إعداد ومتابعة
محمد الطاهر التراسي
قبل أربعين عامًا سجلتْ أول حالة مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية HIV المسبَّب لمرض الإيدز، ومن وقتها ما فتئ العالم يُجري أبحاثه للوصول إلى علاج لهذا المرض وحتى اليوم مازال مرض الإيدز على رأس قائمة الأمراض التي لم يجد له العلماء دواءًا فعالاً، وجميع الإجراءات متوقفة على بعض الطرق التي تمنع الانتقال.
وفي ليبيا سجلتْ أول حالة في عام 1989 خصوصية مرض الايدز تخلق خصوصية مختلفة لمرضاه، أو كما يقال المتعايشين معه، في ليبيا حسب إحصاءات المركز الوطني لمكافحة الأمراض فإن عدد المصابين يتجاوز حتى عام 2018 (4000 )وفي عام 2020 وصل العدد إلى ما يزيد عن (6000) ، أي خلال سنتين ازداد عدد المصابين إلى ما يقدر الـ2000 حالة .
يعاني في ليبيا المتعايشين مع المرض عدة تحديات تتمثل في نقص الأدوية والعلاجات، وإن وجدتْ فهي تتسم بغلاء الأسعار ، وتعرض المصابون إلى الوصم المجتمعي والازدراء الوظيفي .
لمتابعة أوضاع المتعايشين والوقوف على التحديات التي يعانونها، ارتأينا في البداية نسأل عن عدد المصابين بهذا المرض حتى اليوم.
للإجابة عن هذا السؤال توجهنا إلى إدارة الإيدز والأمراض المنقولة جنسيًا بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض والتقينا د. أيوب الأشخم رئيس قسم الإحصاء والدراسات بالإدارة .
نقص الأدوية وقل الخدمات الصحية، أكبر عائق يهدد حياة وسلامة المرضى
أعراف مجحفة وقوانين غير منصف ، وحال المتعايشين على حافة الموت …
والواقع مرير وملايين المليارات تصرف في الحروب والأسلحة
كم عدد المسجلين بمنظمة الإحصاءات لحاملي الفيروس؟
أعداد مرضى الإيدز المسجلين في المستشفيات الليبية حتى عام 2020 (6789) وهذا طبقًا لاحصائيات منظومة المعلومات الصحية التي تزودنا بها المستشفيات الليبية التي تقدم خدماتها لمرضى الإيدز .
أما عدد الوفيات وصل إلى 378 حالة، أما عن الأشخاص المنقطعين الذين لم نعد نملك عنهم أية معلومة حوالي (3170)، أما المرضى المتابعون فهم (3229) مريضاً، بينما عدد الحالات التي تحت العلاج الآن (3186) حالة .. هذه المنظومة أُنشئتْ قبل عام 2011 وبدأ العمل عليها فعلياً منذ عام 2013.
ما أهمية رصد وإحصاء الأرقام بالنسبة لكم على الأقل ؟
رصدُ الأرقامِ مهمٌ جدًا في أنحاء العالم، خصوصًا فيما يتعلق بمراقبة مؤشرات اصابات الإيدز في البلاد؛ فمِن خلال رصد وإحصاء هذه الأرقام وما يضمها من معلومات مفصلة كنوع الاصابة، يطلعنا على الأسباب التي تزيد من احتمالية انتقال عدوى الفيروس؛ فنقوم بالتوعية والإرشاد حوله. فمثلاً قبل عام 2010 كانت أسباب الاصابات تسجل من قبل المتعاطي المخدرات .. أما اليوم فقد أصبح الاتصال الجنسي هو السبب الرئيس لانتقال الفيروس، ومن هنا يمكننا استهداف شريحة الشباب للتوعية من مخاطر انتقال الفيروس عبر العلاقات الجنسية. لهذا أقول إن الرصدَ مهمٌ جدًا في مكافحة المرض. مع العلم أن كل يوم تسجل حالات حاملة لفيروس HIV ترصد من قبل المستشفيات الليبية ونقاط الخدمة بها.
المتعايش الملتزم بدوائه يعامل معاملة الإنسان الطبيعي حتى في العلاقة الجنسية .
