أقام الصالون الثقافي ضمن فعاليات ليالي المدينة الموسم الثقافي الرمضاني أمسية شعرية ليلة يوم السبت الأول من شهر إبريل الجاري قدمها وأدارها الشاعر «صالح قادربوه»، وذلك بفضاء محمود بي بالمدينة القديمة طرابلس وسط حضور للنخب الأدبية والثقافية ومحبي الأدب والشعر بمشاركة كوكبة من الشعراء وهم: الشاعرة «سميرة البوزيدي»، والشاعر «سالم العالم»، والشاعرة «سالمة المدني»، والشاعر «محمد الدنقلي» حيث امتزجت طلاوة المفردة الفصيحة مع رحابة الكلمة المحكية الدارجة.
البداية كانت مع الشاعرة «سالمة المدني» التي طالبتْ في أحد نصوصها بحصتها في الأحلام الملونة، والشوارع النظيفة، وتابعتْ : أيها النَّوم الغبي داهمني بنعاس حالم رجال بلا مواء ووجوه حليقة ربطات عنق غير متشابهة، رجال لا رُكّع ولا ساجدين يزدرون التجارة ويمسكون بتلابيب اللصوص، وفي نص آخر تصف الشاعرة الليل بالأخرق مردَّدة، الليل أخرق ومعتوه يحتسي قهوة ملبدة بالقرف، ويتعامى عن كأس المغامر يُعريد في الشوارع المتربة بالذخائر وصديد الأسلحة، ويغني للموت المجاني وقلائد الشهادة والحوار العين، الميداليات تفوق الغفران والجنة تحصيل الفتوى.
تلتها الشاعرة «سميرة البوزيدي» بتأكيدها اليقيني على أن الأمل عدوى لا مناص من الإصابة بها في بلد جميل كهذي البلاد، ولو كان قليلاً فحين استشهدت بالأمل أرفقته بحتمية الوطن قائلا : هنا في بلادنا الجميلة يجب أن تكون مصابًا بالأمل قليلًا لتكنس المطر من حديقة الغيوم لتستطيع أن تدفع عربة الوقت الثقيلة لتشتري وهنا جديدًا كل يوم، وتؤكد الشاعرة للمرة الثانية بأن الشعر بالنسبة لزمن تقف إزاءه لازال الطريق والطريقة الفاعل والمفعول به الانفجار الأعظم والانهيار الأبكم، وتواصل : لازال الشعر طريقي طريقتي وشيخي حتى لو ارتطمت بألف جدار ليس الأمر مجرد كلمات الأرواح والغابات والثلوج والمطر كلها تكتب بلا توقف.
أعقبها مشاركة شاعر المحكية «سالم العالم» فبدوره وضع بكلماته لغة توازي حقيقة السؤال عما تُخبئه السطور قائلاً : أكتب كلام أكتب بعد اللام أليف أسال أمتى أصرخ ليش وأعرف كيف أرفض إنك تبقى تابع أو إنك تبقى سيزيف امشي فوق احباط الواقع أنسي كل أفعال الماضي، وامسك في الفعل المضارع واجه كل أوهام الزيف، ولمدينة بنغازي نصيب الأسد من محكيات الشاعر فهو يعيد رسمها بالألوان على خارطة الوطن مفسّرًا تارة أحاجي حكاياها وصارخًا تارة أخرى على نزيف شوارعها الثكلى يقول : بنغازي نعرفها مخبيها تحت جفني فياتشم ريحتها مهما نغيب تعرفني، وتعرف ما يكدرني تعرف ما يكيّفني مثل أمي شفقها لوّنه دمي.
واختتم الأمسية الشاعر «محمد الدنقلي» بقراءة باقة متنوعة من نصوصه المحكية ما بين الطريفة منها والحانية قائلاً في إحداها : ما تضحكليش من غادي بهالشكل اللي مش عادي نخاف تلفت عيون الناس، ويعتبروا أني البادي ما تضحكليش من غادي ما تضحكليش يا إنت يلي جالس قبالي، وفي نص ثان نزع من خلالها وزن الوقت وثقله الأبدي مرددا : توا الساعة كم ؟ أكيد الوقت مازال أكيد الوقت ماتم هيّا نرجعوا للصفر هيّا نتناسوا عمر ونجوا ورا كبواتنا وخيباتنا ونسرق دقايقه نتبسم أنسوا الساعة كم، وفي نص آخر بعنوان الرسام أهداه للتشكيلي الراحل «مرعي التليسي» كلهم يحبوك موت لكن أنا نحبك حياة، كلهم عشقوا بصوت لكن أنا نصلي صلاة إنتِ خيال فوق الخيال ينشاف لما نغمضوا ونشرح في سكات، كلهم يحبوك موت لكن أنا نحبك حياة.