تقول الفنانة التشكيلية نجلاء شوكت أن الموضوعات والافكار المبثوثة في أعمال معرض (نداء الماء ) الذي اقامته بالشراكة مع الفنان يوسف فطيس بدار اسكندر , يوثق جانبا من احاسيسها لمظاهر العنف والدمار وموجة الحروب التي اجتاحت العالم العربي .
واضافت أن العلاقة مع البحر مثلما لها ارتباط فيزيائي فهي روحية كذلك وتمثل وجه من وجوه الهاجس الوجودي لذا الانسان , وفي اجابتها عن مغزى عنونة لوحاتها اجابت أن الثقافة البصرية للمتلقي لازالت في طورها البسيط او العادي لذا استلزم الامر وضع عامل مساعد ينقله الى حالة التفاعل مع اللوحة .
وبالنظر الى اعمال نجلاء نلحظ ابحارا نفسيا في لغة الجسد والانثى تحديدا حيث تصبح تماما في مواجهة المنفى او العذاب او الاغتراب , تلك القدسية القارة في ثباتها تحاول صد الضعف الماثل في كينونتها كامرأة , ولكنها ابدا لا تلغي شغفها بالحياة وممارسة فعلها المساهم في الارتقاء بالنموذج البشري , وهو استنهاض للذات المكلومة بالترحال , ذلك ان القلق الذي يغشى ملامحها ينزاح الى الابهام او السفر في الحلم , حلم التحليق في فردوسها المفقود ولو بالتمني .
تتصارع الاجساد وتتدافع نحو البحر وتبدو تموجاتها ضائعة في التردد , غير أن المد السماوي الساكن في مخيلتها يأبى الرضوخ للظروف وينطلق صوب ضبابية الملجأ , تلك منحة قدرية يعشقها توقهم الى الخلاص دون الخوض في تفاصيل دفتر حسابات الخسائر , رغم اننا نكتشف في بعض اللوحات نشيجا يتدرج في وضوحه حتى يصبح في لوحة ما رمزا ايقونيا للرعب او للبشاعة لذا كانت نجلاء عبر الالوان تبحث عن نافذة للصراخ في وجهها .
وفي اطلالة موازية للوحات يوسف افطيس ترنو الالوان الى وداعة تلاطف دفق فورة الضفة المقابلة الممثلة في اعمال نجلاء , كجسر يكمل معادلة المد والجزر في الالوان , حث تسكن الاجساد في سديم الصمت متعالية على الالم وكأن ترحالها وصل الى محطته الاخيرة حتى لتبدو مسحة الزرقة في بعض اللوحات قد اكتسحت مجال الحركة واضحى زبد الامواج مخضبا بجدائل الاجساد المتوارية في صخب ساكن .
ان منطوق اللوحات لكل من فطيس ونجلاء اقتناص للحظات الفارقة بين الارادة وعدمها او بين الوثوب والتراجع , تضع الاعمال أسئلة محركة لواقع مقلق ونافذة على اوجاع جسدها الممزق .