من أحاديث الجدة إلى طاقة «الفانغ شوي» بين بركة الكلام القديم وحكمة العلوم الحديثة
فايزة العجيلي

هل سبق وسمعتَ جدتكَ تقول: 9أبعد السرير عن الباب .. راه الطاقة تخبط فيه!(، أو تمنعك من ترك المقشة واقفة لأنها «تحبس البركة»؟ هذه العبارات التي ترعرعنا عليها بدت لنا لسنوات مجرد خرافات شعبية، لكننا اليوم نجد صداها واضحًا في علم «الفانغ شوي»، وعلم طاقة المكان، بل وحتى في برامج تنمية الذات الحديثة.
فهل كانت الجدة تمارس علمًا فطريًا دون أن تدري؟ وهل اليوغا حقًا بديل للراحة الروحية، أم مجرد وسيلة للاسترخاء؟ في هذا التحقيق، نغوص في عمق هذا التلاقي الغريب بين التراث والعلم، من خلال شهادات حية وآراء متباينة.
—
الحاجة مبروكة الجازوي «75 عامًا» – من بنغازي
)زمان كانت أمي تقول ما تخليش باب الحمام مفتوح.. راه الطاقة تهرب. ما كنّاش نقولو طاقة، نقولو البركة. وكان عندنا وردة يسموها«حافظة السرّ»نحطوها فوق راس السرير، باش ما يجيكش الكابوس.(
تبتسم الحاجة مبروكة حين تستمع إلى برامج اليوم عن «تطهير الطاقة»، وتقول إنها لم تدرس يومًا، لكنها تعلمتْ بالفطرة من أمها وجدتها كيف تحفظ التوازن في بيتها.
سامي الحضيري «28 عامًا» – مدرب يوغا ومعالج بالطاقة
«اليوغا بالنسبة ليّ مش رياضة فقط، هي أسلوب حياة.
لما بدأت نقرأ في علم الطاقة، لقيت تشابهًا كبيرًا بين أحاديث الرسول عليه السلام وبعض تعاليم «الفانغ شوي»، خاصة في أهمية النظافة، والتوازن في الأكل، والتأمل.»
يحكي سامي عن مريضة جاءت إليه تعاني من أرق مزمن، وبعد أن غيّرت ترتيب غرفتها، ونظفت محيطها، وعملت على تنفس منتظم، تحسّن نومها بشكل كبير.
خديجة بن نصير )42 عامًا( اختصاصية ديكور داخلي من طرابلس
«أشتغل على دمج التراث الليبي مع فلسفة الفانغ شوي، لما نركب جلسة عربية نحرص على الاتجاهات، الضوء الطبيعي، والرموز البصرية حتى ألوان الحوش القديم الليبي الأبيض، الأخضر، الأزرق تلقى معناها في علم الطاقة.»
خديجة تؤمن أن «الهوية البصرية الليبية» كانت تستبطن طاقة المكان دون أن نسميها كذلك.
يوسف الفيتوري )18 سنة( طالب جامعي
«ضحكت أول مرة سمعت على «عين الحسد» في علم الطاقة، لكن لما قريت أكثر، لقيت أن فيزياء الكم تشرح تأثير النية والطاقة على الأشخاص. فصرت أكثر وعيًا حتى بكيف أتكلم، وأين أجلس، وماذا أرتدي.»
يوسف يتحدث عن موقف طريف حصل له، حين علّق مرآة في غرفته بمكان خاطئ، فصار يراها كلما استيقظ خائفًا، إلى أن نصحه صديق مختص في «الفانغ شوي» بتغيير موقعها، وشعر بعدها بتحسن.
منى البوعيشي )33 عامًا( أم لطفلين من زليتن :
«كل ما نشعر أن البيت مكتوم أو فيه مشكلات، نفتح النوافذ ونبخر، ونغسل بالماء والملح.
لما نسمع الناس تقول هذي خرافات، نبتسم ونقول: جربوا وشوفوا.»
منى تروي كيف علمت أطفالها أن للنبات روحًا، وأن ترتيب المكان يؤثر في مزاجهم، وتؤمن أن توارث العادات ليس ضعفًا، بل قوة إذا فُهم بروح علمية.
خاتمة:
بين الحكمة الشعبية، والعلم الحديث، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل نعيد اكتشاف القديم بثوبٍ جديد؟ وهل فعلاً تقاطعت أحاديث الجدة مع قاعات الجامعات العالمية؟
ربما الجواب ليس في المفاهيم فقط، بل في طريقة عيشنا لها. فحين يجتمع القلب والعقل، والعلم مع الإيمان، نصنع توازنًا حقيقيًا… نسميه طاقة، أو بركة، أو حتى «نور من الله».