أُريد أن أتناول في إدراجي هذا دور المرحوم «موسى أحمد» من سبتمبر 69 التي حمل فيها الراحل حقيبة وزارة الداخلية بأول وزارة ترأسها الدكتور محمود المغربي، ذلك الدور الذي حدد تاريخه السيد عبد المنعم الهوني بالحلقات التي بثتها فضائية )ليبيا الأحرار( بالأشهر الأخيرة من السنة الماضية، بقوله:
إن موسى أحمد قد انضم للحركة قبل أيام معدودة، وهو تحديدٌ لا ينسجم مع الوقائع ولا مبرر له سوى ضعف الذاكرة، فقد تسنّى ليَّ على الصعيد الشخصي أن أكون الجار الجُنُب للمرحوم موسى ابتداءً من العام الحادي والسبعين من القرن الماضي انطلاقًا من أسرته التي كانت مرفوقة بأخيه مصطفى والوالدة، إلى أن لحق بهم فور خروجه من السجن لتكون ليَّ معه جلسة، عقب كل غذاء يقضيه كلانا في بيته، لتناول كأس الشاي الأخضر والحديث عن الحاضر، والماضي، وحلو الزمن، ومره، خاصة وأن سنوات السجن التي قضاها خارج الانفرادي كانت مع رجال ربطتني بهم أوثق العلاقات، ولم أعرف عنهم إلا ما يرفع الرأس وأحظ أيضًا بعظيم التقدير، كيف لا، وفيهم المثقف والوطني والمؤهل الجامعي والضابط الملتزم، وقد كانوا جميعًا نصب أعيننا كلما أتيح لنا الإطلال من الشاشة الصغيرة، وقد عرفتُ عنه إصراره على تبرئة الحركة من أي ترتيب دولي، وأنه قَبِلَ الانضمام إليها مشترطًا عدم السؤال عن موقعه، وتحديد ساعة الصفر، وأنه عرف معمر والخروبي مبكرًا وأنه استعمل مع الاثنين الكثير من الشدة، وأن شدته استمرتْ بعد دخول التنظيم والالتزام برئاسة معمر، وأن الأخير مرَّ على معسكره أكثر من مرة، ويذكر له أنه نام إلى جانبه في المعسكر، فلم يخلع حذاءه استعدادًا فيما يبدو لأي طارئ، وأن الحوّاز قد نودِي فعلاً عن طريق موسى، وأن موسى هذا أصرَّ على أداء التحية لمعمر لمجرد تسميته قائدًا عامًا للجيش على الرغم من أن القذافي قد طلب منه «أي موسى» عدم الالتزام بها، كما أنه لم يقبل عرضًا من فتحي الذيب لمقابلة الرئيس عبد الناصر من وراء معمر، ولم يرحب ببعض الكتابات التي أُعدتْ عن الوحدة الوطنية لينشرها باسمه، وهي اللعبة التي انطلت على الحوّاز وقد انتبه إليها في وقتها المتيقظون للدور المخابراتي المصري، وتحدث عنها لاحقًا فتحي الذيب في كتابه )عبد الناصر، وثورة ليبيا(، لقد أكد ليَّ من البداية أنه لم يكن مؤيدًا لفكرة استعمال السلاح عندما بدأ، الخلاف وأنه فضّل الاعتراف بدل أن يتحوَّل إلى شاهد اثبات، وأن هذه الحقيقة ظلتْ سرًا إلى أن تحدث بها في الأشهر التي سبقتْ موته الغامض السيد مصطفى الخروبي، عندما قال في حضور موسى لجمع من الحاضرين اللوم )على موسى في عدم التبليغ فقط( وقد كان موسى مستغربًا وليس خاليًا من السرور، أما آخر ما باح ليَّ به وقبل وفاته بأيام محدودة؛ فكان متعلقًا بتقديم وبالاحرى تحديد ساعة الصفر ، فقد عرض على القذافي إمكانية ضم جماعة خليل جعفر ومن معه، فحدَّد القذافي اللقاء بالأربعاء الثالث من سبتمبر، إلا أنه فوجئ مساء الأحد بتوصية الخروبي، ومعمر بموعد الخروج ليلاً!، وكانت مهمته محددة في المرج إلا أنه عرج مسبقًا على «قرنادة» كي لا يترك خلفه جيبًا خطيرًا، فاستحق بالتزامه هذه الخيارات تقدير الكثيرين والذين ليس خارجهم السيد عبد المنعم الذي اتاحت شهادته أن ندلي بما تيسّرَ عن المرحوم موسى، عسى الله أن يسهل تناول من وردتْ أسماؤهم في شهادة عبد المنعم ولنا حولهم ما نضيف، اطال الله عمره شاهدًا، ورحمهم مشهودًا عنهم، والكمال لله وحده.