-بالنسبة لاصحاب الحضوة من رجال الاعتمادات: فضلا عن الثروات التي جنوها ويجنونها عبر المضاربة بالسوق السوداء، وكذا تدهور قيمة العملة يجعل كل شيء ذو قيمة رخيص بالنسبة لهم بسبب انهيار العملة الوطنية امام العملات الاجنبية التي تكدست عندهم عبر جريمة الاعتمادات، فإنهم ايضا يستطيعون نقل أعباء التضخم إلى المستهلك بواسطة رفع الأسعار، مما يحمل المواطن البسيط يتحمل العبء الأكبر من هذا التأكل للعملة المحلية أن لم يكن كلها، . وهذا بدوره يغذي عدم المساواة ويضعف التماسك المجتمعي. وبالتالي يضمنون هؤلاء السيطرة المستمرة على ثروة البلد الريعية واحالة مواطنيه لعبيد يعملون عندهم، وخاصة ان ثرواتهم جلها اصول غير نقدية او عملات اجنبية تمنح لهم تفضيلا كرجال أعمال مقنعين ببناء اقتصاد الوطن، وفي الواقع يبنون ثرواهم الخاصة عبر امتصاص موارد البلد بدون اي فائدة بل هم احدى أبرز مشاكل البلد الاقتصادية ولعل انعدام الطاقة الضريبية تقريبا والرسوم الجمركية الزهيدة خير دليل «للمزيد انظر الرابط المرفق».
- وبالنسبة للدولة: بعيدا عن تداعيات ارتفاع تكلفة شراء المستلزمات السلعية والخدمية التي تحتاجها الدولة لتأدية وظائفها التقليدية. يجبرها ارتفاع الأسعار على تضخيم الإنفاق العام بقناع زيادة دخول ودعم وهميين، والحقيقة هو لمواكبة تكاليف الخدمات والسلع الأساسية بسبب الفشل في لحفاظ على قيمة عملة البلد، مما يزيد العبء على الموازنة، وهذا بدوره يجعلها تحت ضغط التضخم.
وبالتالي، كما اشرنا آنفا تضظر لمنح علاوات غلاء، كمنح علاوات الزوجة والابناء او التظاهر بزيادة المرتبات، وزيادة دعم السلع الاستهلاكية، دون معالجة جذرية لأسباب التآكل المستمر في القوة الشرائية. . فببساطة يرى اقتصادي المخالطة بسدة صناعة القرار بالمصرف المركزي والدولة أن الارتفاع النقدي في الدخول والأرباح قد يخلق وهم انتعاش اقتصادي، ويعزز إيرادات الدولة من الضرائب اسميا.. ولكن هذه المكاسب تغفل حقيقة جوهرية، وهي أن القيمة الحقيقية لهذه الإيرادات تتراجع مع تسارع وتيرة التضخم، ما يجعلها غير قادرة على تعويض النفقات المتصاعدة. بل إن الاعتماد على التضخم كمحفزٍ للنمو يشبه «المخدر المؤقت لجماعة التمويل بالعجز» الذي يخفي الأزمات الهيكلية، بينما يزيد من تفاقمها على المدى الطويل.. الخلاصة: هكذا يتحول التضخم من ظاهرة اقتصادية طبيعية، إلى أزمة مركبة مفتعلة بسبب عبث «طباعة العملة وتخفيض قيمتها وجريمة الضرئب عليها» ويقدمونها على انها سياسة وهمية للاصلاح الاقتصادي. لتكشف هشاشة السياسات الحكومية قصيرة المدى، وتبرز الحاجة إلى إصلاحات هيكلية حقيقية وشجاعة تعيد التوازن بين النمو الظاهري والقيمة المضافة الحقيقية لاقصاد البلد، بعيدا عن المؤسسات الدولية التي لا رى في البلدان النامية غنيها قبل فقيرها فريسة يجب اصطيادها قبل ان تصبح مفترس يتعارض مع مصالحها ومصالح مشغليها، عبر ارجوزات محلية بقناع صناع القرار الاقتصادي او رجال اعماله.
بقلم /يوسف يخلف