فبرايرخاص
متابعة وتصوير/نورية الرنين
أقيم صباح الإثنين الماضي بمدرج قسم الكيمياء جامعة طرابلس حفلٌ بمناسبة اليوم العالمي للترجمة نظم الحفل مجمع اللغة العربية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي وجامعة طرابلس.
حضر حفل الافتتاح كلٌ من رئيس جامعة طرابلس الدكتور خالد عون ونائب رئيس مجمع اللغة العربية الليبي الدكتور محمد مصطفى بالحاج، وعضو لجنة المعجم التاريخي نيابة عن الدكتور نجيب الحصادي وخبير الترجمة والتعريب، كما كان من بين الحضور لفعاليات هذا الحفل مدير الإعلام والعلاقات العامة طرابلس السيد سفيان قشوط ونيابة عن عميد بلدية طرابلس السيد عبدالرحمن الحامدي والسيد الصديق نصر، والسيد محمد الهدار ممثلاً عن السيدة وزير الثقافة، إلى جانب عدد غفير من الأساتذة والمثقفين والمهتمين.
يعد اليوم العالمي للترجمة فرصة للإشادة بجهود اللغويين الذين يضطلعون بدورهم في مد جسور التفاهم بين الأمم وتيسير الحوار بينهم والمساهمة في التنمية وتعزيز السلم والأمن العالميين.إن الهدف من إقامة هذه الاحتفالية إلى التحسيس والتوعية بأهمية الترجمة لأن الترجمة نشاطٌ منسي في ليبيا لا يعرفه إلا المتخصصون.إن جديد هذه اللقاءت وتبنيها إعلامياً والصدى الذي ستأخذه في الجامعة بين المثقفين مهم جداً ولذا لابد لنا أن نذكر دائماً بأن الترجمة عملية مهمة وإننا لا نوليها قدرها ولا نوفر لها الامكانات المادية المناسبة.
عديد الكلمات نذكر بعضاً منها
تخلل برنامج الاحتفالية عديد الكلمات كانت البداية بكلمة ألقاها الدكتور الصديق بشير نصر الذي رحب فيها بالحضور كما تطرق لمسألة الخيانة في الترجمة ومدى الغبن الذي يعانيه المترجم ووصفه بأنه مقاتل في ساحة الحرب ويلتفت إليه في بعض البلدان التي نالت حظاً كبيراً من المعرفة وتعرف قدر المعرفة.
وأضاف نحن اليوم نحتفي باليوم العالمي للترجمة، هذا اليوم تأسس بقرار من هيئة الأمم المتحدة رقم (17288) الصادر عن الجمعية العامة وحدَّد فيه 30 سبتمبر من كل عام ليكون يوماً عالمياً للترجمة، وقال لقد اختير هذا اليوم تكريماً لأول مترجم لكتاب العهد القديم الأناجيل من اليونانية إلىاللاتنية ترجمة القديس «دجيرو».
وأضاف إن الترجمة اليوم تطورت وأصبحت لها مدارس؛ وبالتالي نحتاج إلىمؤتمرات بذاتها كي يسلط عليها الضوء،ثم تلتها كلمة للدكتور محمد بالحاج نائب رئيس مجمع اللغة العربية قال فيها عندما نهضت أوروبا في عصر النهضة لم تنهض إلا على أسس علمية اقتبستها من المسلمين؛ وتابع بالحاج قائلاً حتى الجانب الفكري العربي المنبثق من ثقافة اليونان ثم الرومان، لم تنطلق منه تعتمد عليه بل لم تعرفه مباشرة؛ وعرفته من خلال المسلمين؛ وأبرز هؤلاء «ابن رشد» الذي سموه بالمعلم الثاني بعد «ارسطو» والأساتذة المترجمون، والعلماء المسلمون الذين ترجموا آثار اليونان هم الذين استعانتْ بهم أوروبا فيما اختارته من علوم المسلمين ككتاب (القانون في الطب) لابن سينا الذي ظل يُدرس في أوروبا ثلاثة قرون، وأضاف بالحاج تعد الترجمة أساساً جوهرياً من أسس قيام الحضارات ولم تقم أمة من أمم الأرض التي ازدهرت حضاراتها إلا وكانت الترجمة منطلقاً أساسياً لمنطلقاتها ، تخلَّل الحفل تكريم ثلة من المترجمين اللليبيين ممن كان لهم باعٌ طويلٌ في هذا المجال سواءً الترجمة الأدبية أو العلمية مع مراعاة الأسن وكان الدكتور عبدالحميد فضيل الميار أول المكرمين لأنه الأسن فهو من مواليد 1932م تخرج في كلية الآداب عام 1960م وتحصل على بكالوريس العلوم العسكرية كما تحصل على الدكتوراه في التاريخ القديم من جامعة لندن كذلك درس التاريخ القديم واللغة الفنيقية في الجامعات الليبية ثم رُقي إلى درجة أستاذ في العام 1996م وأشرف وناقش عديد الأطروحات العلمية .. كما أنه عضوٌ في جمعية الدراسات اليبية البريطانية في لندن.