ثقافةمتابعات

جبران تحاضر عن العلاقات الليبية الفرنسية في القرن التاسع عشر

كتب :عبدالسلام الفقهي 

طرحت  الدكتورة مفيدة جبران سؤالا عن  مدى تأثير الايالة الطرابلسية في مجريات الاحداث الدولية ؟جاء ذلك في محاضرة لها بمركز المحفوظات والدراسات التاريخية , الاربعاء , تقتفي ابعاد العلاقة الليبية الفرنسية في القرن التاسع عشر , حيث اقتضت دراستها معرفة سمات تلك العلاقة وفق سياقاتها التاريخية وامتدادها الافريقي والاوروبي .

وأوضحت أن مصطلح الايالة الطرابلسية يفهم منه  ليبيا بحدودها الجغرافية الحالية رغم تغير المصطلح الى ولاية بموجب فرمان عثماني عام 1865, وتكمن أهمية الايالة في موقعها الاستراتيجي الذي مكنها من اثبات حضورها في مجريات الاحداث والتطورات المهمة في المنطقة .

والايالة بحسب موقعها كما تقول المحاضرة وحب شعبها للتجارة الساحلية والصحراوية ومعرفته العميقة بطرقها ومساراتها , منحها دورا مهما في توسطها بين الفضاء الافريقي والمتوسطي , مما جعلها نقطة تنافس وتكالب الدول الاوروبية في محاولة للاستحواذ عليها بربطها بعلاقات متعددة الاوجه , فهي المنطلق والمعبر لثروات افريقيا , ايضا حلقة وصل بين المشرق والمغرب العربيين , وبين جنوب أوروبا وبلاد ما وراء الصحراء  الكبرى .

وأضافت :فرنسا لم تكن بمنأى عن غيرها من الدول في اهتمامها بهذه الولاية , فقد ابدت اهتماما خاصا حيث عملت في اتجاهين , الاول هو اضعاف السلطنة العثمانية من خلال اعتراف فرنسا باستقلالية الحكم في الولاية ليسهل ابتلاعها من خلال مجموعة من اتفاقيات , اقتصادية وسياسية غير متكافئة . عدا أن فرنسا كانت حريصة على استمرار علاقاتها بالإيالة الطرابلسية ,لدرجة أنها قبلت السفراء الليبيين المقيمين بالرغم من تعارض هذا الوضع مع العرف الدبلوماسي الدولي آنذاك.

باشوات طرابلس

 

اشارت الدكتورة مفيدة أن قدوم الاسطول الفرنسي للشواطئ الليبية وفق دراستها سجل أكثر من تسعة عشر مرة منذ بدأ العلاقات , وسبب ذلك ردة فعله ضد ضربات الاسطول الليبي الذي كانت صولاته وجولاته ضد السفن الاوروبية عموما والفرنسية على وجه الخصوص , اذ كان هذا الوضع له أثر كبير على الاتجاهات السياسية لباشوات طرابلس في العهد القره مانللي وان اختلف شكلها في العهد العثماني الثاني الا انها لم تختلف كثيرا في مضمونها .

وفي ذات السياق فان سياسة يوسف باشا القره مانللي وابنه اتسمت بالمداراة والمسايرة , حيث كانت سياستهم تساير الاتجاهات العثمانية ولكنها لا تتقيد بها , وقد تخالفها أحيانا أخرى بالرغم من تحاشي الاصطدام المباشر بالسلطنة العثمانية , وفي نفس الوقت تراعي مصالح الايالة , فهي قد تصادق من يعاديه الباب العالي اذا اقتضت مصلحة الايالة الخاصة , بحكم انها كانت شبه مستقلة  عنه استقلال سياسي واداري وتمارس سيادتها كدولة مستقلة بفرمان عثماني رسمي , ووجدت فرنسا ان مصلحتها تقتضي ابقاء الاسرة القرمانلية أو من يواليهم من المشائخ في الحكم .

وفيما يتعلق بسياسة يوسف القرمانلي مع فرنسا فقد اتخذت مسارات عدة بين المحاباة والمراوغة والمماطلة في احيان اخرى , وذلك كنتيجة طبيعية للتنافس الشديد من قبل الدول الثلاث , الدولة العثمانية التي جاهدت لإرجاع الولاية لحكمها المباشر , وتنافس كل من فرنسا وبريطانيا للتقرب من الباشا واستمالته والتدخل في الشؤون الداخلية .

تطرقت المحاضرة الى تخوف فرنسا من عودة الحكم العثماني المباشر الى الايالة والذي سيشكل عليها خطرا امنيا في تونس والجزائر مما أدى الى توتر العلاقات بينهما في العهد العثماني الثاني والراجع الى تعرض القناصل الفرنسيين الى للمضايقات من قبل بعض الولاة المتعصبين دينيا , ايضا وضع تونس تحت الحماية الفرنسية , ومحاولة فرنسا ضم الايالة الطرابلسية  تحت حمايتها متحججة باللاجئين التونسيين الفارين الى الاراضي الليبية .

ومن جانب اخر بينت الباحثة أن العلاقات الليبية الفرنسية في القرن التاسع عشر كانت أحيانا تتعرض للقطيعة وانزال العلم الفرنسي من ساري القنصلية , جاء اعتداءات الاسطول الليبي .

وانتقلت جبران للحديث عن الجانب المتعلق باهتمام الجمعيات الجغرافية بباريس ووزارة الاشغال العامة والتعليم بإرسالهم للرحالة المستكشفين لأفريقيا عن طريق الايالة الطرابلسية الذين وصل عددهم الى حوالي 21رحالة , مستفيدة من موقعها الاستراتيجي ,ومستغلة العلاقات الودية بين باشا طرابلس وحكام المدن الافريقية , لتحقيق نواياها الخفية من هذه الرحلات الاستكشافية .   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى