تنفيذ تعددية الأطراف والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
بقلم القائم بأعمال السفارة الصينية لدى ليبيا “وانغ تشيمين”
في 25 أكتوبر عام 1971 قبل 50 عاما، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتّحدة في دورتها الـ 26 القرار 2758 بأغلبية ساحقة من 76 صوتا مؤيدا و35 صوتا معارضا و17 صوتا ممتنعا عن التصويت، لإعادة جميع حقوق جمهورية الصين الشعبية والاعتراف بأن ممثل حكومة جمهورية الصين الشعبية هو الممثل الشرعي الوحيد للصين في الأمم المتحدة. على الرغم من أن الصين وليبيا لم تقيما علاقات دبلوماسية، إلا أن ليبيا كعضو في الدول الأفريقية، مع أشقاء أفارقة صديقين آخرين، أدلت بصوت ثمين في الأمم المتحدة ونقلوا الصين إلى الأمم المتحدة.
ألقى الرئيس الصيني شي جينبينغ كلمة مهمة في مؤتمر إحياء الذكرى ال50 لاستعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة تعتبر حدثا كبيرا في العالم وفي الأمم المتحدة على حد سواء، وجاء ذلك نتيجة للجهود المشتركة من قبل جميع الدول المحبة للسلام والتي تقف إلى جانب العدالة، ويرمز ذلك إلى عودة الشعب الصيني الذي يشكل ربع سكان العالم إلى مسرح الأمم المتحدة، لذا فيكتسب أهمية بالغة وبعيدة المدى بالنسبة للصين وللعالم. كانت السنوات الـ 50 التي مضت على استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة، 50 عاما من التنمية السلمية للصين وخدمتها للبشرية.
ظل الشعب الصيني يتمسك بروح الكفاح في سبيل تقوية الذات، ويتحكم في توجه التقدم للصين في ظل التغيرات والتقلبات، مما سجل ملحمة عظيمة لتطور الصين والبشرية. على أساس ما تم تحقيقه في البناء والتنمية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، فتح الشعب الصيني مرحلة تاريخية جديدة للإصلاح والانفتاح، حيث نجح في إطلاق وتطوير الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وعمل على تحرير وتطوير القوى الإنتاجية الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة باستمرار، وحقق اختراقا تاريخيا متمثلا في تحويل الصين من التخلف النسبي من حيث القوى الإنتاجية إلى أن تحتل المركز الثاني في العالم من حيث حجم اقتصادها الإجمالي. وحقق الشعب الصيني بيديه وبفضل نضاله الشاق هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل في الصين، وحقق انتصارا في حرب مكافحة الفقر، وحققنا نجاحا تاريخيا في التخلص من الفقر المدقع، مما أطلق مسيرة جديدة نحو بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل وفتح آفاق مشرقة للنهضة العظيمة للأمة الصينية.
ظلت الصين تتمسك دوما بالسياسة الخارجية السلمية والمستقلة وتقف إلى جانب الحق والعدالة، وترفض رفضا قاطعا الهيمنة وسياسة القوة، وتدعم الشعب الصيني بكل ثبات النضال العادل للدول النامية الغفيرة في سبيل صيانة سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية. من مبادرة “الحزام والطريق” إلى مبادرة التنمية العالمية، تعد كلمة “الطريق” كلمة رئيسية مهمة في التعاون والتبادلات الخارجية للصين، مما يدل على أن الصين تسير جنبًا إلى جنب مع الدول الأخرى. يطرح الجانب الصيني مبادرة التنمية العالمية ما في ظل إنتشار COVID-19 كما يلي: التمسك بالأولوية للتنمية، التمسك بوضع الشعب في المقام الأول، التمسك بالمنفعة للجميع والشمولية، التمسك بالتنمية المدفوعة بالابتكار، التمسك بالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، التمسك بالتركيز على العمل. وهذا يشير إلى أن الصين تأمل في توسيع طريق التعاون والتنمية والقضاء على الفقر وتعزيز التنمية العالمية بقوة إلى مرحلة جديدة من التوازن والتنسيق والشمولية.
ظلت الصين تحافظ على مصداقية الأمم المتحدة ومكانتها، وتنفذ تعددية الأطراف، حيث يتعمق التعاون بين الصين والأمم المتحدة يوما بعد يوم. وتدعو الصين بنشاط إلى حل النزاعات سياسيا عبر الطرق السلمية، وقد بعثت أكثر من 50 ألف فرد للمشاركة في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، وأصبحت ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة وثاني أكبر مساهم في ميزانية حفظ السلام. وحققت الصين قبل غيرها الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة، وبادرت في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، وتجاوزت المساهمة الصينية 70% في الجهود العالمية لمكافحة الفقر. لقد وقفت الصين على الدوام إلى ليبيا في اجتماعات الأمم المتحدة حول الملف الليبي، وتتمسك بمبدأ ” يقودها ويملك زمامها الليبيون” لحل الملف الليبي. ومن المأمول أن تزيد الأطراف المعنية من بناء توافق في الآراء وإدارة الخلافات، وتعزيز العملية السياسية وإجراء الانتخابات العامة بنجاح نهاية العام الجاري. إن الصين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي للقيام بدور إيجابي في تحقيق السلام الشامل والدائم، والاستقرار، والتنمية الاقتصادية، والاجتماعية.
في الوقت الراهن، تتطور التغيرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة تطورا متسارعا، وتتنامى قوة السلام والتنمية والتقدم بشكل مستمر. في هذا السياق، يجب علينا مواكبة الزخم العام للتاريخ والتمسك بالتعاون والانفتاح والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك ونبذ المواجهة والانغلاق واللعبة الصفرية، والرفض القاطع للهيمنة وسياسة القوة بكافة أشكالها، والرفض القاطع لأحادية الجانب والحمائية بكافة أشكالها.
تعيش البشرية في مجتمع واحد، ويعد كوكب الأرض دارها المشتركة. فلا يمكن لأي شخص أو أي بلد النأي بنفسه عن الآخرين، فيجب على البشرية التعاضد والتساند والتعاون والتعايش بالتناغم، والمضي قدما بخطوات مطردة نحو إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والعمل سويا على خلق مستقبل أفضل. إن الدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية لا يستهدف استبدال نظام بنظام آخر، أو استبدال حضارة بحضارة أخرى، بل يسعى إلى تقاسم المصالح والحقوق والمسؤولية في الشؤون الدولية بين دول العالم بغض النظر عن الاختلاف فيما بينها من حيث الأنظمة الاجتماعية والأيديولوجيا والتاريخ والثقافات والمستويات التنموية، بما يشكل قاسما مشتركا أكبر للتعاون في بناء عالم جميل. علينا التعاون يدا بيد في الدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والعمل سويا على بناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك والانفتاح، والتسامح، والنظافة، والجمال.