لم يبقَ أحدٌ لا يعرف كيف ينتقل فيروس HIV، وطرق الحصول على المعلومات في ظل هذا الانفتاح المعلوماتي فأصبح أكثر سهولة ويسرًا ، لكن مازال عديد النَّاس يروج للكثير من المفاهيم المغلوطة حول انتقال الفيروس، لذا قرَّرنا المرور على د. أحمد سليمان العربي رئيس قسم مكافحة التهاب الكبد الفيروسي بإدارة الإيدز بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض .. وتساءلنا ..
ما هي أبرز المفاهيم الخاطئة حول انتقال فيروس HIV ؟
هناك العديد من المفاهيم والمعلومات التي تحتاج إلى مراقبة وإعادة ترتيب، وأغلب هذه المعلومات يوميًا يتم تداولها بين العامة ما يدفع الآخرين إلى تصديقها أو العمل بها، مثلاً عملية انتقال الفيروس لا يمكن أن تحدث من خلال التواصل الاجتماعي، أي أن الأكل والشرب والجلوس مع حامل للفيروس لا يؤدي إلى انتقاله من شخص إلى آخر، وكذلك ينفي العلمُ أن تدخل الحشرات كنقال للعدوى بين البشر.
إذا فيما تتلخص عملية انتقال العدوى ؟
تتلخص في الجنس بالدرجة الأولى وخصوصًا في حال كان أحد طرفي العلاقة مصاباً ولا يتم استخدام الواقي الطبي، وأيضًا يمكن للمرأة الأم نقل الفيروس لطفلها الوليد في حالة عدم تلقيها للعلاج واتباعها لخطوات وإجراءات الحماية المشار إليها من قبل طبيبها، أم الطريقة الثالثة وهي عن طريق انتقال الدم، من خلال استخدام الحقن بين متعاطي المخدرات، أو الوخز بالإبر كما يحدث في أغالب الأحيان مع الأطباء. وهنا وجب التنويه إلى أن عملية انتقال العدوى من خلال الوخز لا تحدث إلا في حال كانت نسبة ودرجة خطورة الفيروس مرتفعة، وهذا يعتمد على تلقي العلاج والمداومة عليه.
وأهم معلومة يمكنَّني أن أقدمها لكَ وللقراء، أن المتعايش الملتزم بأدويته يعامل معاملة الإنسان الطبيعي حتى في العلاقة الجنسية، أي يمكنه ممارسة الجنس حتى دون استخدام الواقي الطبي، ويحظر فقط تبرعه بالدم، وهذا يعيدنا إلى أهمية توفر الأدوية ومداومة المصابين على تلقي علاجاتهم.
كما أود التذكير أن أكثر فئة تتعامل مع المتعايشين أو الحاملين للفيروس هم أطباء الأمراض السارية ومع ذلك من النَّادر جدًا أن تجد طبيبًا مصابًا، أو انتقلتْ له العدوى، وهو راجعٌ إلى معرفة طرق الانتقال واتباع الإجراءات والخطوات التي توقف عملية انتقال العدوى .
التعايش مع المرض أسهل من التعايش مع هذا المجتمع
نسمع كثيرًا على أوضاع المتعايشين والتحديات التي يعانون منها، تواصلنا مع أحد المصابين بالتعاون مع إدارة الايدز بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض دون الكشف عن هويته الحقيقة.
البداية دفعنا الفضول لنسأل السيد( م.ك) عمره 34 عامًا ، هل تستطيع أن تذكر لنا كيف انتقل إليك الفيروس؟
أجل.. انتقل إليَّ الفيروس عن طريق وخز إبرة هذا لأنني أعمل في المجال الطبي كمَّمرض، ومسعف.
يقولون عنكَ متعايشاً ، هل حقًا تعايشتَ مع المرض ؟
إن التعايش مع المرض ليس صعبًا، القليل من الإرادة والثقة والإيمان بالله تعالى يمكنَّني من التعايش بهدوء، الحقيقة إن التعايش مع نظرة النَّاس من وصم وازدراء وانعدام فرص العمل شيءٌ بات من المستحيل على الأقل في هذا المجتمع.
ما أكبر التحديات التي تواجهه الآن ؟
التحدي الوحيد أن احافظ على صحتي وأن أعيش كإنسان طبيعي اقدر نفسي قبل الآخرين واسعى إلى احترام نفسي قبل الآخرين، بالاضافة طبعًا إلى تحديات الحصول على الدواء وتغطية مصاريفها.
