اقتصاد

وحوش الاعتمادات يدعمون دائما تدهور العملة!

سالمة الشعاب

‭-‬بالنسبة‭ ‬لاصحاب‭ ‬الحضوة‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الاعتمادات‭: ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الثروات‭ ‬التي‭ ‬جنوها‭ ‬ويجنونها‭  ‬عبر‭ ‬المضاربة‭ ‬بالسوق‭ ‬السوداء،‭ ‬وكذا‭ ‬تدهور‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬يجعل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭ ‬رخيص‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬بسبب‭ ‬انهيار‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬امام‭ ‬العملات‭ ‬الاجنبية‭ ‬التي‭ ‬تكدست‭ ‬عندهم‭ ‬عبر‭ ‬جريمة‭ ‬الاعتمادات،‭ ‬فإنهم‭  ‬ايضا‭ ‬يستطيعون‭ ‬نقل‭ ‬أعباء‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ ‬المستهلك‭ ‬بواسطة‭ ‬رفع‭ ‬الأسعار،‭ ‬مما‭ ‬يحمل‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬يتحمل‭ ‬العبء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التأكل‭ ‬للعملة‭ ‬المحلية‭ ‬أن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كلها،‭ . ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يغذي‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬ويضعف‭ ‬التماسك‭ ‬المجتمعي‭. ‬وبالتالي‭ ‬يضمنون‭ ‬هؤلاء‭ ‬السيطرة‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬ثروة‭ ‬البلد‭ ‬الريعية‭ ‬واحالة‭ ‬مواطنيه‭ ‬لعبيد‭ ‬يعملون‭ ‬عندهم،‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬ثرواتهم‭ ‬جلها‭ ‬اصول‭ ‬غير‭ ‬نقدية‭ ‬او‭ ‬عملات‭ ‬اجنبية‭ ‬تمنح‭ ‬لهم‭ ‬تفضيلا‭ ‬كرجال‭ ‬أعمال‭ ‬مقنعين‭ ‬ببناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬الوطن،‭ ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬يبنون‭ ‬ثرواهم‭ ‬الخاصة‭ ‬عبر‭ ‬امتصاص‭ ‬موارد‭ ‬البلد‭ ‬بدون‭ ‬اي‭ ‬فائدة‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬احدى‭ ‬أبرز‭ ‬مشاكل‭ ‬البلد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ولعل‭ ‬انعدام‭ ‬الطاقة‭ ‬الضريبية‭ ‬تقريبا‭ ‬والرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الزهيدة‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬‮«‬للمزيد‭ ‬انظر‭ ‬الرابط‭ ‬المرفق‮»‬‭.‬

‭- ‬وبالنسبة‭ ‬للدولة‭: ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬تداعيات‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬شراء‭ ‬المستلزمات‭ ‬السلعية‭ ‬والخدمية‭ ‬التي‭ ‬تحتاجها‭ ‬الدولة‭ ‬لتأدية‭ ‬وظائفها‭ ‬التقليدية‭. ‬يجبرها‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬على‭ ‬تضخيم‭ ‬الإنفاق‭ ‬العام‭ ‬بقناع‭ ‬زيادة‭ ‬دخول‭ ‬ودعم‭ ‬وهميين،‭ ‬والحقيقة‭ ‬هو‭ ‬لمواكبة‭ ‬تكاليف‭ ‬الخدمات‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬بسبب‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬لحفاظ‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬عملة‭ ‬البلد،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬الموازنة،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يجعلها‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬التضخم‭.‬

وبالتالي،‭ ‬كما‭ ‬اشرنا‭ ‬آنفا‭ ‬تضظر‭ ‬لمنح‭ ‬علاوات‭ ‬غلاء،‭ ‬كمنح‭ ‬علاوات‭ ‬الزوجة‭ ‬والابناء‭ ‬او‭ ‬التظاهر‭ ‬بزيادة‭ ‬المرتبات،‭ ‬وزيادة‭ ‬دعم‭ ‬السلع‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬دون‭ ‬معالجة‭ ‬جذرية‭ ‬لأسباب‭ ‬التآكل‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭. . ‬فببساطة‭ ‬يرى‭ ‬اقتصادي‭ ‬المخالطة‭ ‬بسدة‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬بالمصرف‭ ‬المركزي‭ ‬والدولة‭ ‬أن‭ ‬الارتفاع‭ ‬النقدي‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬والأرباح‭ ‬قد‭ ‬يخلق‭ ‬وهم‭ ‬انتعاش‭ ‬اقتصادي،‭ ‬ويعزز‭ ‬إيرادات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬اسميا‭.. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭ ‬تغفل‭ ‬حقيقة‭ ‬جوهرية،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬القيمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لهذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬تتراجع‭ ‬مع‭ ‬تسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬التضخم،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تعويض‭ ‬النفقات‭ ‬المتصاعدة‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬التضخم‭ ‬كمحفزٍ‭ ‬للنمو‭ ‬يشبه‭ ‬‮«‬المخدر‭ ‬المؤقت‭ ‬لجماعة‭ ‬التمويل‭ ‬بالعجز‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يخفي‭ ‬الأزمات‭ ‬الهيكلية،‭ ‬بينما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تفاقمها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.. ‬الخلاصة‭: ‬هكذا‭ ‬يتحول‭ ‬التضخم‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬اقتصادية‭ ‬طبيعية،‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬مركبة‭ ‬مفتعلة‭ ‬بسبب‭  ‬عبث‭ ‬‮«‬طباعة‭ ‬العملة‭ ‬وتخفيض‭ ‬قيمتها‭ ‬وجريمة‭ ‬الضرئب‭ ‬عليها‮»‬‭ ‬ويقدمونها‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬سياسة‭ ‬وهمية‭ ‬للاصلاح‭ ‬الاقتصادي‭. ‬لتكشف‭ ‬هشاشة‭ ‬السياسات‭ ‬الحكومية‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى،‭ ‬وتبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاحات‭ ‬هيكلية‭ ‬حقيقية‭ ‬وشجاعة‭ ‬تعيد‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الظاهري‭ ‬والقيمة‭ ‬المضافة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لاقصاد‭ ‬البلد،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬رى‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬غنيها‭ ‬قبل‭ ‬فقيرها‭ ‬فريسة‭ ‬يجب‭ ‬اصطيادها‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تصبح‭ ‬مفترس‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬مصالحها‭ ‬ومصالح‭ ‬مشغليها،‭ ‬عبر‭ ‬ارجوزات‭ ‬محلية‭ ‬بقناع‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬او‭ ‬رجال‭ ‬اعماله‭.‬

بقلم‭ /‬يوسف‭ ‬يخلف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى