حافة العشق
الأرض الطاهرة ..
الناجي الحربي
«قادير» مهندس معماري باكستاني الجنسية قَدِمَ من «كراتشي» إحدى أهم المدن في باكستان و تحصل على عقد عمل بإحدى الشركات بمدينة البيضاء مطلع ثمانينيات القرن العشرين .. تشاء المصادفة أن يستأجر الشقة المقابلة لشقتي فنشأتْ علاقات بيننا..
زوجته فنية تمريض تحصلتْ هي الأخرى على فرصة عمل بمستشفى المدينة .. ابنته «شهلاء» طالبة في المراحل الأولى من التعليم تحفظ نصف القرآن ولعلها الآن قد حفظته بجميع القراءات.. تدرس بالمدرسة الباكستانية الواقعة في طرف المدينة الشمالي الغربي .. وتجيد اللغة العربية بطلاقة..
«قادير» مولع بالرياضة الباكستانية.. مثل الهوكي والاسكواش والكريكت .. كان وقتها يقتني جهاز فيديو .. فكثيراً ما كان سكان العمارة يقضون أغلب الأوقات بمربوعته .. كان كريماً.. طيباً.. و تقياً.. منه تعرفتُ على ألعابهم الشعبية خلال أشرطة الفيديو التي يتبادلها مع أبناء وطنه العاملين بليبيا.. وهذه الألعاب هي الأكثر شعبية في باكستان..
باكستان تعني الأرض الطاهرة باللغة الأردية والفارسية .. من المفارقات العجيبة أن الباكستان الدولة الأولى المصنَّعة والمصدرة لكرة القدم في حين لا وجود للعبة كرة القدم بالباكستان..
كان «قادير» حريصاً على تقديم الوجبات الشعبية الباكستانية لنا.. كـ(الهاندي ودهي بلي والبابري شات).. ورغم كمية البهارات والفلفل الأحمر الحار والزنجبيل وشرائح البصل إلا أن طعم الأكلات الباكستانية يتميز بالروعة والمذاق اللذيذ..
سافر «قادير» دون أن ينتظر كامل مستحقاته.. لكنني وعدته بمتابعتها وإرسالها له عن طريق الخدمات المصرفية التي كانت ميسرة آنذاك.. وعندما وصلته كامل حقوقه تواصل معي عن طريق البريد وأرسل ليّ مطبوعات باكستانية حروفها عربية لكنني لم أفهم منها شيئاً.. آخر كتاب أرسله ليّ كان باللغة الإنجليزية عبارة عن دليل سياحي لدولة باكستان الفدرالية والتي يقطنها أكثر من مئتي مليون نسمة .. ويتحدثون عدة لغات ويدينون بديانات عديدة..
«قادير» رجل «يعد الجيرة» وهو مسلم محافظ على الصلوات كثير الصيام والتصدق.. كم أنا في شوق إلى لقائه..!!