يُشدَّدون هذه الأيام على المعاصره، ولو على حساب التراث، بل نجد أعداء الحضارة العربية يؤكدون أن المعاصرة هي الارتباط كليًا بحضارة الغرب، لأن الغربَ سبقنا بمراحل كبيرة وطويلة .
وعلينا كي نحذو حذوه، ونلحق بركبه أن نخطوا خطواته، بل علينا القفز عشر خطوات أو مائة خطوة مقابل كل خطوة يخطوها هو كي نصل إلى ما وصل إليه .
ويؤكد –أعداء الحضارة العربية – أن علينا كي تتم هذه الخطوة، رفض السلفي، والتقليدي، حتي تكون المعاصرة هي المعادلة الحضارية الإنسانية على مختلف المستويات.
ما أكبر الخطأ في ذلك !
فالغرب إياه لم يصل إلى هذا المستوى من الحضارة والرقي، إلا لأنه استلهم حضارتنا العربية وقت ذاك، والتي أصبحت اليوم عرضةً للتشكيك والقصور، إن نظرة عجلى تلقى على أسس حضارتنا العربية، ترينا كم كان لها تأثيرٌ فعالٌ في مسيرة الإنسانية الشاملة، بدءًا بالطب إلى الكيمياء، والرياضيات وحتي العلوم الإنسانية بمختلف موضوعاتها.
لكن الذين يكرهون العروبة، وما أكثرهم في صفوفنا، هم الذين يشكَّكون بكل ما يمت إلى التراث العربي بصلة .
ويشكَّكون بانجازات الحضارة العربية عبر القرون، ويحاولون باستماته عجيبة أن يقلَّلوا من أهمية تلك الانجازات على الصعيد الانساني الشامل.
«المعاصرة» كما نراها، هي تتمة الطريق الذي بدأه أجدادنا العظام في فتح العالم وتحريره من الجهل والسقوط والانحدار، وخلق مفهوم إنساني شامل للحياة البشرية.
والمؤمنون بأمتهم وعروبتهم هم الذين يتابعون السير على خطى الأجداد القدامى، كي يصلوا ما انقطع بين التراث والمعاصرة، فالخط الحضاري هو خط بياني يتجه صعودًا نحو الأعلى دون توقف.
والحضارة العربية التي حرص الاستعمارُ طويلاً على تدميرها وإيقاف مسيرتها، جديرة أن تتبوأ مكانها تحت الشمس من جديد، لأنها حضارة أصيلة نبتت جذورها وتفرعت أغصانها في الفضاء الأرحب لتؤكد على طيب منبتها، وعظمة قيمها وأصالتها عبر العصور .