هون واستثمار السياحة.. لأمين مازن
أتاحت لي التزامتي العائلية في مسقط الرأس «هون» أن أحضر الأيام الأربعة من مهرجان الخريف السياحي، أحد المهرجانات التي أسسها المهندس البخاري حودة من موقعه وزيراً للسياحة و حرص على القيام بافتتاحها رسميا، و استطاع الشاعر الراحل السنوسي محمد حبيب أن يدفع نحو النشاط الثقافي مستعيناً بأكثر من مسوغ رسمي، و قد زاد من دواعي الحضور و عدم الخضوع لضغوط الكورونا ما ظهر من استعداد القائمين على النشاط من الاحتراز الصحي و الأمني و حضور عدد من الناشطين في قطاع الثقافة و في مقدمتهم الدكتور نجيب الحصادي الذي لا يسأم التنقل بين أرجاء الوطن بين شرق البلاد و غربها و أخيراً جنوبها و وسطها محاضراً حول ما نذر نفسه له من مشاركة جسورة و دائبة و دون أي اكتراث بالمصاعب أو انصياع لنداء المصلحة، و قد شاركه في ذلك الدكتور علي برهانة الذي قَدِمَ من سبها المستأنس برفيقه الدكتور سعيد الحنديري، دون أن نغفل الباحثات أسماء الأسطى و كريمة بشيوة و حنان محفوظ و مفيدة جبران، فضلاً عن القاطنين بالمنطقة، ممن يُذكِّرُنا بعضهم بأول تنظيم عرفته البلاد في سبعينيات القرن الماضي حيث كلية التربية في طرابلس التي يمثل أبو بكر قرينقو صندوقها الأسود كما يقولون، ليبقى رضا الذي يحمل في حياتنا دوماً أكثر من صفة يسودها دوماً الهم العام، لقد كان الحوار حول ما ألقى نجيب و برهانة و الأسطى، مثمراً أما تغلّب كمال أبوزيد على متاعب العرض الفني و الإصرار على الحضور و الذي نُحَيِّ من خلاله عديد الجنود المجهولين الذين يزهدون في الظهور، و يبقى تعطش الناس و سرورهم بما يجري و تحدّيهم للجائحة، لقد حمل محمود زاقوب و الأمين عبد العاطي عن جديد الكيان و الحفريات و ما أفادت به مراكز البحث حول صحة ما توصل إليه منذ سنوات ما حفلت به الأرض من شهادات على رحلة العمران و تطور الإنسان و التي ما تزال تؤكد امكانية التقدم و هزم الندرة السكانية و انتظار المزيد في رحلة الإستثمار الذي يدل عليه اتساع المشاريع الخاصة بالنخيل و حركة المتساكنين الذين اتخذوا البيوت الحديثة و يسر التعليم و حسن معاملة الناس ما يجذبهم للبقاء و مزيد المساهمة المسئولة، الأمر الذي لا جدوى فيه من تضييع الوقت حول تاريخ المكان و أسبقية الحضور فيه ما دام الدليل المكتوب منعدماً أو مشوشاً أو دافعاً نحو الشك في المعلومة، فضلاً عن أن القاعدة العلمية تؤكد باستمرار أن البقاء للأصلح و أن الهوية لا تُطمس، أما المستفيدون بها فهم المتغيرون، و إذا كان ثروة الطاقة الشمسية التي أثبتت الدراسة جدواها لتزويد أوروبا بالكهرباء و ثبت منذ القدم أن أفضل مناخ لتخزين الطائرات هو الموجود في المنطقة و قبله البترول الزلاوي و القرب من ميناء سرت البحري، فإن استعداد الجميع لما سيأتي من عمران ليس أمام المتساكنين سوى الإستعداد له بالعلم و القدرة على المنافسة، صحيح أن هذا الأمر يخص الوطن في عمومه و الليبيين أجمعين، إلا أنه بالنسبة لهذه الربوع يبدو أكثر إلحاحاً و أكبر جدوى. فلنقل جميعاً «حي على الوطن».