كثيراً ما نصف الحكومات بأنها فاشلة نظراً للأداء وحجم الفساد الذي تحدثه وزارات هذه الحكومات ..
وهو مرٌ شبه بديهي لأغلب الحكومات المتعاقبة طيلة أكثر من عقد من الزمان .
ولكن ثمة سؤالًا ربما يكن متاحاً أو متداولاً فيما سبق، أو أن إجابته لم تكن شاملة وشافية .. والمختص بماهية الفساد هل هو فساد مادي نقدي فقط؟، وهل هو معني بالحكومات دون الشعوب والمواطن؟ .
دعوني أجيب عن هذا السؤال من خلال سرد ما حدث أثناء تجهيز طريق ممتد لأقل من كيلو واحد فقط..
البداية من هذه الطريق المتهالكة تماماً والتي أرهقت المواطن البائس صاحب المركبة المتهالكة، والتي تكلفه راتبه الشهري من أجل إعادة صيانة صالتها .. فقد أصبحتْ جزءًا شهريًا من المصروفات.. والسبب هي الطريق المتهالكة كما أسلفنا الذكر .. وبعد جهود ومطالبات واعتصامات وإقفال للطرق العامة وحتى الساحة منها .. وضعت الدولة وقرَّرتْ إصلاح ورصف تلك الطريق نزولاً على ضغوطات أهالي تلك الطريق .. وبالفعل بدأتْ الشركات المكلفة في تهئية خدمات هذه الطريق قبل رصفها .. إلا أنها تفاجأتْ بوجود عدد كبير جداً من مخالفات المواطنين المعادين لهذه الطريق منها وجود عدد كبير من مخازن الصرف الصحي للمنازل المجاورة والتي تم إنشاؤها تجاوزًا ومخالفًا للتخطيط العمراني التي جهزته الدولة مما اعاق بل أوقف أعمال هذا المشروع .. مرتْ أيامٌ وعادتْ الاعتصامات واقفال الطرقات مرة أخرى وبطبيعة الحال عادة أعمال التشغيل لتفادي هذه المشكلات ولكنها تفاجأت مرة أخرى بوجود بنايات عشوائية متداخلة في بعضها مع وجود إصرار من ملاكها على عدم إزاحتها حتى ولو تم إيقاف المشروع وبالفعل تم إيقاف هذا الحاجز الذي فرضه نفسه بسبب إقفال الشوارع العامة والاعتصامات والفوضى .. ولم تستطع الشركة المنفذة ولا الحكومة اتخاذ أي إجراء حيال الفساد المتراكم من السكان المجاورين لهذه الطريق ..
الفساد المجتمعي الناتج عن تصرفات المواطنين لا يقل أهمية وبشاعة عن فساد الحكومات .. بل بالعكس فإن فساد الشعوب في تقديري هو فساد مضاعف لا يمكن تجاوزه – أي حلحلته – إلا بالشلَّل التام وإيقاف عجلة النمو باختصار .
كونوا بخير