نشكر المشرفين عليه .
*طالبة زائرة للمعرض بزيها المدرسي قالت:
أتيتُ المعرض صحبة والدي وتجولنا في أجنحته وانطباعي جيد تمنيت أن اشتري أحد كتبي المفضلة ولكن الأسعار مرتفعة جدًا.
المفارقة أنَّ المكتبة نفسها التي اشتريتُ منها الكتب الأجزاء الأولى وجدت أجزاءه الثانية ولكن أسعاره أضعافًا مضاعفة .



