رتوش

من مفكرة قوس ماركوس (2)

اشراف/ زكريا العنقودي

وقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬نفسه‭ ‬هذا‭ ‬الأسير‭ ‬أنَّ‭ ‬الولاة‭ )‬محمد‭ ‬باشا‭ ‬الساقزلي‭(‬،‭ ‬والوالي‭ )‬إبراهيم‭ ‬داي‭( ‬فكرا‭ ‬في‭ ‬هدم‭ ‬القوس‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬رخامه‭ ‬وحجارته‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الانشاءات‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬أهالي‭ ‬طرابلس‭ ‬وفقهاءها‭ ‬عارضوهما‭ ‬وبشدة‭ ‬واتخذوا‭ ‬لهم‭ ‬حجة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬تهديم‭ ‬القوس‭ ‬نذير‭ ‬شؤوم‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬‮ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الحرام‭ ‬تدمير‭ ‬مبنى بهذه‭ ‬العراقة‭ ‬وله‭ ‬هذه‭ ‬الهيبة،‭ ‬وهذا‭ ‬الجمال‭ ‬ويعد‭ ‬معلم‭ ‬المدينة‭ ‬الرئيس فاذعن‭ ‬الولاة‭ ‬لرغبات‭ ‬الشيوخ‭ ‬والأهالي‮ ‬‭.‬

وقد‭ ‬استخدم‭ ‬القوس‭ ‬اثناء‭ ‬مقاومة‭ ‬بعض‭ ‬الحملات‭ ‬االعسكرية‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬مدينة‭ ‬طرابلس‭ ‬كمخزن‭ ‬للمؤنة‭ ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬ذلك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القساوسة‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬البندقية‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬الوالي‭ ‬لاطلاق‭ ‬سراح‭ ‬بعض‭ ‬الأسرى‭ ‬واشاروا‭ ‬في‭ ‬كتاباتهم‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬القوس‭ ‬زمن‭ ‬وصولهم‭ ‬لطرابلس‭ ‬كان‭ ‬يستخدم‭ ‬مخزنًا‭ ‬يتبع‭ ‬لقائد‭ ‬البحر،‭ ‬ولربما‭ ‬استمر‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬1732م‮ ‬‭ ..‬

في‭ ‬بداية‭ ‬‮ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي‭ ‬لليبيا‭ ‬استعمل‭ ‬المستعمر‭ ‬ظلال‭ ‬القوس‭ ‬واستغلها‭ ‬لتحويل‭ ‬فسحة‭ ‬القوس‭ ‬كدار‭ ‬للعرض‭ ‬السينمائي،‭ ‬وفي‭ ‬عهد‭ ‬حاكم‭ ‬طرابلس‭ ‬الجنرال‭ ‬‮«‬كانيفا‮»‬‭ ‬أصدر‭ ‬مرسومًا‭ ‬فاشيًا‭ ‬للشروع‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬التنقيب‭ ‬والبحث‭ ‬الأثري‭ ‬تحت‭ ‬القوس‭ ‬وقد‭ ‬انتهت‭ ‬الحفريات‭ ‬فعلاً‭ ‬لكن‭ ‬وكما‭ ‬الزمن‭ ‬السالف‭ ‬والبعيد‭ ‬خرج‭ ‬منها‭ ‬قوس‭ ‬طرابلس‭ ‬‮«‬ماركوس‭ ‬اوروليوس‮»‬‭ ‬شامخًا‭ ‬ومغافًا‭ ‬وسالمًا‭ ‬ليطل‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬المتوسط،‭ ‬والعالم‭ ‬كما‭ ‬برج‭ ‬‮«‬ايفل‮»‬‭ ‬‮ ‬بفرنسا‭ ‬وتمثال‭ ‬الحرية‭ ‬بامريكا‭ ‬رمزًا‭ ‬ابديًا‭ ‬لاقدم‭ ‬عواصم‭ ‬العالم‭ ‬طرابلس‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭.‬

لقد‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬القوس‭ ‬شامخًا‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬بحر‭ ‬طرابلس‭ ‬منذ‭ ‬القرون‭ ‬الأولى‭ ‬لانشائه‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬تاريخٌ‭ ‬اقدم‭ ‬من‭ ‬تمثال‭ ‬الحرية‭ ‬بامريكا،‭ ‬أو‭ ‬برج‭ ‬ايفل‭ ‬بفرنسا‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭ ‬من‭ ‬البصمات‭ ‬التي‭ ‬تفخر‭ ‬بها‭ ‬عواصم‭ ‬العالم‭ ‬الكبرى‮ ‬‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى