يأتي شهر رمضان وتحدث طقوسٌ جديدة عن المعتاد .. إلى أي مدى يمكن القول بوجود مناشط وفاعليات رمضانية ثقافية تفلح في خلق طقس مغاير عن باقي العام؟، وهل لديك طقوس خاصة على المستوى الشخصي؟.
في ليلة رمضانية شعرية باذخة حلق فيها الشعر في سموات الإبداع، تم مؤخرًا افتتاح أولى فعاليات إذاعة طرابلس المحلية الثقافية لشهر رمضان المبارك، وكان ذلك عبر أمسية شعرية للشاعر الكبير مفتاح العمّاري، بمقر الإذاعة بالقبة الفلكية الأحد 31 مارس حضرها جمهور من الكتَّاب والمثقفين، ومحبي شعر العماري الذي تجلى بإلقاء مجموعة من النصوص التي لامستْ وجدان الحاضرين والتي حملت هم الوطن والذات في صياغات شعرية جميلة وعميقة الدلالة.
هذه النصوص التي تؤكد على صفاء ونقاء تجربة العماري كونها أهم التجارب الشعرية في مدونة الشعر الليبي والعربي، ومن المعروف أن صاحب «مشية الآسر» أصدر العدد الأكبر من الدواوين الشعرية منها )رجل بأسره يمشي وحيدًا، وديك الجن الطرابلسي، وقيامة الرمل، ومفاتيح الكنز، وسلطانة وجنازة باذخة(؛ وغيرها من الدواوين، بالإضافة إلى كتبه في النقد والقراءات الإبداعية مثل كتاب )فعل القراءة والتأويل(، أيضًا كتب في المقالة الصحفية واشرف على العديد من الصفحات الثقافية وله مقترحات فيما يخص بتأسيس صحافة ثقافية مميزة.
قدَّم لهذه الأمسية الكاتب الأستاذ محمد المغبوب، واستمع الجمهور لعدد من قصائد الشاعر منها مسافة الألف
التي قال فيها:
أيها الألف يا معلمي
يا معلم طفلي كيف تشطر الباء
في حرف لا يرى
أو سيف لا يرى
وحده لا يساوي شيئًا
يحتاج الألف إلى حرف ثان
لكيلا يكون وحيدًا .
وقدَّم أيضًا قصيدة )سبع جهات، ونص موسيقى(، وأيضًا مجموعة من الومضات الشعرية المكثفة المشحونة بالدلالات .
على حافة العمر
عقد فخم في عنق الماجدة
يوسف الغزال
تصوير / سالمة المدني
الأمسياتُ الرمضانية لها طعمٌ آخر ونكهة آخرى خاصة إذا كانت جلسة حوارية إحتفائية بصدور كتاب جميل يحوي سيرة كاتب جميل بحضور جمهور جميل من عشاق الكلمة وأصدقاء الكتاب، في أجمل مكان حوش «محمود بي».
تحتفل طرابلس بصدور كتاب )على حافة العمر( كتبه ابنها البار إدريس القائد، بعد توقيعه في معرض القاهرة للكتاب، اليوم طرابلس تحتفي بنفسها وتكرم ابنها، وتعلن فرحها.
على )حافة العمر( كتاب من طراز رفيع في شكله ومضمونه، وثّقَ فيه الدكتور إدريس مشاهد من تاريخ طرابلس، ويوميات أهلها، ولوّْن صورًا من بساتينها وأشجارها وحاور شخوصها بلغة سهلة راقية لا تكلف فيها تسلسل رائق، وكلمات منقوشة بقلم محب عاشق.
بدأ الحضور يلتئم والصحفية الودودة سالمةالمدني ترحب بالضيوف تلتقط الصور جلسة مليئة بالأنس والود في الهواء الطلق بيت عربي مفتوح مباشرة على السماء، تسامتْ الحوارية بإدارة الرائعة «عزة المقهور» جاءتْ تلقائية لا تخلو من الضحكات والقفشات باللجهة الطرابلسية الفصحى.
حوش محمود بي شهد كثيرًا من الأعراس قبل هذا العرس الأنيق.
الدكتور إدريس يجلس على يمين المحاورة المبدعة عزة كامل المقهور، التي جالت بنا عبر محطات الكتاب في محاروة الأديب للأديب، والطبيب للطبيب.
ليلة ممتعة فاحتْ منها رائحة العيد الحضور كبير، المكان مزدان بالأضواء، سادتْ بهجة والأماكن مكتظة،.
جاء اللقاء المبدعين بالمبدعين في شكل محاورة افلاطونية مرصّعة بالحكايات الجميلة، والمفارقات العجيبة من تاريخ المدينة، وهموم الناس.
على )حافة العمر( هكذا هو تأثيث المدن، وهكذا هى كسوتها بعض من جواهر التي تزين عقد فخم يعلق في عنق الماجدة طرابلس من )يوميات الفقي حسن( إلى محطات المقهور إلى )مسارب( مازن و)سيرة( علي خشيم وإلى إدريس القايد و)حافة العمر(.
الأقلام لن تجف وسوف تقتدي بكم الأجيال القادمة تحمل أقلامها وتسجل أحلامها، والقادم أفضل.