تأملات مؤسسات المجتمع المدني إلى أين؟!
تعد مؤسسات المجتمع المدني منظمات غير حكومية وتقوم بنشاط أهلي وإنساني، وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في أدائها ونشاطها لكنها تواجه تحديات والمعوقات، يعاني بعضها من ضعف التمويل الذاتي والداخلي حيث يفترض أن الدعم يأتي من الإيرادات وتبرعات محلية أكثر منها دولية، وتعد مؤسسات المجتمع المدني أحد روافد الديمقراطية وهي قوة ضاغطة على الحكومات وتستطيع هذه المؤسسات الأهلية لو اتيح لها الدعم الكافي أن تقدم للمجتمع الكثير من الأعمال الجليلة والإنسانية والتي ربما فشلت الوزارة في تأديتها وربما أهدرت الكثير من المال دون أي عمل حقيقي للمجتمع ولكن رغم أهمية دور هذه المؤسسات للمجتمع إلا أن تبعية هذه الأجسام إلى وزارة الثقافة يجعلها في اعتقادي مكبَّلة تماماً عن دورها، لأن هذه المؤسسات دورها تكاملي مساند للحكومة في بعض الأحيان، وناقد لها في كثير من الآحيايين، كذلك مما يجدر ذكره في هذا الخصوص ظهور عديد المؤسسات الوهمية التي استغلت التبرعات والدعم من أهل الاحسان لمآربها الشخصية.
كما يجدر الذكر أن هناك بعض المؤسسات نشطة وكان لها جهود وطنية تذكر وتشكر وعلى الأخص داخل العاصمة طرابلس انحصر دورها في مساعدة الأسر المحتاجة والأيتام والنازحين، ولكن من خلال تتبعنا الدقيق لنشاطهم لاحظنا انحرف دور عديد منهم عن الدور الإنساني، إلى دور سياسي وتوعوي من خلال عقد ورش عمل وندوات ذات تمويل خارجي تضخ عليها منظمات دولية على مرأى ومسمع الجميع ولاحظنا الكثير من المؤسسات والمنظمات تلاشت بسبب غياب التمويل بالمقابل هناك مؤسسات نشطة ذات تمويل داخلي وخارجي مستمر.
وبعد تزايد وتيرة العنف في العاصمة طرابلس ونزوح أكثر من 140ألف أسرة ليبية من مناطق الاشتباكات أصبحت طرابلس أمام مشكلة إنسانية كبيرة عالقة لم نجد إلا بعض الجهود البسيطة لحوالي 100 منظمة إنسانية في ليبيا لم تقدم دعماً أو مساندة للأسر النازحة وتكفلت البلديات بدعم هذه الاعداد المتدفقة من الأسر والعائلات، وقامت بتوفير مراكز إيواء لهم داخل المؤسسات التعليمية، وفي بعض البلديات فتحت لهم الفنادق في الوقت الذي يجعلنا نتساءل لماذا تتجاهل المنظمات الدولية المانحة دعم هذه الفئات وتدعم وتضخ للنشطاء في الداخل طرح قضايا سياسية وقضايا غير إخلاقية أيضاً الأمر الذي يجعلنا نقف مذهولين أمام عجز مؤسسات الدولة عن متابعة وردع البعض لهم كذلك لا يفوتني هنا أن ننوه عن دور وزارة الشؤون الاجتماعية القاصر والمقصر في مساندة النازحين واحتواء المؤسسات الخيرية والإنسانية، وخلق توأمة حقيقة داخلية دون معين خارجي فنحن لسنا بحاجة إلى ضخ إماراتي أو ألماني أو دعم منظمات وإن كانت عريقة فنحن بلدٌ حباه الله بنعم وثروات لدينا ما لديهم فقط تحتاج إلى تجدر روح التعاون ومشاعر الانتماء، ولعل اخطر ما في هذه المؤسسات غير الحكومية استغلالها لاغراض جهوية أو سياسية في الداخل والخارج وكذلك انتشار الفساد الإداري والمالي في أوساط الكثير من المنظمات في ليبيا غير الحكومية وذلك لغياب المراقبة على نشاطاتها وعدم استقرار الدولة وضعف الدور الحكومي وغياب التنظيم الإداري، وكذلك مشكلة اغلب المؤسسات النشطة مثل رابطة المتحدة للملاك المحافظ الاستثمارية والجمعية الليبية للمتقاعدين تعاني ظروفاً صعبة رغم أنها ذات طابع وطني وإنساني ولا تضخ لها منظمات دولية رغم أنها تناضل وتدافع وتناظل على شرعية واسعة ومهمة.
وفي الختام نناشد الحكومة والنشطاء بالتعاون بشفافية والاستعانة بذوي الخبرة وكشف الغطاء عن الفاسدين و التمسك بثوابت المجتمع .
نعيمة التواتي