شهدت مدينة سبها هطول أمطار استمرت لعدة ساعات، مما أسفر عن أضرار مادية ملموسة وتسببت في غرق العديد من المنازل والشوارع ورغم أن مدة هطول الأمطا لم تتجاوز الثلاث ساعات، إلا أن الأضرار الناتجة كانت كبيرة، مما يسلط الضوء على هشاشة البنية التحتية في المدينة..
في هذا الاستطلاع، نستعرض آراء المواطنين حول تأثير الأمطار على مدينة سبها، مقارنة بالمدن الساحلية التي تشهد هطولًا غزيرًا للأمطار على مدار فصل الشتاء دون أن تعاني من الأضرار الكبيرة التي شهدتها سبها.
البنية التحتية الهشة تحديات لا تنتهي:
تقول: منى توكة صحفية من مدينة سبها :
المدينة ليست مهيأة لمواجهة الأمطار الغزيرة بسبب ضعف البنية التحتية وتشير إلى أن منزلها لم يتعرض لأي ضرر على عكس منازل أخرى انهارت أسقفها فوق ساكنيها كما أن الشوارع غمرتها المياه حتى وصلت إلى مركز سبها الطبي الذي لم يسلم بدوره من الأضرار..
وأضافت: «هذا الوضع يعكس فشل المسؤولين في تصميم المنازل والطرق بشكل يمكنه التصدي لأي كارثة طبيعية لقد حان الوقت لتدرك الحكومة أن ناقوس الخطر قد دق وأن عليهم تغيير خططهم وتحديث البنية التحتية لمواجهة مثل هذه الكوارث.» أن التغير المناخي يزيد من احتمالية حدوث كوارث طبيعية في المستقبل، وأنه يجب الاستعداد لذلك واعتبرت أن الأمطار الأخيرة كانت اختبارًا يؤكد الحاجة إلى خطط فعالة ومستدامة لتحسين الوضع الحالي وحماية المدينة وسكانها..
وتابعت بقولها :الصحة العامة في خطر مع تزايد المشاكل التي نتجت عن اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي، أصبح الوضع خطيرًا على الصحة العامة فقد تسبب غمر الشوارع بالمياه الملوثة في إغلاق الطريق الدائري الرئيسي، مما جعل المنطقة مأوى للحشرات والبعوض، وبالتالي زاد من احتمالية انتشار الأمراض يؤكد المواطنون أن الحل المؤقت يكمن في شفط المياه المتجمعة سريعًا، دون الحاجة إلى انتظار تنفيذ مشاريع طويلة الأمد لإصلاح البنية التحتية..
فرحة ممزوجة بالقلق..
أبدى فوزي محمد صالح، أحد سكان المنطقة سعادته بهطول الأمطار رغم الأضرار التي خلفتها وقال: «الأمطار كانت نعمة بالنسبة لنا، فالجنوب نادرًا ما يشهد هطولاً مثل هذا ومع ذلك، لا يمكننا تجاهل الأضرار المادية التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية.»
وأضاف فوزي أن ضعف المنازل وانهيار أسقفها يعود إلى سوء البناء وعدم الاستعداد لمثل هذه الظواهر الجوية، مشيرًا إلى أن التخطيط الجيد كان يمكن أن يقلل من حجم الخسائر
الأضرار بين المنازل الصحية والعشوائية ..
قال محمد عمر، أحد سكان محلة المنشية، إن الأمطار التي هطلت في سبها تعتبر كارثة، ولكنها ليست بنفس حجم الكوارث التي شهدتها مناطق مثل درنة وتهالا ورغم توقف الأمطار بعد ساعة تقريباً، إلا أن الأضرار كانت واضحة، حيث غمرت المياه العديد من المنازل. وأوضح أن المنازل المتضررة تنقسم إلى نوعين: الأول يتكون من منازل مبنية بطرق حديثة ولكنها تفتقر لأنظمة تصريف مياه الأمطار، مما أدى إلى تجمع المياه على الأسطح وغمر بعض المنازل أما النوع الثاني فهو المنازل العشوائية التي تفتقر إلى معايير البناء الجيدة، مما جعلها أكثر عرضة للانهيار.
وأضاف عمر: «تعاني المدينة أيضاً من انقطاع التيار الكهربائي وتوقف الحركة في بعض الشوارع التي امتلأت بالمياه الممزوجة بمياه الصرف الصحي والأمر الأكثر إيلاماً هو وقوع حالتي وفاة، واحدة بسبب صعق كهربائي والأخرى بسبب حادث مروري.»
