رأي

جيتك يا عبد المُعين تعينّي لقيتك يا عبد المعين تِنعان

بقلم / أمين مازن

قد لا يصعب على من يرقب الأحوال المغاربية هذه الأيام أن يقرر بكل الإطمئنان, أن معظم اللاعبين السياسيين بتونس و الجزائر و ليبيا تحديداً, يمارسون في مواقفهم تجاه بعضهم ما يُعرف بإلقاء البطاطس السخن عند الأكل, نحو فم الجار, لا فرق أن يكون ذلك جرّاء ما نعانيه نحن الليبيين من صراع محموم على المال, انطلاقاً من السلطة و السلاح و الإدّعاء الكاذب للديمقراطية و الدولة المدنية و قل ما شئت من العبارات التي لا يسأم ترديدها المتفقون علىإطالة عمر مأساتنا, و ما تدرُّه عليهم من المكاسب, أو أشقائنا في الجزائر الذين لا يرون لإخفاء مأساتهم سوى الحديث المُعاد عن الحالة الليبية, و الإنشغال الدائم بها, ذلك الذي قد لا يعدم الصدقية, إلا أنه مُفتقِر لأي نصيب من المقدرة. أو العزيزة تونس التي لم تكد تنهي المعركة الأخيرة من انتخاباتها الرئاسية و البرلمانية حتى بدت كالمشجب الجيد لساستها أولاً, و المتصارعين في واقعنا البائس ثانياً, إذ بعد أن اتخذ أصحاب الصفات الإعتبارية و الممارسات العملية, ما رأوا فيه ما قد يزيد في رصيدهم عند فوز السيد قيس السعيد برئاسة تونس فهرولوا بلا استثناء لتهنئة القادم الجديد عندما فاجأهم فوزه الناتج عن اصطفافات الفيس بوك الذي صار منذ الحقبة الثانية من هذا القرن يُمثّل الأداة الأولى و الأقوى لتوحيد المواقف الرافضة, ليس فقط للحكام التقليديين بل و أيضاً للذين لم يكونوا في مستوى نتائج صناديق الإقتراع, فسعوا إلى تمديدها و توظيفها لمن يهمه أمره و يشغلهم أمر فائدته فكانت مواجهتهم بحزم شبه خيالي, ما لبث أن شرعن إزاحتهم و تصحيح المسيرة من بعدهم, و لو بشبح البندقية حين تبين ألا مفرّ منها لوقف التيارات المتطرفة و المرتهنة للآخر غير العربي ملتمسة منه المدد مناصرةً له على الأدنى في رابعة النهار, الأمر الذي أوجد قوة جديدة ما زال تأثيرها يتمظهر, إن يكن فوز قيس السعيد قد مثل هذه المرة نقطة تحوّل في تونس, إلا أنه قد يكون له ذات التأثير حالة الإحتياج إليه, فلن يبق قيس السعيّد على هيئة شيخ قبيلة يقول لمن حوله ما قال القدامى بصدد العدالة و لكنه المحتاج إلى تحقيق التوازن المطلوب لتشكيل حكومة إئتلافية, من مجلس نيابي صرَّحَ فيه من طال الأغلبية النسبية, أنه لن يتعاون مع من يتلوه مباشرة في عدد النواب, بحجة ما تردد عن الفساد المالي و ما استدعى حبس زعيمه المرشح للرئاسة نبيل القروي, ما أثار الكثير من اللغط حول مسارها, و مثلها معركة النواب, و رد فعل هذا الأخير برفض التعاون لما قيل و يُقال حول جريمة جريمة اغتيال شكري بلعيد و محمد البراهمي, التي حدثت إثناء حكم الترويكا و رئاسة علي العريَّض للحكومة و إلى جانب ذلك رئاسة هذا المجلس الجديد و المحتاجة للتوافق مما يعني أن المهرولين لتونس لن يضفروا بشيء و أن حديث قيس السعيد عن ليبيا سابق لأوانه و هو المستقل الذي لا تقف حوله أي كتلة و لن تتحقق هذه الكتلة إلا بما ينال من استقلاله و يخضعه لإكراهات السلطة, و إن كان المقطع الذي بُثَّ حول رأيه في مسألة التسوية في الميراث و تركها لرب الأسرة و كذا الفئات العمرية التي صوتت له قد يعني أن الذين تظاهروا بتأييده في تونس قبل انتهاء المعركة ليسو بمنأى عن المناورة, كما أن المهرولين الليبيين أشد بؤساً, و عود على بدء, فلا يصعب على من يرقب الأحوال المغاربية أن يقرر بكل اطمئنان حول ما يجري عندنا في ليبيا و غربنا في تونس و الجزائر, أن ما يصدق حولنا بحق هو ذلك القول القديم «جيتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين تِنعان».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى