احتضن فضاء دار الفقيه حسن بالمدينة القديمة , الثلاثاء الماضي , ندوة حول الملكية الفكرية وحقوق المؤلف , نظمتها الجمعية الليبية للآداب والفنون , وادارتها الكاتبة أسماء الأسطى , تناول خلالها كل من القاص مفتاح قناو والدكتور محمد بن موسى , اللوائح والقوانين الحاكمة في مسألة النشر و ارتباطها بالنتاج الأدبي والفكري للكاتب, والزاوية التي يجب النظر من خلالها الى تلك الاطر ومحاولة تعديلها وتطويرها بما يتوافق مع المتغيرات الحاصلة في سوق الطباعة والنشر .
لم يضع القانون الليبي تعريفا محددا للملكية ولكنه عرض لها من حيث المنافع العملية التي تحققها لصاحبها
وقدمت الكاتبة اسماء الاسطى احاطة تاريخية حول الاتفاقيات المدونة على المستوى العالمي فيما يتعلق بحماية الملكيات الفكرية , واختارت في اضاءة أولية التعريف بالمصطلح على أنه المعني بالحماية القانونية لأصحاب الحقوق ضد التعدي والسرقة والغش والمشتملة على ثلاثة فروع رئيسة من الحقوق (الصناعية , التجارية , الأدبية ), يختص الاول ببراءات الاختراع والابتكار والنماذج , فيما يعنى الثاني برموز العلامات التجارية والتسميات ، ويهتم الثالث بنتاج الملكية الذهنية في الآداب والعلوم والفنون .
وأضافت أن أهميتها تشجع الابداع والمنافسة المشروعة ومنع السطو واللصوصية , وسائر ضروب الغش ، وعدم الامانة العلمية ومحاربة التقليد والتزوير ، تحفيزا للابتكار والوصول الى تقنية متقدمة متطورة ؛ ما أدى الى اهتمام المشرع الدولي منذ عام 1883 باتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية والتجارية وانتهاء باتفاقية تريبس لحماية الملكية الفكرية لسنة 1994.
وتطرقت الاسطى في توطئتها الى الجانب المتعلق بحقوق المؤلف والتي يتلخص تعريفها في كونها حماية النتاج الفكري والابداعي الاصيل طيلة حياة المؤلف ويستمر لسنوات بعد وفاته تصل الى خمسين سنة في المجالات العلمية والادبية والفنية مثل الكتب ، من شعر وقصة ومسرح ، والتسجيلات الصوتية والموسيقية ، وفنون السينما والتصوير والرسم والنحت، أما الحقوق المجاورة يقصد بها من لهم دور في نشر العمل ووصوله للناس، مثل الموسيقيين العازفين والمطربين والممثلين ومنتجو التسجيلات الصوتية على الاشرطة والاسطوانات والاقراص المدمجة وهيئات الاذاعة التي تبث هذه الاعمال .
وتوقف الدكتور محمد بن موسى عضو هيئة التدريس بجامعة الزيتونة في ورقة له عند مسألة حق المؤلف وعلاقته بالمكتبات والايداع القانوني للمصنفات والاعمال الابداعية والعلمية، وأوضح أن دور المكتبات وهدفها الرئيس هو ايصال المعلومات للمستفيدين بأسرع وقت وأقل جهد وفي أفضل صورة، ويأتي ذلك من خلال تقديم خدمات معلومات متعددة الأشكال والأنواع والطرق .. وأردف أنه لا تكتفي المكتبات ومراكز المعلومات والتوثيق والارشيف بتقديم الخدمة ، وانما تهدف من تقديم هذه الخدمات الى تحقيق الافادة من المعلومات، وباعتبار انه قد يتم تقديم الخدمة، ولكن لا تتحقق الافادة من قبل المستفيد لعدة أسباب اهمها قدم المعلومات والمراجع أو عدم فهم ما يحتاجه المستفيد من معلومات ..الخ .
وهنا تتجلى المعادلة الصعبة التي يسعى أخصائي المعلومات إلى تحقيقها وهو اتاحة المعلومات بشكل كامل ومجاني، ومن ناحية اخرى حماية هذه المصنفات الفكرية من التعدي على الحقوق المادية والفكرية للمؤلف والناشر . كما أنه تأكيدا على دور المكتبات لحقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف يتضح وبشكل جلي القيود التي تفرضها المكتبات على نفسها أثناء عملية التحول الرقمي من مكتبات تقليدية الى رقمية .
تحدث القاص مفتاح قناو في ورقته عن نقاط التقاطع بين الملكية الفكرية وسلطة المؤلف مشيرا الى أنه لم يضع القانون الليبي تعريفا محددا للملكية ولكنه عرض لها من حيث المنافع العملية التي تحققها لصاحبها فقد جاء في المادة 811 من القانون المدني الليبي بأنه ( لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه ) وهذا يعني ان القانون قد أعطى للمالك على ما يملك ثلاثة سلطات وهي سلطة الاستعمال، وسلطة الاستغلال وسلطة التصرف.
فيمكن للمؤلف الليبي أيضا أن يستعمل مصنفه بنفسه بأن يقرأ قصيدته أو يعزف موسيقاه، أو أن يستغل مصنفه بأن يبيع منه نسخ، أو أن يتصرف في مصنفه ببيع حقوق الطبعات التالية.وعرض بعضا من مواد قانون حق المؤلف الليبي حيث حددت المادة الأولى من القانون شرط الحماية فقالت (يتمتع بالحماية مؤلفو المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم) وهذا يعني أن شرط الحماية هو الابتكار، فإذا غاب عنصر الابتكار عن المصنف، يصبح غير أهل للحماية المقررة بهذا القانون.كذلك لا يجوز الحجز على حق المؤلف، ولكن يجوز الحجز على نسخ المصنف الذي تم نشره، واستيفاء الحق المادي منه , أيضا لا يجوز للمؤلف بعد نشر مصنفه من أن يمنع إيقاعه أو تمثيله أو إلقائه في اجتماع عائلي أو منتدى خاص، مادام ذلك يتم دون مقابل مالي,لا يجوز للمؤلف بعد نشر مصنفه أن يمنع التحليلات والاقتباسات القصيرة إذا كانت بقصد النقد أو الجدل أو التثقيف أو إذاعة الأخبار مادامت تشير إلى المصنف وأسم المؤلف.وخلصت الورقات الى جملة من التوصيات وهي ضرورة تشكيل لجنة تتولى تعديل كل من قانون حقوق المؤلف وقانون ايداع المصنفات والاعمال الفكرية بما يتماشى مع المستجدات الحديثة، كذلك تقديم الدعم الكامل لدار الكتب الوطنية لاستكمال اعمال الصيانة واستئناف في اصدار الببلوغرافية الوطنية الليبية، وفتح ارقام الايداع للمؤلفين، ايضا انشاء مركز وطني لحماية الملكية الفكرية لإيداع المصنفات الفنية المتعددة من الكتب والأوعية الأخرى المختلفة وتسجيلها لإثبات حقوق اصحابها .