وأشار عمر إلى أن الخطوة التالية يجب أن تتضمن تقييم الأضرار في المنازل المتضررة، والعمل على شفط المياه المتجمعة لإعادة حركة المرور في المدينة، بالإضافة إلى استعادة التيار الكهربائي تدريجياً وفقاً لتقديرات السلامة..
سخرية وسط الأزمة من جانب آخر..
عبّرت سمية أحمد معلمة من المدينة، بطريقة ساخرة عن تدني مستوى البنية التحتية. وقالت: «البنية التحتية في أغلب المناطق سيئة، مع نقص في سيارات الإسعاف وشفط المياه وحتى سيارات الإطفاء لقد توقفت الأمطار في أقل من ساعة، ولو استمرت لأصبح الوضع كارثيًا لأن معظم المباني عشوائية وأسقفها هشة.»
وأضافت بابتسامة: «ورغم ذلك، كان منظر المطر جميلًا مع طلاء جدران العمارات المطلة على قصر فزان أما بالنسبة لمشاكل الصرف الصحي، فلا تقلقوا، كلها يومين وتجف المياه بقدرة قادر نحن معتادون على الحلول السطحية، وهذه البلاد تسير بالبركة منذ زمن بعيد.»
فرحة ممزوجة بالقلق من جهتها:
أعربت خديجة بدر عن مشاعر مختلطة بين الفرح والتوتر أثناء هطول الأمطار وقالت: «كان المطر الذي انتظرناه طويلاً يحمل في طياته بعض التوتر صحيح أن الأرض كانت عطشى واحتضنت القطرات بشغف، لكن القلق من غرق المنازل بسبب البنية التحتية المتهالكة كان حاضرًا في أذهاننا.»
وأشارت بدر إلى أنها ليست مع تضخيم الأحداث، حيث أن بعض الصفحات قد تجعل الناس يعتقدون بوجود كارثة، مع نزوح ووفاة وأضافت أن سبها ظهرت على حقيقتها، وأكدت أنها سمعت عن تشكيل لجنة لحصر الأضرار وضرورة الاستفادة من تجربة هطول الأمطار الغزيرة، التي استمرت لمدة لم تتجاوز الساعة، مشيرة إلى أنه لو استمرت الأمطار لخمس أو عشر ساعات، لغرقت المدينة بالكامل
دعت إلى إعادة النظر في البنية التحتية، مشددة على عدة نقاط أساسية:
تغيير التوصيلات الكهربائية**: استبدال الشبكات الهوائية القديمة بشبكة أرضية حديثة، وعدم الاعتماد على الأعمدة الخشبية التي تعود إلى الخمسينات.
تحسين غرف المحولات يجب أن تُبنى بجودة عالية لمنع تسرب المياه إليها.
رصف الطرق مع مد شبكة تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي أو خزانات أرضية كبيرة للاستفادة منها في ري الحدائق.
فتح المسارات في شوارع الأحياء وفقاً للتخطيط العمراني ورصف جميع الشوارع.
مشروع شبكة مياه شرب إنشاء شبكة كاملة بمحطاتها الضخمة لتلبية احتياجات المدينة من مياه الشرب النظيفة.
صرف صحي جديد بدء مشروع بشبكة ذات أنابيب قطر 2 متر.
بناء وحدات سكنية إنشاء عشرة آلاف وحدة سكنية دور أرضي تناسب العائلة الليبية بمساحة 500 متر مربع ومسقوفة بمساحة 230 متر مربع، تشمل كافة المرافق والخدمات.
وأشارت بدر إلى أن المشاريع الأخرى والصيانة تأتي في الدرجة الثانية، مؤكدة أن أصحاب القرار وأهل الاختصاص يتحملون مسؤولية ما يحدث في مدينة سبها أمام أنفسهم وأمام الله.
قالت حميدة علي، حاملة ماجستير في المناهج وطرق التدريس وعضو لجنة تقييم الإدماج المدرسي:
إن غيثاً قد يأتي، لكن البنية التحتية للمدينة ليست مهيأة لذلك وأشارت إلى أن المنازل، حتى الصحية منها، لا تتوفر على التجهيزات اللازمة لمواجهة الأوضاع الراهنة.
