عُرِفَ عن مجتمعنا الليبي قوّة ترابطه وتماسكه الأسري، في السراء والضراء؛ حيث الجار كان أقرب من الأخ، واللمّة في البيت كانت عادة لا تنقطع لها نكهتها .
لكن اليوم وفي ظل تغيّر نمط الحياة، وانتشار التكنولوجيا، وتسارع وتيرة الأحداث، لاحظنا تراجعًا واضحًا في قوة العلاقات وضعف في النسيج الاجتماعي.
أصبحت الزيارات العائلية نادرة، والأصدقاء يكتفون بالرسائل الصوتية بدل اللقاء، وحتى المناسبات الاجتماعية فقدت دفئها وبساطتها.
دخلت الفردية والأنانية إلى تفاصيل حياتنا اليومية، وبدأ كلّ شخص يعيش في عالمه الخاص، مطبقاً المثل الشعبي )أخطى راسي وفص( ينعزل خلف شاشة هاتفه أو مشاغل يومه.
التغيرات الاقتصادية والسياسية لعبت دورًا كبيرًا أيضًا. الضغوط المعيشية جعلت الناس أكثر توترًا، وأكثر ميلاً للابتعاد عن الآخرين.
كما أن انعدام الأمان في بعض المناطق أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي الذي كان يومًا ما من أبرز سماتنا.
لكن لا يزال الأمل قائمًا؛ فالمجتمع الليبي رغم كل التحديات، يملك إرثًا من التضامن والمحبة.
المطلوب اليوم هو استرجاع هذه الروح، وتغليب الجانب الإنساني على ضغوط الحياة. فالعلاقات الاجتماعية ليست ترفًا، بل ضرورة نفسية وثقافية تحافظ على توازننا كأفراد ومجتمع