بين تراثٍ عريقٍ، وحاضرٍ متجددٍ، تتجلى تمظهرات الفن التشكيلي الليبي.وتحت مظلة هذا التراث وتشابكاته يحاول الجيل الجديد من التشكيليين خلق مساراتهم الخاصة وأفكارهم ورؤاهم وهنا يطرح سؤالٌ رئيس : هل استطاع هؤلاء الفنانون أن يشقوا طريقًا فنيًا مستقلًا، بعيدًا عن ظلال الأساتذة المؤسسين؟!
هل تمكنوا من صياغة هوية بصرية خاصة بجيلهم، تعكس روح العصر، وتطلعات الشباب الليبي؟!
في هذا الاستطلاع نسعى إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، واستكشاف أبعاد التجربة الفنية المعاصرة في ليبيا.
هل استطاع الجيل الجديد من التشكيليين الليبيين .. تكوين عمل تشكيلي خاص بهم .. وتقديم تجربتهم للمتلقي خارج جلباب الآباء المؤسسين .؟
وإذا كانت هذه التجربة مختلفة فما هي أهم ملامحها، وأهم أسئلتها.؟
هل استطاع الفن والفنان التشكيلي الليبي إيجاد خط، وهوية تميزه وسط غيره من تشكيليي العالم؟
طرحنا أسئلتنا على فنانين تشكيليين من مختلف المدن الليبية و الأجيال والمدارس الفنية وكانت إجاباتهم كما يلي..
الفنان التشكيلي /سالم التميمي
بالنسبة للسؤال الأول الحقيقة الكثير من الفنانين الشباب لم يستطيعوا التغيير المطلوب في تطوير العمل الفنيّ والإلتحاق بركب الحداثة والمعاصرة، ما ينتجه الفنانون الشباب الذين لم يتمكن أغلبهم الخروج من إطار الرسم التشخيصي التراثي، ويبقى للأسف ما انتجه الفنانيون الأولون أكثر قيمةً وتطورًا … كنا نتوقع من التشكيليين الشباب التجديد، وفي إمكانهم الإطلاع على ما هو جديد في عالم الفنون.
الحقيقة التجريب هو الوسيلة التي تتيح للفنان التمرد على الأنماط الفنية لا بد من التعبير بحرية، ويرجع إلى غياب الفنان التشكيلي عن المشاركات التي لها فوائد كثير. من حيث التواصل، والمشاركة والاطلاع على الجديد في مجال الفنون والوقوف عن قرب على تجارب الجمالية والتشكيلة
أما عن سؤالكم الثاني على حسب تقييمي هي قدرات لا تتعدى مستوى المحلية، ولكن هناك القليل من الفنانين الليبيين لديهم تجارب تشكيلية حقيقية ولهم خط وتميز عن بعض التجارب التشكيلية الليبية محليًا وأعتقد حتي عربيًا، ولكن مع فناني العالم ما يطرح في الفن التشكيلي الليبي اليوم لم يرتقِ إلى ساحة الفن التشكيلي العالمي لذلك لم يزل الفن التشكيلي الليبي مقارنةً بالتجارب العالمية فنًا تقليديًا.
الفنان التشكيلي /إسكندر السوكني
بالنسبة للسؤال الأول بشأن استطاعة الجيل الجديد تكوين عمل تشكيلي خاص بهم ؟
من المؤكد «لا»، ببساطة لأنهم صورة مشابهة من أساتذتهم ولن يتمكنوا من الخروج من عباءة معلمهم بهذه السهولة، والأسباب منها الإعجاب و الانبهار و الحب و التقدير والتفاعل الإيجابي، ولأن الفنان مازال يتحرك داخل محيط متكرر من الأحداث، بالإضافة لعدم توفر مشاركات دولية حقيقية تثري تجربتهم إلا ما ندر والمشاركة أغلبها على حسابه الشخصي المحدود، ويبقى المشهد الثقافي حبيس اللوحة المتكرَّرة الظهور و الإختفاء من حين لآخر بين قاعات العرض الخاصة وغياب الجهات العامة المسؤولة بالشأن الثقافي لدعم الفنانين بالتوجيه والرعاية وتوفير فضاءات لاحتضان الإنتاج الفني الثقافي .
بالإضافة لقصور الأغلبية من الفنانين الاطلاع على التجارب العالمية وتاريخها والمرحلة التي نضجت فيها التجارب العالمية ، كمدارس تحتاج التحليل واسقاطات النجاحات على مجتمعاتنا العربية .
في الحقيقة الفنان الليبي له خصوصية وتميز ولكن بين أقرانه من المحيط الفني الثقافي المحلي، ولا ارى وجود تميز بمعنى الكلمة عالميًا وإنما طفرة لبعض الفنانين ولإجتهاد الفنان بمفرده واهتمامه الشخصي بتطوير نشاطه .
