رحلة البحث عن أذن عميقة.. لنجاح مصدق
عُلقتْ على مدخل أكبر مستشفى للطب النفسى فى أمريكا (Johns Hopkins Hospital) على لوح رخامي عبارة تنص : (عندما اطلب منك أن تنصت فتبدأ أنتَ فى إسداء النصح ليّ؛ فهذا يعنى أنك لم تفعل ما طلبته منك ..
عندما أقول لك إنصت إلى فكل ما أطلبه هو الإنصات .. لا تتحدث ولا تفعل شيئًا فقط إسمعنى ..
وإذا أردت التحدث فانتظر لحظة حتى يحين دورك وسأنصت إليك)
سطح الحجرة ،الصور المتخيلة ،نحن و المرآة ،البحر ،الشجرة الكبيرة والظل حتى القطط واحيانا اعمدة الشوارع في الليالي المظلمة ،النجوم.. وربما عنكبوت متطفل مفاجيء ينتصب بين عينيك لحظة تكون اسلمت روحك فيها للاشيء للارغبة للخواء اوحتى طفل صغير لايجيد تمتمة الحروف ولربما زهرة جميلة تلامسها يداك في احدى الحدائق التي لا تحظى باهتمام او عابر غريب جمعتك به الصدفة في مكان اجترتك قدماك لللمرور به في لحظة فارقة كل هذا وغيره قد يصبح خيارا مرغوبا وملجا امنا لتلقي امامه اسلحتك لتفرغ مافي جعبتك لتعري نفسك وتثرثر لتنهمر بلا توقف تستذكر تثور وتحن وتتالم جملة واحدة تشكلك اللحظة وترسم ملامحك صورة لمشاعر عجزت على ان تخبأها في صدرك الصندوق الذي حين يمتلي يحتاج لمعجزة يلقيها القدر في طريقه لاذن كبيييرة صامته وعميقة بملاح ونس حاني وعلى شكل قلب دافي يعمل بآلية البالوعة التي تمتص كل شيء
في لحظة يقودها العجز عن مد جسورا طبيعية مع المحيط او في توقيت تخونك فيه قواك وقدرتك على استيعاب ما يدور حولك حينما تتزاحم داخلك الاسئلة بلا جواب وترميك الاستنتاجات التي تأتي متأخرة على مرافي الندم او التحسر او او حينما تداهمك الافكار الناضجة في غير اوانها وتتخلى عنك نفسك المطمئنة تلتفت حولك لا ترى احدا رغم الزحام صوتك لا يسمع وان ناديت حيا تشعر بثقلك على هذه البسيطة غير المجدي رغم الطريق الذي عبرت وتعبرعندها
مع مرور الوقت ومضي السنين ستحتاج وربما تبحث عن اولئك الذين يجيدون الانصات المستمعين بلا تنظير ولا ملل المنصتين بلا قطع او محاولات للطبطبة القادرين دون سواهم على شحنك بالطاقة للاستمرار سوف تكتشف ان الانصات مهارة يجب ان نثابر للحصول عليها ان نتمرن كثيرا ونعمل جاهدين لامتلاكها منذ الصغر وان تحرص الامهات وتربي ابناءها على التحلي بها كما حرصها على التغذية الجيدة والنظافة والتعليم المميز والاخلاق والقيم ان يدخرها الرفاق والازواج والجيران والباعة وحتى زملاء المهن ليوم ما وعمر ما سوف تكون الحاجة لها كالحاجة للهواء والماء
الشاب المحتقن الممتليء بالاحلام المؤجلة
أو ذاك الستيني الذي تشاطره طاولات المقاهي وحدته أو الفتاة المسجونة في قضبان الصورة النمطية المتوارثة والموغلة في غلوها أو في النوستالجيا التي تقود ذاكرة تلك المسنة التي ظلت آخر الباقين في قطار رحلة منهكة أو في اعماق مغترب مضطر الجأته الخيبات لمفارقة وطن تنكر له ذات يوم جميعهم يبحثون عن لحظة عن كائن ما عن صوت ما بعمق الحاسة السمعية وتفاصيلها يحتوى ويمتص كل ما تعلقه ضغوطات الحياة في أعناقهم كل ما تدفعه الذاكرة بشجونها أو ماتخلفه الألم والجراح من ندوب يحتاجونه بين الفينة والأخرى بلا بلامح ولا تفاصيل لا تستدعيه مادة ولا تجذبه غريزة ليس خيالا ولا شخصية أسطورية تأتي من خلف القصص البعيدة والمستحيلة هو نداء تتظافر كل الجهود والطبيعة يضا ليكون ماثلا بكل هذا الحضور و القدرة على الاحتواء هو الاصغاء المفتقد هو أنا في لحظة ما هو أنت في وقت آخر هو النقطة التي يكمن فيها السر لهذا الوجود الإنساني
كنت ساسترسل لولا صوت فيروز الذي أجبرني على الاستماع دون مقاومة عندما مرت بقربي تلك الفتاة بسيارتها
إحكيلي إحكيلي …عن بلدي إحكيلي
يا نسيم اللي مارق …عالشجر مقابيلي
عن أهلي حكاية ….عن بيتي حكاية
و عن جار الطفولي…. حكاية طويلة.