هلّ رمضانُ مفعماً بالخير… مُشرِقاً بالهدايةِ .. متّشحاً بطمأنينةٍ تفرد أجنحتها في نفوسِنا فتُبلسمُ أوجاعها.
نتلهّفُ للقائه قادماً عزيزاً… نستذكر من خلاله طقوساً مباركةً مازالت عالقةً في ذاكرتنا.. حبل مودّة ومساواةٍ اعتصمنا به فألّف بين قلوبنا.. ناشراً المحبّة زارعاً الإحساس بالآخرين .. مضيفاً على حياتنا النّقاء والطّمأنينة، والفضيلة.
نتعطّش لنرتوي من نبع نقائه… نحيا أوقاته الهانئة بعيداً عن عصرِ سرعةٍ باتت عجلته تخطفُ منّا حلاوة اللّحظات… تركض بنا في قطار العمر .. دون أن يتيح لنا فرصة الإعداد الآمن للرّحلة الأخيرة.. دون أن يسمح لنا الوقوف مع أنفسنا ومحاسبتها.
عصر سرعةٍ بات يشوّهُ _من خلال مواقع التّواصل الاجتماعيّ_أجمل اللّحظاتِ وأبهاها .. بات يحرمنا من استغلالها استغلالاً حسناً ٍ.. بات يضيّع علينا فرصة اغتنام أوقاتنا بما يرجّح ميزان حسناتنا.
فرمضان يُقبلُ ليروّض نفوسنا ويزكّيها.. ويطهّرنا من الذّنوب رمضان يُقبلُ لنجتهدَ في إصلاح ذاتنا.. والتّراحم فيما بيننا وتقويم سلوكنا… وليس لاستعراض مالدينا من، ملذّاتٍ والتّباهي بها على مواقع التّواصل الاجتماعيّ أمام من،لايمتلكون القدرة على امتلاكها..
هو شهر عبادة وتقوى وليس شهراً لعرض الموائد العامرة وماهذا إلّا قمّة الخزيّ الأخلاقيّ..
هو شهر تعطير لحظاتنا بالذِّكر وطاعة اللّه وليس قضائها أمام شاشة التّلفاز… أو الهاتف المحمول.
من الجيّد أن نتماشى مع عصر التّطوّر… لكن من العجب العُجاب أن ننسى بديهيّاتٍ لا تُنسى ونتدنّى بمستوى سلوكنا… ونتمسّك بقشور الحداثة فنضيعُ ونَخسر الفلاح في الدّنيا والآخرة.
طوبى لمن تمسّك بدينه فأفلح.. واعتدلَ بقوله وفعله ففاز واستوى.
طوبى لمن استقبل رمضان بقلبِ المؤمن وعفّة نفس الرّاضي.. وصبر المُبتَلَى.. وتقشّف الزّاهد.. وتعالى عن الصّغائر فكانت أيّامه كلّها «رمضان»….طوبى له فقد غَنُمَ مَنِ اغتنم.