لأن العالمية أكبر من اختزالها في كلمة لكنها تحمل التنوع الثقافي اللامحدود، ونحن كفنانين محليين، مازلنا ننتظر مستثمرًا مهتمًا بالشأن الثقافي لإنشاء صالة عرض أو جهة تتبنى وترعى الحدث الفني والثقافي، لكن كيف يمكن للفنان الليبي أن يتميز وسط محيط راكد في إنتاج اللوحة وراكد في مستوى التسويق، وعزوف المهتمين عن الإقتناء، أو الإقتناء المشروط .
نعم .. هناك معارض عديدة تنظمها جهات مختلفة ولكن لا تضيف للفنان الكثير باستثناء شرف المشاركة والظهور الفني، لكن الوسط الفني يحتاج لفكرة ورؤية لتثقيف الشارع الليبي وهدف سامي لدمج الفنان بالمجتمع لدعم مبدأ المشاركة المجتمعية للنهوض والارتقاء .
الحل المقترح هو ..لا بد من الجهات الرسمية أنَّ تتبنى مشروعًا وطنيًا يحمل القيم الوطنية، والثقافية، والتراثية، والمجتمعية وحب تراب الوطن ويتجول بين مدن ليبيا الرائعة كعرض فني متجول، للتآخي ودمج المجتمع والحفاظ على التنوع الثقافي الذي تحظى به بلادنا .
الفنان التشكيلي / توفيق البشير
نعم استطاع التشكيلون الليبيون تكوين خصوصية تمثل المشهد التشكيلي الليبي وبكل جدارة؛ فالفن التشكيلي الليبي له بصمته الخاصة في الوطن العربي والعالم، لدينا رموزٌ عديدة لديهم مساراتهم وهويتهم خاصة أبناء جيل الوسط الذي عاصر جيل الآباء المؤسسين وجيل الشباب هذا الجيل مميز له مذهب ولون خاص به وهو امتداد للمدارس الفنية الأخرى ولم يخلق هويته الفنية من فراغ، لدينا أسماء تميزت في مختلف مدارس الفن )التشكيلي التجريدية، التكعيبية، الواقعية(، وغيرها.
الفنان التشكيلي / مفتاح الشريف
في تصوري الشخصي أعتقد بأن الرعيل الأول كان لهم جانبٌ كبير في تأسيس الفن التشكيلي والمدرسة الإنطباعية كانت شاهدة على ذلك في العديد من لوحات الفنانين إضافة إلى التجريدي ولا سيما الواقعي قليلا، أما مسألة الخروج من جلباب المؤسسين فأنا من مؤيدي التمرد في اللوحة التشكيلية والخروج بها من عباءة المؤسسين وذلك يحتاج إلى جرأة الفنان وتقديم تجربة بصرية تشكيلية جديدة، هناك العديد من الفنانين الليبيين طوروا من شكل الفن التشكيلي واخذ التشكيل البصري طابعًا خاصًا ولمسة خاصة في أعمالهم الفنية، وهناك منهم من مازال يعتقد بأن الفن التشكيلي ينتهي بلوحة واقعية تراثية معلقة ع الحائط، في تصوري الشخصي لا بد للفنان أن يخرج من عباءة التكرار ويطور تجربته وهذا لا يمنع أن يوظف التراث الليبي التقليدي في تشكيل بصري جديد ومميز لأن الفن في تطور مستمر ولا يقف عند حد معين، أو لوحة واقعية مكررة...
نعم استطاع اغلب الفنانين وضع بصمتهم الخاصة على أعمالهم الفنية ولأن الوسط الليبي يفتقد كثيرًا للإعلام المتخصص في مجال الفن الأمر الذي حال بين الفنان ورؤية العالم الخارجي لأعماله الفنية الحديثة المعاصرة؛ فالعالم الخارجي يبحث ويلتفت إلى كل ما هو جديد وغير مألوف.
الفنانة التشكيلية / صابرين الفيتوري
كبار الفنانين أو المؤسسين اكتسبوا مهاراتهم وخبراتهم من خلال أعمالهم ومشاركاتهم واحتكاكهم بتجارب الآخرين من خلال معارضهم الشخصية ومشاركاتهم الخارجية لكن جيل الشباب الذي انتمي له يعد جيلًا ناشيئًا في الوسط أفكارهم لم تنضج بعد و رؤاهم الخاصة لم تتضح مازالوا في طور اكتساب الخبرات من تجارب من سبقوهم في هذه التجربة الفنية
عن نفسي كان معرض اكواريل هو أول تجاربي الشخصية في المعارض الفنية وكنت متابعة جيدة لتجارب عديد الفنانين من الداخل كالفنان جمال الشريف وبعض الفنانين في الخارج.