في العالم اليوم يعيش ما يقارب من 700 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع البالغ 2.15 دولار يوميًا
ووفق هذا المؤشر نستطيع أن نتصور مع اقتراب شهر رمضان ما ستعانيه أغلب الأسر الليبية التي حرصت أن تستقبل الشهر الكريم كعادتها في سنوات غابرة لم يتجاوز فيها سعر الدولار الأربعة دينارات، أو أقل.
هذا العام تعيش الأسر الليبية معاناة حقيقية لتأمين احتياجاتها اليومية في سائر الأشهر؛ فكيف هي مع الشهر الكريم في ظل هلع وجشع التجار، وانعدام الإنسانية، والضمير، وغياب الرقابة الضابطة للسوق الذي ضاعف من المعاناة وجعل غصة الليبيين لتجاوز ما هم فيه لا تخفى على أحد.
لا يمكن أن نتساءل ونشتكي من الغلاء الفاحش، وصعوبة المعيشة دون أن نضع أيدينا على الوجع الحقيقي أو المسبب لكل ما يعانيه الليبيون.
الانقسام السياسي، والأوضاع الأمنية وغياب الدولة بشكلها الحقيقي اسهم في ايصال أغلب الأسر الليبية حد الفقر ففي تقرير للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، إن دراسة لمصلحة الإحصاء والتعداد ومركز الدراسات الاجتماعية، يفيد بأنّ نسبة الفقر في ليبيا لعام 2023 ارتفعت إلى نسبة 40%. وهذا ما اكده وزير الاقتصاد أيضًا في آخر تصريحاته بخصوص مستوىالفقر في ليبيا.
هذه الحقيقة التي ينكرها أصحاب السلطة، والحكومات تنهش في عصب حياة المواطن، وتثقل كاهله؛ فالتضخم المرتفع، وانهيار قيمة العُملة المحلية أمام العُملات الأجنبية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذائية بالإضافة إلى ارتفاع قيمة الخدمات الصحية، وتدني مستوى الدخل للأُسر، خاصةً الفئات الهشة والأكثر ضعفًا المعاقين، والأيتام والأرامل، والنازحين والمهجرين، والبطالة كلها مع الوضع السياسي المربك أسهمتْ في ايصال المواطن الليبي إلى هذا المستوى، ووضعه تحت خط الفقر
لنتخيل أن أسرة مكونة من خمسة أشخاص يحتاج كل فردٍ فيها -حسب المؤشر العالمي لحد الفقر – إلى 2.15دولار يوميًا؛ فكم سيحتاجه هؤلاء في الأسبوع مثلاً أي هم بحاجة إلى ما لا يقل عن 2500 دينار ليبي شهريًا وهم وفق هذا المؤشر تحت خط الفقر خصوصًا إذا كان معدل دخل رب الأسرة 2000دينار، أو حتى ازيد ستظل هذه الأسرة وفق تدني قيمة الدينار الليبي وارتفاع سعر الدولار أسرة فقيرة بكل المقاييس ووفقًا لتقديرات «البنك الدولي» الذي حدَّد نصيب الفرد من الثروة في ليبيا خلال العام 2021 بحوالي 3700 دولار فقط، في حين كان خلال عامي 2018 و2019 حوالي 7800 دولار.
لنعترف كل المحاولات البائسة التي تعد مسكنات غير مجدية لحالة الوجع الأكبر والأعمق لتجاوز ما نحن فيه من الحكومة وقرارتها يظل الوضع السياسي وغياب شكل الدولة الحقيقي وانعدام الضوابظ والقوانين الفاعلة هو موضع الوجع والداء الأول لأزمة الليبي، وحيرته واحساسه بالقهر والخيبة وهو يعيش في دولة نفطية لم تكفل له الحد الأدنى لحياة مستقرة كريمة ورمضانكم مبارك .. وصبركم مأجور على شراب المالح والحنظل المر.