النفايات الناتجة عن فحوصات فيروس كورونا والوقاية منه وعلاج المصابين به، من التداعيات الكارثية المصاحبة لتفشي عدواه في ليبيا، التي ما زالت سلطاتها عاجزة عن مواجهة الجائحة، خصوصاً أنّ البنية التحتية للقطاع الصحي في البلاد تعاني من انهيار كبير. وتعاني الدولة من أزمة المخلفات الطبية، لكن الوضع أكثر خطورة على مستوى كورونا، فمستوى التعامل مع تحدي الوباء ما زال متدنياً، بحسب ما يرى ضيف اليوم.
فإذا كانت خدمات الرعاية الصحية تحمي الصحة وتعافيها وتنقذ الأرواح. ماذا عن المخلفات والمنتجات الثانوية التي تنتجها .
نطرح هذا السؤال في الوقت الذي لم تتمكن فيه الجهات المختصة بالرغم من كثرتها من رسم خطة شاملة لإدارة المخلفات الطبية الخطرة.
تجري صحيفة فبراير حواراً مع (د. الطاهر الثابت – خبير وطني في مجال إدارة النفايات الطبية ورئيس لجنة وضع لائحة وطنية لإدارة النفايات الطبية) حول كيفية إدارة ليبيا للنفايات الطبية لجائحة كورونا.
بداية د. طاهر لنعرف القرّاء عن مفهوم المخلفات الطبية لكورونا؟ وماهو تقسيمها ؟
المخلفات الطبية للكورونا نقصد بها اي نوع من النفايات الناتجة والتي نريد التخلص منها كانت على ملامسة مع مريض الكورونا خلال تشخيص المرض أو الكشف عنه أو فترة العناية بالمريض أو فترة اقامته بالمركز او فترة عزله بالبيت .. اما التعريف العام للنفايات الطبية فهي كل المواد المستخدمة للتشخيص أو للعناية بالمرضى داخل المرفق الصحي أو خارجه، وفي حالة تلوثها بدم وسوائل جسم المريض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وفي حالة كان المريض مصاب بمرض معدي أو عدم مصاب ويراد التخلص منها وترمي كالنفايات تعتبر من ضمن المخلفات الطبية الخطرة ويجب التخلص منها بالطرق السليمة عن طريق المحارق والأفران والتعقيم وغيره ويستثنى من ذلك الأطعمة والأوراق التي يستهلكها المرضى خلال فترات العناية بهم.
أين تكمن خطورة هذه نفايات كورونا عن غيرها من النفايات الطبية؟
لأن هذه الفيروسات تستطيع الصمود في الطبيعة وعلى الأسطح لمدد زمنية طويلة والنفايات وسط مناسب لذلك، وبعدها يمكن أن يحدث انتقال الفيروسات منها سوء بواسطة الملامسة أو الاستنشاق.وايضا لأن هذه الفيروسات سريعة الانتشار وشديدة العدوى ويمكن أن تسبب نفايات المريض في حالة عدم التخلص منها في زيادة انتشار وحدوث أوبئة على نطاق واسع. بسبب خطورة هذه الفيروسات والأمراض التي تسببها على مختلف شرائح المجتمع. وخاصة كبار السن والضرر الذي يسببه الفيروس في المنظومة الصحية، وما يشهده العالم من عجز طبي في مواجهته أفضل دليل. والدليل على ذلك ما حدث للمنظومة الصحية الأيطالية والأسبانية خلال جائحة كورونا .
ما مقدار النفايات الطبية التي ينتجها مركز العزل العادي في ليبيا في فترة كورونا؟
لا نستطيع تحديد كمية النفايات التي تنتج في مراكز العزل الليبية، وهناك دراسة كبيرة شاركت فيها وننتظر في نتائجها عن النفايات الطبية لمراكز العزل ولكنها لم تنته حتى الآن.
ولكن بصفة عامة ما ينتجه المريض الليبي الواحد في الايام العادية يصل الى 1.750 كجم، اما مريض كورونا فيكون الكمية أكبر، فمثلا كمية النفايات الطبية الناتجة في مدينة ووهان الصينية مركز انتشار الفيروس في العالم زاد بشكل كبير في زمن قياسي، فالمريض كان ينتج حوالي 0.7 كيلوجرام/اليوم من النفايات الطبية وأصبح ينتج حوالي 2 كيلوجرام/اليوم بعد تفشي الجائحة بسبب استعمال الملابس الوقاية الشخصية والتي زادت من حجم ووزن النفايات .. لهذا يجب الأنتباه خلال انتشار الأوبئة من زيادة نسبة النفايات الطبية ووضع حلول سريعة لها حتى لا تتفاقم وتتراكم وتصبح مشكلة صحية بيئية.
ما هو نوع المخلفات الطبية الأكثر خطورة من حيث انتشار الأمراض المعدية في زمن الجائحة؟
كمامات المرضى تعد مشكلة كبيرة جدا، حيث ترمى في الشوارع ولا يتم التخلص منها بالطريقة السليمة ضررها من حيث امكانية التسبب في حدوث الأمراض وانتقال الفيروس وايضا خطورتها من حيث دخولها للبيئة البحرية ووصولها للكانات والتي تعتقد بأنها غذا.. ايضا القفازات البلاستيكية تعتبر خطيرة عند دخولها للبيئية البحرية وغيرها.
هل لديكم أي تقديرات عن نسب المخلفات بأنواعها التي تنتجها المستشفيات والمصحات الليبية؟
الحقيقة ليس لدينا أي تقديرات ، ولكن من خلال خبرتي أكد لك انها كبير جدا ، بالإضافة الى أن كمية النفايات الطبية المنتجة في المستشفيات تحسب على ما ينتجه المريض الواحد على السرير الواحد على اليوم الواحد (Kg/bed/day)
الآن كيف تتخلص المستشفيات والمصحات من هذه النفايات ؟
في بداية ازمة كورونا معظم مراكز العزل لمرضى كورونا بمدينة طرابلس ومصراته والزاوية وسبها ومدن الجبل الغربي كانت متعاقدة مع شركة خاصة وهي شركة، وكان يتم جمع النفايات في حاويات خاصة التي يتم تعقيها بالمطهرات وتنقل بواسطة سيارات نقل نفايات طبية خاصة ويتم معالجتها بواسطة الأوتوكليف وهي الطريقة العلمية الأمثل والتي تنصح بها منظمة الصحة العالمية لكن للأسف التعاقد الذي كان بين الشركة الخاصة التي كانت لديها الامكانات العلمية الجيدة للتعامل السليم مع النفايات الطبية الخطيرة وبين ووزارة الصحة لم تفِ وزارة الصحة بتعهداتها، الأمر الذي دفع بالشركة لأن تنسحب حتى صار الوضع الأن مأساوي.
من يراقب التخلص الآمن للمخلفات الطبية في زمن الجائحة ؟
كل ما يتعلق بالصحة الجميع فيه مسؤول، بدء من الحكومة حتى وزارة الصحة فالمركز الوطني لمكافحة الأمراض فوزارة البيئة فالقطاع الخاص ، الجميع ملام وعليه تحمل تبعيات أزمة المخلفات الطبية.
ما دور القطاع الخاص في ادارة النفايات الطبية والتخلص منها بشكل آمن؟
امكانية القطاع الخاص افضل بكثير من القطاع العام ولكن القطاع الخاص لديه التزامات مالية ولديه عمال يحتاجون للمرتبات ودون تسديد الإجراءات المالية فهذا يجعله يبتعد عن المستشفيات العامة والقطاع العام الذي لا يفي بالتزماته المالية .
لماذا تجاهل المشرع الليبي التطرق إلى مشكلة النفايات الطبية ؟
أنتبه حديثا المشرع الليبي لمشاكل النفايات الطبية، وعمل على استحداث قانون للنفايات الطبية وكانت اول محاولة سنة 2008 بإصدار الللائحة التنفيذية للأدارة المتكاملة للنفايات الطبية، وكنت رئيس اللجنة حينها والتي لو يتم اصدارها بسبب الخلل الأداري ، وتأخرت تلك اللائحة حتى السنة الماضية فقمنا بتجديدها وهي موجودة عند الوزارة البيئة والتي لم تصدرها حتى الأن ولا ندري لماذا…؟؟؟؟
حاليا هناك لجنة في البرلمان الليبي انا عضو بها لسن قانون للنفايات الطبية ومعي زملاء آخرين البعض منهم قانونيين ونحن الأن نعتبر في اللمسات الأخيرة لهذا القانون. وأرجوا من الله العلي القدير ان تنجز
عادة ما يتم طرح عن فصل النفايات الطبية كحل جيد. ماذا يعني هذا الفصل؟
نقصد بفصل النفايات هي عدم خلط النفايت الطبية مع النفايات المنولية ففي المستشفيات ليس كل النفايات هي خطيرة فقط حوالي 20 % من تلك النفايات التي تنتج في المستشفيات تعد نفايات طبية أما الباقي فهو نفايات شبه منزلية.
ما هي الحلول والمقترحات ، وهل يمكن تطبيقها أثناء أزمة كورونا؟
تطبيق الإدارة السليمة للتعامل مع النفايات الطبية من حيث فصل والجمع والنقل والمعالجة والتخلص النهائي، فمثلا في عملية الفصل يتم فصل النفايات الطبية عن غير طبية من قبل الطاقم الطبي، وأما في عملية التجميع فيتم نقل النفايات بواسطة اكياس و حاويات خاصة بالنفايات الطبية، ثم تأتي عملية النقل يتم ذلك بواسطة عربات وشاحنات مخصصة لهذا العمل. وفي عملية المعالجة والتي هي معالجة النفايات الطبية الخطيرة حتى تصبح غير خطيرة باستعمال التقنيات الصديقة للبيئة مثل استعمال جهاز الأوتوكليف، أخيرا تأتي عملية التخلص النهائي ونقصد بها رمي النفايات المعالجة في المطامر الصحية وغيرها.
كلمة أخيرة
كلمتي الأخيرة أدعو الحكومة والسلطات الصحية الاهتمام بمشكلة إدارة النفايات الطبية، على اعتبار أن القطاع العام ضعيف في إدارة هذه الأزمة، وفي هذه المرحلة قد يكون من الصعب استدراكه لهذا الواقع الأليم، انصح بالتعاون مع القطاع الخاص، خاصة وأن القطاع الخاص متقدم بشكل كبير جداً في ادارة النفايات الطبية، ويجب على الدولة إذا إرادت التعاون مع القطاع الخاص عليها أن تلتزم بوعودها مع الأطراف الشريكة في إدارة النفايات الطبية .