إن الدكتور الميار له آثارٌ كثيرة منها مؤلفات وترجمات؛ ومن مؤلفاته كتابه المهم (الحضارة الفنيقية)؛ وكتاب (ليبيا والأمبروطوريات البريطانية والرومانية) ،أما الشخصية الثانية التي تم تكريمها الدكتور عمر لطفي العالم وهوشخصية غنية عن التعريف ونموذج فريد من مواليد 1936م له باعٌ في الترجمة الألمانية والإنجليزية وكان يشتغل في معارف صعبة؛ فقد ترجم أعمالاً لجاهبذة المستشرقين الألمان مثل (يوهان فك) في كتابه الكبير الذي يعد مرجعاً للترجمة الشخصية الثالثة التي نالت شرف التكريم الدكتور فاروق البشتي من مواليد 1937م وهو عالمٌ من علماء الرياضيات ومتخصص في علم (الإحصاء الوصفي)؛ وله كتب مترجمة في هذا المجال، بينما حل في المرتبة الرابعة الدكتور عبدالكريم أبوشويرب وهو شخصية نادرة؛ فهو طبيب، ولكنه له هوسٌ كبيرٌ بتاريخ المعارف وتاريخ المعرفة والعلوم؛ وهو رجلٌ في غاية التواضع أما الشخصية الخامسة التي حظيت بالتكريم الأستاذ الدكتور محمد نوري المهدوي من مواليد 1938م قام بترجمة كتابين بمشاركة أستاذين آخرين في كلية العلوم جامعة طرابلس وهو أحد علماء النبات؛ وعضو في قسم النبات في هذه الجامعة ومن الرواد الأوائل والذي لم يتمكن من الحضور نظراً لظروفه الصحية؛ لكنه فوض زوجته رفقة ابنهما عامر كي تقوم باستلام شهادة التقدير.
ووجهت عبارات الثناء والشكر للدكتورة لطفية التي لها اسهام في مجال الترجمة فقد ترجمت كتاباً في تشريح النبات.
الأستاذ المهندس جاد الله عزيز فضل كان آخر الشخصيات التي تم تكريهما الذي لم يتمكن من الحضور نظراً لظروفه الصحية.
بعد استراحة قصيرة ألقيت عديد المحاضرات أول محاضرة كانت للدكتور عمر العالم بعنوان (تجربتي الخاصة في الترجمة) سلط فيها الضوء عن تجربته والتي وصفها بأنها محض محاولات قد تنجح وقد تخفق وهو يرى أن عهده بميدان الترجمة لا يزال غضاً واعتبر أن اختياره لهذا النوع من الأعمال هو جرأة متهورة وعفوية ساذجة لم يأته من بابه الواسع حسب تعبيره. المحاضرة الثانية ألقاها الدكتور عبدالكريم أبوشويرب بعنوان (تجربتي الخاصة في الترجمة) تطرق فيها لمحطات من تجربته في مجال الترجمة عن اللغة التركية موضحاً بأنه لا يوجد لغة عثمانية؛ فالكلمة ، والجمل، والقواعد النحوية والصرف كاللغة التركية تماماً رغم أن هناك زيادة أو نقصان.
المحاضرة الثالثة للدكتور الصديق نصر بعنوان (الترجمة الأدبية في مشروع النهضة الأدبي) أوضح فيها أن الترجمة في التاريخ العربي ليستْ بالحديثة فهي منذ منتصف العصرين الأموي والعباسي؛ فهذه الفترات أنجبتْ جهابذة المترجمين.
وقال الصديق إن موضرع الترجمة موضوع شائك ومشوق.
المحاضرة الرابعة كانت للدكتور محمد عثمان بن بركة وكان عنوانها (الأدب العربي المترجم إلى الفرنسية والمترجم نجيب محفوظ نموذجاً).
وقال : (إن الأديب نجيب محفوظ تجربة هامة في تاريخ الترجمة من العربية إلى الفرنسية؛ فبوجود نجيب تغيرت النظرة إلى الترجمة من العربية إلى الفرنسية؛ خصوصاً بعد نيله جائزة نوبل للآداب).
لقاءات على هامش الاحتفال
ولمعرفة المزيد عن فعاليات هذا الحفل أجرتْ مندوبة الصحيفة عديد اللقاءات؛ البداية كانت مع الدكتور خالد عون رئيس جامعة طرابلس الذي قال : إن الترجمة نشاط عالمي وهو وسيلة لتلاقح الثقافات والارتقاء بالشعوب؛ وفي حالتنا نحن لسنا طرفاً علمياً بحد ذاته؛ ولكن نحن محتاجون إلى ترجمة الثقافات الأخرى؛ وترجمة المعارف والانتقال نحو التدريس باللغة الأم لأنها اقرب إلينا واسهل؛ وهي لغة التفكير لدى الطالب.
وشدَّد د. عون على ضرورة تشجيع الترجمة وبكل قوة .
وأشاد بالمجهود القائم به مجمع اللغة العربية وهو مجهود يذكر فيشكر.
وأضاف أن ما حدث اليوم هو لقاء صغير في محاولة لتكريم رواد الترجمة في ليبيا بمناسبة اليوم العالمي للترجمة.
وأعرب د . عون عن أمله في أن تستمر مثل هذه اللقاءات؛ وأن تتوطد العلاقة بين الجامعة والمجمع؛ وأن الجامعة في هذا اليوم كانت مجرد مستضيفة؛ وأن النشاط بالكامل يحسب لمجمع اللغة العربية .. كما إننا نريد أن نكون جزءًا من النشاط الثقافي في طرابلس خاصة، وفي ليبيا عمومًا؛ وهو دور أصيل من أدوار الجامعة؛ خدمة للمجتمع.
وأضاف قائلاً: المترجمون موجودون والكفاءات موجودة سواء الترجمة العلمية أم الأدبية، وهي الأصعب بلا شك ولكن نفتقد البوتقة التي تحتضنهم؛ فالبوتقة من الناحية الإدارية والقانونية موجودة؛ وهي مجمع اللغة العربية الذي يجب توفير كل الامكانات له.
والتقصير حيال المترجمين هو حالة عربية ليستْ حالة محلية؛ وربما وضعنا أكثر سوءًا إلى حد مافي هذا المجال؛ مثقفون لا يعرفهم أحدٌ في الخارج؛ عمالقة في الفكر والأدب العربي لا يعرفهم أحدٌ في الخارج.
وقال هناك تقصير واضح من قبل الإعلام؛ وتقصير واضح من الدولة ولكن الترجمة بصفة عامة في الدول العربية متأخرة جداًحتى في الدول التي تتمتع بالكثافة السكانية وتضخم عدد الخبرات؛ فالإنتاج العربي للترجمة محدود جداً؛ الترجمة عملية إبداعية مباشرة إذا كانت في المجالات الإبداعية؛ وإذا كانت في الكتب المنهجية؛ وما إلى ذلك عملية تجميع وصقل وترتيب وبناء التسلسل المعرفي.
وختم حديثه بقوله : هذه العملية الإبداعية لا يلتفت إليها ؛ ولكن لا تقل أهمية عن التأليف وقد تفوقها في أحيان كثيرة.
كما التقينا بمؤسس دار الكتب الوطنية والمستشار العلمي لتأسيس مركز تشيز أمانة المرافق بنغازي محمد عمر فنوش؛ وهو من أقدم المتخصصين في علم المكتبات في ليبيا منذ بداية السبعينيات الذي قال : صلتي حديثة بالمجمع؛ وحضوري هنا كصديق؛ ولستُ موظفاً، ولكن متابعاً لنشاطاتهم، وأعمالهم وأنا أشعر بأنهم في ليبيا يشقون طريقهم بصعوبة لأداء مهة ورسالة نبيلة للمجتمع الليبي.
وأضاف إن إحياء اليوم العالمي للترجمة يعد لفته جميلة للاحتفاء بهذا اليوم العالمي؛ وبأن يشيدوا بالمترجمين الليبيين حيث أخذو يحاولون أن يدركوا المترجمين المتقدمين في السن من مواليدالثلاثينيات ، وأضاف هناك جهودٌ كبيرة تبذل على المستوى المحلي ولأنها جهود فردية بدأت تطمس ولا تأخذ حقها في الانتشار؛ فمن المفروض أن تستحدث لدينا مؤسسة متخصصة في الإشراف على الترجمة، ودعم المترجمين.. كما أننا نحتاج إلى نشاطأكبرمما يجري الآن .
لكن النشاط الكبير يحتاج إلى ميزانية لترجمة كل ما يتصل بالعلوم بصفة عامة؛ وما يتصل بليبيا بصفة خاصة.
وفي ختام حديثه قال من المفروض على المسؤولين الحرص على دعم كافة النشاطات العلمية؛ وليستْ الترجمة فقط فالترجمة هي عبارة عن مجال من مجالات النشاط العلمي.