أمين مازن يكتب.. أهلاً أهلا
خلافاً لما يحاول المهيمنون من تجيير قدوم رئيس المخابرات المركزية الأمريكية للبلاد و مقابلته بعضهم شرقاً و غرباً، كما عرضت شاشة الحرة الأمريكية، بما يعني التشاور أو الانحياز و التعاون إلى آخر التخريجات المفتعلة، فإن الحقيقة التي يفهمها كل مراقب سياسي مدرك هي أن الرجل لا يضيع وقته ليأتي دون أن يحمل معه أجندته المحددة و واجبة التنفيذ الجيد و في الوقت المحدد! و هي و إن كانت تخص الطرف الأمريكي إلا أنها لا يمكن أن تهمل ما تشهده ليبيا من سيئ الأوضاع على كل المستويات و أن كل من يتسم أداؤه بالسوء تجاه قومه يستحيل أن على كل من يلتقيه أن يسقط مثل هذا الانطباع من حسابه، فليس ما تزخر به الأرض الليبية من احتياطي البترول و ضمان تدفقه نحو أوروبا و الشواطئ الليبية التي يُصدَّر منها عبر البحر و لا الحدود البرية القادرة على ملاحقة الإرهاب أو درء مخاطره و لا الهجرات غير الشرعية التي لا تعرف التوقف و لا إبعاد الغريم الروسي و لا صد المنافس الصيني كذلك هو فقط ما يشغل بال مثل هذا المسئول الرفيع و المؤثر في القرار الأمريكي المحتاج للحلفاء ممن تمتلئ بهم بلاد الله الواسعة، فيؤمرَون و يطيعون، و لكنهم الأكفاء الذين لا يخدشهم دنس الفساد و لا يطعن في أهليتهم العبث و اعتبار العالم منعدم الضمير في المطلق. فمع أن السياسة مصالح إلا أنها لا تخلو من المعايير الإنسانية المُستمَدة من مراقبة الضمير و اشتراطات الحياء البشري و ما يندرج فيه من الترفّع عن الطمع و شراء الذمم عند اللجوء إلى الاقتراع، فليبيا واحدة كما يلوح من هذه المقابلة التي شملت كل الأطراف، كما أن النص على مكافحة الإرهاب و توحيد المؤسسات و المصدر دائماً فضائية الحرة و إجراء الانتخابات استحقاق واحد لا غنى فيه عن طرف دون طرف، و تزامن الزيارة مع اجتماع أمريكا و الحديث عن المصالحة و القاعدة الدستورية، يعني أننا بصدد حزمة واحدة إن أجيز ترتيب تنفيذها، فلا مجال لإبعاد أيها من الحساب، بل لعل الإخلال بمفردة واحدة سيقطع مسبحتها.
لقد هب الربيع العربي الذي شملت زوابعه ليبيا و الديمقراطيون يحكمون أمريكا، فأوصى أوباما بضرورة الاستفادة من الجيدين بنظام القذافي حاثّاً على المُضي نحو المصالحة، لولا أن أجهضوا الذين تولوا ذلك الخيار فجبروا ضرر من أحبوا و انتقموا ممن كرهوا و خرّبوا بالعزل السياسي و حالوا دون جمع السلاح، فاحتازه كل من أراد، و ها هي المخابرات المركزية تحض على توحيد المؤسسات و تُحذّر من غيبة الأمن ليُصار إلى انتخابات لا مكان فيها للإقصاء، و ربما برقابة دولية و تشريعات تفتح أوسع أبواب المشاركة، و إذ نثق و الأغلبية الساحقة من الليبيين أن يكون ذلك هو ما طَرَحَ هذا المسئول لا نملك إلا أن نقول أهلاً و نعيدها ثلاثا!!