لم تعد طرقاتنا مجرد شوارع تربط المدن والمناطق ببعضها، بل أصبحتْ مسارحَ داميةً لمآسٍ متكرّرة، ضحاياها )أطفال، آباء، أمهات، وشباب( في عمر الزهور.
في كل صباح لا تخلو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من خبر حادث مروّع، صورة سيارة محطّمة، أو إعلان عزاء جديد
وكأننا نعيش في مسلسل حقيقي من الحزن، والدموع اسمه «التهور على الطرقات».
آخر تلك الحوادث كان على طريق «زاوية الدهماني» حين خطف الموتُ عائلةً كاملة وحادث ضحيته شباب من أبناء مدينة القره بولي في طريق أبوكماش، لا ذنب لهم سوى أنهم اختاروا وقتًا خاطئًا لعبور طريقٍ بات لا يرحم.
لم يكدْ الشارعُ أنّ يهدأ من وقع الحادث حتى صُدِمَ النَّاسُ بحادثٍ آخر في كوبري الودان سيارة مقلوبة، زجاج متناثر، وأصوات إسعاف ممزوجة بصرخات المفجوعين.
عناوين للمأساة.. وسيناريو يتكرّر
طريق السبعة أيضًا كان على موعد مع فاجعة أخرى، ثلاث أرواح من شباب المدينة خُطفتْ في ثوانٍ بسبب السرعة الجنونية، واللامبالاة المفرطة بقواعد المرور. كاميرات المراقبة كشفتْ تفاصيل مرعبة: سيارة مسرعة، انحراف مفاجئ، اصطدام عنيف، ثم صمت أبدي.
ما الذي يحدث؟ وكيف وصلنا إلى هذه المرحلة من الاستهتار؟! أصبحت المخالفات المرورية جزءًا من «ثقافة قيادة» مشوّهة، حيث يُنظر للسرعة كدليل على المهارة، ولتجاوز الإشارات الحمراء كـ«شجاعة»، وللانشغال بالهاتف أثناء القيادة كأمرٍ طبيعي في زمن التقنية.
لكن، أي مهارة تلك التي تنهي حياة أسرٍ بأكملها؟! وأي شجاعة تقودنا إلى نعوش مغلقة؟!
القانون موجود .. لكن !
ليست المشكلة في غياب القوانين، فالقانون الليبي واضح بشأن المخالفات والعقوبات، لكن الإشكالية تكمن في التنفيذ، وفي غياب الرقابة المرورية الفعّالة، وفي ضعف الوعي المجتمعي. لا يكفي أن تُعلّق لافتة «خفف السرعة» على جانب الطريق، بل يجب أن تُزرع هذه اللافتة في عقولنا وضمائرنا.
كذلك، هناك غياب شبه تام للتثقيف المروري، لا في المدارس، ولا في الإعلام ولا حتى في برامج الترخيص. لا أحد يعلّم السائق الشاب أن «المركبة سلاح قاتل إذا لم تحترمها»، ولا من يذكره بأن خلف المقود تقع مسؤولية حياة كاملة.
ختامًا : هل نستيقظ قبل أن نكون التالي؟
أيها السائق .. تذكّر، حين تمسك المقود، أن حياتك بين يديك، وحياة الآخرين كذلك. لا تكن سببًا في بكاء أم، أو يتم طفل، أو فجيعة مجتمع، وتذكر دائمًا :
)أبي لا تُسرع نحن في انتظاركَ(