رأي

خلف الشوارع الكبيرة

نجاح مصدق

خلف‭ ‬كل‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬المضاءة‭ ‬بشموس‭ ‬اصطناعية‭ ‬والمتألقة‭ ‬بلوحات‭ ‬جذابه‭ ‬على‭ ‬دكاكينها‭ ‬هناك‭ ‬وجه‭ ‬آخر‭ ‬نائم‭ ‬في‭ ‬ظهرها

وجه‭ ‬ياخد‭ ‬الأشياء‭ ‬الي‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬بلا‭ ‬زيف‭ ‬او‭ ‬تلميع‭ ‬لشد‭ ‬الانتباه‭ ‬والإيقاع‭ ‬في‭ ‬مصيدة‭ ‬السلب‮ ‬

هناك‭ ‬وجه‭ ‬لما‭ ‬خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬للأزقة‭ ‬التي‭ ‬تتوسد‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬والتي‭ ‬تنام‭ ‬في‭ ‬بيوتها‭ ‬مئات‭ ‬القصص‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تروى‭ ‬للاروح‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬لتوها‭ ‬من‭ ‬الشرنقة‭ ‬للأسفلت‭ ‬العاري

تقضى‭ ‬لياليها‭ ‬وهي‭ ‬ترسم‭ ‬سحبا‭ ‬من‭ ‬دخان‭ ‬السجائر‭ ‬المهربة‭ ‬والمندسة‭ ‬في‭ ‬جيبوب‭ ‬التخفي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تطالها‭ ‬أعين‭ ‬الأوصياء

خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬هناك‭ ‬بيع‭ ‬ايضا‭ ‬وربح‭ ‬مضاعف‭ ‬يشتري‭ ‬فيه‭ ‬الوهم‭ ‬والموت‭ ‬علنا‭ ‬وبقبول‭ ‬الطرفين‮ ‬

والمساومين‭ ‬ان‭ ‬وجدوا‭ ‬فهم‭ ‬قلة‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تنشب‭ ‬أظافرها‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الأمل‭ ‬البعيدة

خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬وجوه‭ ‬لفتيات‭ ‬جميلات‭ ‬استبدلنا‭ ‬وجه‭ ‬الفقر‭ ‬ببؤس‭ ‬الألوان‭ ‬المتلاشية‭ ‬يعلبون‭ ‬ارواحهن‮ ‬‭ ‬في‭ ‬صناديق‭ ‬ويبعنها‭ ‬على‭ ‬الطرقات

خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬تجلس‭ ‬سيدة‭ ‬فارقها‭ ‬ونيسها‭ ‬في‭ ‬احدى‭ ‬المحطات‭ ‬دون‭ ‬وداع‮ ‬‭ ‬ونسى‭ ‬في‭ ‬حقيبتها

اغراضه‭ ‬وذاكرته‭ ‬وأحزانه‭ ‬ايضا‭ ‬دون‭ ‬رحمة‮ ‬

تجلس‭ ‬وهي‭ ‬تعيد‭ ‬الحسابات‭ ‬وعدد‭ ‬اللقمات‭ ‬الزهيدة‭ ‬لأفواه‭ ‬احزان‭ ‬ذلك‭ ‬المغادر

خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬لا‭ ‬نهار‭ ‬يأتي‭ ‬بنور‭ ‬هي‭ ‬ليال‭ ‬تخيط‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬باصوات‭ ‬سمارها‭ ‬الذين‭ ‬يستنشقون‭ ‬عفن‭ ‬اصحاب‭ ‬الكراسي‭ ‬والسيارات‭ ‬الفارهة‮ ‬‭ ‬المختفين‭ ‬خلف‭ ‬ربطات‭ ‬العنق‭ ‬والبدل‭ ‬ذات‭ ‬القمصان‭ ‬الجميلة‮ ‬

خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬لابحر‭ ‬ولا‭ ‬مرسى‭ ‬لا‭ ‬جامع‭ ‬عثيق‭ ‬ولا‭ ‬أسوار‭ ‬مدينة‭ ‬قديمه‭ ‬برائحة‭ ‬التاريخ

خلف‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبيرة‭ ‬مواجهة‭ ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬بشاعة‭ ‬الواقع‭ ‬مواجهة‭ ‬بلا‭ ‬دفاع‭ ‬هي‭ ‬انهماك‭ ‬يفوق‭ ‬حد‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬السيولة‭ ‬والبنزين‭ ‬هي‭ ‬حياة‭ ‬خبأتها‭ ‬تانيس‭ ‬عن‭ ‬الجميع‭ ‬لتبكيها‭ ‬بدموع‭ ‬غير‭ ‬مرئية

هي‭ ‬الأساطير‭ ‬التي‭ ‬تروى‭ ‬متسلسلة‭ ‬بشخوصها‭ ‬والهتها‮ ‬‭ ‬تجتو‮ ‬‭ ‬على‭ ‬قدميها‭ ‬رافعة‭ ‬رأسها‭ ‬طالبة‭ ‬للرحمة‭ ‬وسط‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬الزائفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى