
قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، السيدة هانا تيتيه إحاطتها الدورية بمجلس الأمن في جلسته الملتئمة بالحادي والعشرين من أغسطس على مستوى المندوبين بمن فيهم المندوب الليبي الذي يعود بروزه إلى زمن حكومة فائز السراج عندما ولج باب العمل السياسي من فوزه في أول انتخابات نيابية وترؤس أول مجلس رئاسي عقب الأعمال العسكرية التي استدعت أكثر من تدخل ما زالت بلادنا تعاني سيئ عواقبه، وقد أنهت المندوبة إحاطتها بتحديد أجل أقصاه شهران لتحديد موعد الانتخابات منذرة بإمكانية إصدار المطلوب من القوانين بما يشبه الصيغ السابقة حالة ما إذا استمر النواب وشقيقهم الاستشاري في استغلال الخلاف لإطالة عمر العهد الانتقالي، فيما رأينا المراهنين على تعذّر صدور القوانين لاستمرار الجلوس على أرائك السلطة مع التظاهر بالرغبة في إجراء العملية الانتخابية والقبول بنتائجها، فيما لم تتأخر الوجوه الإعلامية المألوفة عن تصدّر أماكنها في الشاشات مُحسّنة صورة هذا وغير متحرجة من تلطيخ صورة ذاك، وكانت آخر الشاشات التي اتخذت من الخلاف الليبي موضوعا لفتح حواراتها، تلك التي لاحت هويتها الألمانية فالجديد إذاً هو تحديد المدى الزمني الذي يلزم المجلسين لتقديم المطلوب منهما والذي سيشمل بالضرورة بقية المجالس، أما الصاروخ الذي عَمَدَ من عَمَدَ إلى إلقائه على مقر البعثة والمندوبة تلقي كلمتها، فلن يفلت، من أقدمَ على إلقائه، من أجهزة الرصد التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة في سماء ليبيا وإن تكن قد حددت مواعيد الإفصاح عنه في الوقت المناسب، بقيَ أن يكون واضحا لمن تهمه مصلحة الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي، أن المخرج الحقيقي من المأزق الليبي يبدأ من تحديد أولويات الصرف لمسؤولي الأمر الواقع وإلزامهم جميعا بأن مسؤوليتهم توجب الاقتصار على إنفاق الضروري والحذر كل الحذر من الالتزامات طويلة الأجل، إذ ما لم يُسَدّ هذا الأسلوب، فإن كل إنفاق لن يخرج من يقوم به من شبهة الفساد، فإن حرصت المندوبة الكريمة على أن تتفادى شائبة بعض أو كل ما لحق من سبقها، فلتتجه إلى الحد من هدر المال، فقد كان المال وما يزال أول ما دفع دولة الاستقلال إلى القبول بالسيادة المنقوصة لقاء توفير لقمة العيش وقليل الدواء لليبيين، فإذا ما قُدِّرَ له أن يتوفرَ وعَجِزَ محقق الاستقلال عن حسن إدارته سُمِحَ لمن بدا أكثر استعدادا بتولي السلطة، أما عندما بالغ في الخروج عن الخط؛ كانت النهاية بالطريقة التي لم نستطع الخروج منها حتى الآن، فكانت هذه العودة للأمم المتحدة ليأتي منها أكثر من مندوب حتى كانت تيتيه التي تبنّت خريطة طريق حُدد موعدها وأسلوب الخروج من ميوعتها التي طالما استّغِلَّت لتبرير عدم الحسم، ليأتي ما نحن بصدده، فإن قُدِّرَ للمقترح أن يمضي ويُؤتي أُكُلَه، قد نستعير بيت المتنبي في مرثيته اللامية الشهيرة وحرّفناه قائلين النص على الصيغة الآتية: «ولو كل النساء كمثل تيته** لفُصِلت النساء على الرجال».