من منطلق نقص الأدوية وغلاء أسعارها سألنا السيد ط.ع المتعايش مع المرض منذ 6 سنوات الذي اخبارنا أنه انتقل إليه الفيروس عن طريقة علاقة جنسية قام بها خارج إطار الزواج.
ما حقيقة تحديات نقص الأدوية وغلاء أسعارها بالنسبة للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية؟
حقيقة مؤلمة، فالعلاج يصل ثمنه 3000 دينار شهريًا ناهيك عن تكاليف التحاليل، ورغم أن العلاج هو الملجأ الأخير ليَّ ، والذي يمكنني من التعايش مع الفايرس والمجتمع إلا أن الدولة مقصرة بشكل كبير ، فنحن نعاني منذ حوالي سنتين من نقص الأدوية، وبسبب قلة فرص العمل أصبح من الصعب توفير الأدوية في ظل غلاء الأسعار.
مرضى دون أدوية .. فمن المسؤول ؟!
إذن الدواء هو التحدي الرئيس الذي يوجهه المتعايش ولكي يمكنه التعايش حقا عليه الالتزام بأخذ الأدوية والعلاجات والمواظبة عليها، وعلى الدولة توفير هذه العلاجات وضمان وصولها إلى المرضى بأيسر الطرق ـ وحسب المتداول فانه منذ اكثر من سنتين بدأت أزمة الأدوية الخاصة بـالمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية والتي تتمثل إما في نقصها من قبل مورديها كالإمداد الطبي وإما في غلاء أسعارها من قبل الشركات الخاصة .
ويدخل في توفير الأدوية ثلاثة أطراف المركز الوطني لمكافحة الأمراض، وإدارة الصيدلة بوزارة الصحة، والإمداد الطبي، ورغم حجم هذه المؤسسات الليبية إلا أنها حقا عاجزة عن توفيرها.
حاولنا التواصل مع إدارة الصيدلة بوزارة الصحة، لكن لم تتعاون معنا الدكتورة ليلى العربي ولم تقدم لنا أية معلومة وهو ما حصل تماما مع الإمداد الطبي، فعدنا إلى المركز الوطني والتقينا مع د. بسمة دورو مديرة إدارة الصيدلة والمعدات الطبية بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض التي سألناها ..
ما أسباب نقص أدوية الإيدز ومن المسؤول عن ذلك ؟
بداية وجب التنويه على أن إدارة الصيدلة دورها فقط يعتمد على إعداد احتياج الأدوية وفق احصائيات من مراكز العلاج، فنقوم بمراسلة إدارة الصيدلة بوزارة الصحة لتوفير الاحتياج عندما يتم توريد الأدوية من جهاز الإمداد الطبي يتم توزيعها على المراكز العلاجية حسب الإحصائيات والبيانات المسجلة لدينا .. المسؤول عن نقص الأدوية هو الوضع المالي في البلاد وعدم وجود ميزانية لتوريد الأدوية وفق الاحتياجات، فمن من خلال التعامل مع وزارة الصحة وكذلك الإمداد الطبي نعمل جميعنا على توفير العلاجات وتذليل الصعوبات، لكن يظل عدم تخصيص ميزانية خاصة لتوريد الأدوية هو أكبر تحديات هذه المرحلة .. لهذا أوكد من جديد أن دور المركز خصوصًا إدارة الصيدلة بالمركز هو تنظيم التوزيع حسب أعداد المرضى بالمراكز العلاجية فقط، أي أننا لسنا مسؤولين على عملية التوريد أو شراء.
لا يمكننا مواكبة التحديث في التدابير العلاجية العالمية
فيروس الإيدز من أخطر الفيروسات، فهو أن اعتاد على دواء معين يمكنه من التغلب عليه، لهذا تتابعه منظمة الصحة العالمية تدابير بعلاجية حديثة سنويا وتدعو كافة الأطراف المعنية بمكافحة الأمراض في جميع بلدان العالم إلى مواكبة هذه التدابير . وهنا نتساءل إلى أي مدى المراكز الخدمية في ليبيا تواكب التحديثات الأخيرة في العلاج .
التقينا مع د. إلهام الهشيك رئيس قسم التدبير العلاجي بإدارة الإيدز بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض .
إلى أي مدى ليبيا تواكب التحديثات العلاجية ؟
في البداية دور هذا القسم أساسًا يعمل على تنفيذ خطط علاجية لتقليل إمكانات مقاومة الفيروسات للأدوية، وهذه الخطط تتمثل في تحديثات الأدوية، فالمركز الوطني يقوم بتقديم الأدلة العلاجية، ويقوم بتعميمها على المراكز الخدمية كافة، لكن الحقيقة ونتيجة نقص الأدوية وتذبذبها، يمنعنا هذا من تنفيذ الخطط والتدابير العلاجية الحديثة، أو من توفير التصنيفات الأساسية أو الوقائية.
( صفر) حالة مصاب بفيروس HIV .
رغم الاهتمام البالغ بتوفير الأدوية كأحد التحديات التي يعاني منها مرضى الإيدز إلا أن ذلك لا يساوي شيئًا أمام الوصم والتمييز والازدراء الذي يتعرض له المتعايشون ما يجعلهم متخفين كالأشباح، والخوف من الوصم لا يستهدف المصابين فقط، بل يمنع اللجوء إلى أخذ المشورة الطبية، فكل من يدخل إدارة الايدز في أية نقطة تقدم خدماتها للمرضى، ينظر إليه أنه مصاب وتحدّد نوعية اصابته على إنها علاقة جنسية خارج إطار الزواج ويصبح منبوذًا من قبل الجميع .
فالوصم الاجتماعي يعد أكبر تحديات المتعايشين نتيجة ضعف الوعي المجتمعي حول طرق العدوى والانتقال. ورغم ما تقدمه التوعية الإعلامية من أهمية بالغة في رفع الوعي ونبذ الكراهية والوصم تجاه المتعايشين، إلا أنها مازلت سنوية، وفي كل عام وبالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الايدز الذي يصادف الأول من ديسمبر تتجه الوسائل الإعلامية إلى بث خطابتها وتقاريرها حول وضع المتعايشين والتحديات الذي يعانونها .
التقينا مع د.عالية شيبوب رئيس قسم التوعية والمشورة الطبية والفحص والدعم النفسي بإدارة الإيدز والأمراض المنقولة جنسيًا بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض ..
إلى ماذا نحتاج للوصول إلى حالة (صفر) ؟
الوصول إلى حالة صفر يبدأ بتنفيذ برنامج الاكتشاف المبكر للحالات الجديدة، واللجوء إلى خدمات الفحص والمشورة، وتعزيز الثقافة في المجتمع حول الكشف المبكر وإجراء التحاليل وتلقي المشورة الطبية في حال التعرض إلى اخطار أو الشك بالاصابة. ويفضل أن يقوم كل إنسان بفحص شامل سنوي ، هذا يقلل من وصول الحالات إلى مراحل متقدمة.
وأوكد أن هذه الخدمات مبينة على سرية تامة لا يمكن الإفصاح عنها أو نشرها لأية وسيلة كانت.
كذلك للوصول إلى حالة (صفر) يجب الوصول أولاً إلى الفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل الشباب وتحديدًا الذين لديهم علاقات جنسية متعددة، أو من خلال استهداف متعاطي المخدرات ، وكذلك العمل على برامج منع نقل العدوى من الأم إلى الطفل. جميعها تدابير ناجعة تُسهم في وصولنا إلى حالة (0) اصابة بالإيدز.
الوصم والتمييز والازدراء دليلٌ معرفي بخطورة المرض، أم جهل حتمي بطرق نقله ؟
طبعاً الجهل بطرق نقل العدوى هو أهم سبَّب في تعرض المتعايشين للوصم والتمييز، وهذا لا يقف فقط على الأشخاص العامة، بل حتى بعض الأطباء رغم معرفتهم الكاملة بطرق نقل العدوى إلا إنهم لا يجيدون التعامل مع حاملي الفيروس، وهذا ناتج عن الخوف في أغالب الأحيان أو إلى الافتقار إلى المعلومات الطبية في احيان أخرى.. بالإضافة إلى وجود معلومة خاطئة تتصدر أي موضوع يتعلق بمرض الإيدز، وهي أن كل من أصيب بفيروس HIV إما أن يكون متعاطيًا للمخدرات أو أنه مارس الجنس بطريقة غير قانونية. وهذه المعلومات ليستْ بالضرورة أن تكون صحيحة، فالعديد من الزوجات انتقل لهن المرض من خلال أزواجهن، والعديد من الأطفال انتقلت لهم العدوى من خلال أمهاتهم عند الولادة، بل والكثير من الحالات من الأطباء أصيبوا نتيجة وخز إبرة معملية .. وهذا يرجع لبدايات تعاطي الإعلام مع هذا المرض، فقد حصر الإصابة بفيروس HIV فقط من خلال العلاقات الجنسية المشبوهة أو لتعاطي المخدرات.
