بين الفاخري والنيهوم يترنح القلم
* في السابع من يونيو عام 2001 ودعنا واحدٌ من أكبر كتّاب ليبيا وهو خليفة الفاخري
* عرفتُ خليفة في نهاية الستينيات من القرن الماضي أثناء دورات للغة الإنجليزية بالمعهد الثقافي البريطاني إن لم تخني الذاكرة لكن صداقتنا لم تبدأ إلا في التسعينيات، وكان لنا صديق مشترك عرفني به هو الأستاذ مفتاح الدغيلي حفظه الله ورعاه.
* إذا بدأتَ الكتابة في مدينةِ بنغازي في السبعينيات من القرن الماضي؛ فأعلم أنكَ شابٌّ محظوظ ، ذلك لأنك ستكون بين أيدٍ مثقفةٍ آمنةٍ ترشدكَ إلى طريقكَ الأدبي؛ فتشعر بكثير من الثقة في تعاملكَ مع الكلمات؛ ففي الفترة التي بدأتُ فيها الكتابة في صحيفة «الحقيقة» مع بعض الأصدقاء مثل : محمد المسلاتي، وسالم الكبتي كان حولنا مجموعة من الكتَّاب والشعراء يرسمون أمامنا خطوطًا نضع عليها خطواتنا الأولى؛ لقد عرفتُ اثنين كان لهما دورٌ في حبيّ للشعر هما علي الفزاني، ومحمد الشلطامي، واثنين كانا يجذباني للنثر هما الصادق النيهوم، وخليفة الفاخري.
* لقد تعلمتُ من الشلطامي لغةَ الشعر، ومن الفزاني أوزان الخليل ولا أنسى نصيحة النيهوم الذي قال ليَّ في لقاء بهلسنكي يعود لخمسين عامًا )إذا أردتَ أن تكتب الشعرَ فاقرأ لغير الشعراء(، أما الفاخري فهو من شجعني على ترجمة النثر بعد نشري لترجمة )أجمل غريق في العالم( لـ«غارسيا ماركيث» في مجلة )الثقافة العربية( إذ لم أترجم قبلها غير الشعر، وتشجيعه هذا جعلني أعدّ مخطوطًا بعنوان )من قصص البحر( قام الفاخري فيه بالتدقيق اللغوي وكان هو القارئ الأول له.
* يختلف النيهوم، والفاخري في تعاملهما مع الكتابة ؛ الفاخري سيشدكَ بلغته، والنيهوم سيجركَ من ربطة عنقك بأسلوبه فلن تخرج من عوالمه سالما.
لقد امتاز الفاخري بلغته، والنيهوم بأسلوبه وعندما كتب النيهوم رواية من )مكة إلى هنا( ظن النقادُ أنّ النيهوم تأثر بأسلوب الكاتب الأمريكي «إرنست هيمنغواي»، في الواقع لم يكن الأمر كذلك؛ الفاخري هو الأكثر قربًا من «هيمنغواي»، أما النيهوم فهو قريبٌ من الكاتب السيبيري «يوري ريتكيو» الذي أثر في الصادق كثيرًا خاصة في فترة السبعينيات.