أيهما أصعب .. تعايش المريض مع الفيروس أم مع المجتمع ؟
من أكبر المشكلات وأكثرها تعقيداً هو التعايش في المجتمعات خصوصًا تلك التي تعاني من قلة الوعي الصحي المجتمعي، لهذا في حال تقبل المجتمع للمصاب يمكن تقبل المصاب لنفسه، والتعايش مع الفيروس .
وهنا تجدر الإشارة إلى إهمية قسم التوعية والمشورة الطبية والفحص والدعم النفسي، فنحن لدينا شراكات مع العديد من الجهات، مثل مؤسسات المجتمع المدني، مكتب الاختصاصية الاجتماعية والصحة المدرسية في المدارس، إلى دور الإصلاح والنزلاء، وطبعا مع المؤسسات الصحية، ودورنا لا يقف فقط على التوعية، بل يتعدى ذلك، فنحن نعمل على التدريب حول المشورة الطبية والفحوص والتحاليل والإكتشاف المبكر للإصابة والتعايش مع حاملي الفيروس، وهذا كله يقلل بطريقة أو أخر من انتشار الفيروس ووقف تزايد الحالات ونشر التوعية الصحية والمعلومة الصحيحة.
قوانين غير منصفة
إن التعامل مع الايدز لا يخضع للشأن الطبي فحسب، وهذه المشكلة التي وقعتْ فيها ليبيا وهي الاهتمام بالناحية الطبية دون أن يواكب هذا أي تطور من الناحية التشريعية، وعليه تنعدم فرص العمل لدى المتعايشين بسبب الشهادات الصحية الموحدة والتي خلقت مشكلة كبيرة ، تجاوزها العالم الآخر.
فالإشكاليات القانونية حول حقوق المتعايشين في الزواج أصبحت تجد حلاً، فمن خلال إصدار أحكام قضائية يمكن لمصابي الإيدز من الزواج مع شركاء غير حاملين للفيروس شريطة أن يتبعوا الإجراءات والتدابير المشورة الطبية، لكن انعدام فرص العمل المقيدة بأحكام قانونية تتعلق بسلامة الشهادة الصحية مازال يشكل عائقًا كبيرًا لدى المتعايشين .. عليه توجهنا إلى أ. صلاح الغناي مدير المكتب القانوني بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض
هل ساهم القانون في انعدام فرص العمل لدى المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية ؟
لعل من أكبر التحديات لدى مرضى الإيدز هو انعدام فرص العمل، وهو ناتج عن إقصاء قانوني وليس اجتماعيًا من قبل أرباب العمل، فالقانون الصحي واللائحة التنفيذية الخاصة به، لزم كل موظف أن يكون حاملاً لشهادة صحية سليمة، والشهادة الصحية تتضمن التحليل الثلاثي، ففي حال كان المتقدم للوظيفة مصابًا بالإيدز واجرى التحليل الثلاثي وتبين أنه مصاب تعد في هذه الحالة شهادته غير سليمة وبالتالي يحق لرب العمل عدم قبوله.
لكن الإشكال الذي وقع فيه القانون، انه لم يحدَّد الوظيفة ، فهناك أمراض وعلى رأسها الإيدز لا ينتقل إلا من خلال طرق محدَّدة، وعديد الأعمال التي يمكنها أن تعين موظفين حاملين لفيروس نقص المناعة، وفي المقابل هناك وظائف لا تتماشى مع موظف يحمل هذا النَّوع من الفيروسات، وقس هذا على العديد من الأمراض والفيروسات .
إذن الحل أن نواكب التشريعات والقوانين، وهو دور وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة العمل أن تصدر شهادات صحية لمجموعة من الوظائف – أي كل شهادة صحية تتناسب مع مجموعة من الوظائف المتشابهة- ، مثلا شهادات صحية للوظائف الإدارية أو الميدانية أو المخبرية … الخ.
، نقص الأدوية وقل الخدمات الصحية، أكبر عائق يهدد حياة وسلامة المرضى ،