وأضافت علي أن الطرقات لا تزال تتجمع فيها المياه الملوثة، التي للأسف أصبحت مسابح للأطفال في ظل غياب الوعي لدى المواطنين بمخاطر هذه المياه وأوضحت أن اختلاط المياه بمياه الصرف الصحي وبقايا القمامة، التي تُعتبر سمة شائعة في البلدية، يزيد من حجم المشكلة.
واضافت من الاهمية رفع الوعي لدى المواطنين حول المضار الصحية والبيئية الناتجة عن هذه الظروف، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لتحسين البنية التحتية وضمان سلامة السكان..
)2(
صرّح المهندس عبدالسلام إدريس الشارف، مدير إدارة شؤون الإصحاح البيئي ببلدية سبها، بأن الكميات الكبيرة من الأمطار التي هطلت مؤخراً كانت غير معتادة، حيث لم تشهد المنطقة مثل هذه السيول منذ سنوات. وأكد الشارف أن الجهات المختصة ستعمل على اتخاذ التدابير اللازمة للحد من مثل هذه الظواهر في المستقبل.
وأشار إلى أن مكتب هيئة الأرصاد الجوية بسبها، برئاسة عبدالسلام عبدالله اكريم، قد عقد اجتماعاً مع عميد البلدية لمناقشة هذه المسألة. وأوضح أن إدارة شؤون الإصحاح البيئي ببلدية سبها تتابع الوضع البيئي والصحي داخل البلدية، بما في ذلك مكافحة الآفات وضمان جودة المياه.
وفي تقييم الوضع البيئي والصحي في المناطق المتضررة من الأمطار الغزيرة، ذكر الشارف أن تجمع البرك والمستنقعات واختلاطها بمياه الصرف الصحي أدى إلى انتشار روائح كريهة وزيادة في أعداد البعوض والحشرات الضارة التي تنقل الأمراض، واصفاً الوضع البيئي بالكارثي. وأعرب عن مخاوفه من انتشار الأمراض إذا لم يتم التعامل مع الوضع بسرعة.
وأكد أنه بعد الانتهاء من عمليات شفط البرك والمستنقعات، ستقوم إدارة شؤون الإصحاح البيئي برش المناطق المتضررة بواسطة مختصين باستخدام أجهزة ضبابية ورذاذية محمولة للحد من انتشار الأمراض وضمان سلامة السكان.
)3(
الأمطار والبنية التحتية الضعيفة
يقول أحمد البدوري من سبها: «الأمطار التي هطلت في سبها استمرت حوالي ثلاث ساعات، ورغم قصر المدة مقارنة بمدن الساحل التي تتعرض للأمطار لسبع ساعات أو أكثر في اليوم وعلى مدار فصل الشتاء، إلا أن الأضرار في سبها كانت أكبر. المدن الساحلية لا تعاني بنفس المستوى لأن لديها بنية تحتية قوية.»
وأضاف: «من الواضح أن سبها تعاني من غياب شبه كامل للبنية التحتية. إذا استمرت الأمطار بنفس الوتيرة التي تسقط في الساحل، فإن عدد الضحايا والأضرار سيزداد بشكل كبير وملحوظ.»
المخاوف من تكرار الكارثة مع غياب أنظمة تصريف مياه الأمطار وشبكات الصرف الصحي المتطورة، تتزايد المخاوف من احتمالية تكرار هذه الكارثة في المستقبل، حيث أن أي زيادة في كمية الأمطار قد تؤدي إلى تزايد حالات الوفاة وتفاقم الأضرار المادية.
في حديثه حول تأثير الأمطار الأخيرة على مدينة سبها والمناطق المجاورة، أشار حسن الطاهر :
أن الأضرار التي تسببت بها الأمطار لا تعتبر كبيرة مقارنة بمناطق أخرى فقد شهدت مدينة سبها وبعض المناطق الجنوبية الغربية، مثل تهالة والأيسين والبركت والمنصورة، كميات من الأمطار لم تُسجل منذ سبعينيات القرن الماضي..
وأشار الى أن معظم الخسائر كانت في البيوت العشوائية وغير الصحية، وخاصة تلك الواقعة في مجرى الوادي وممر السيل.
*ضرورة التخطيط السليم:*
وفيما يتعلق بتقليل الخسائر، اعتبر أنه كان من المفترض عدم السماح بالبناء في ممرات السيول كما دعا إلى ضرورة قيام جهاز الطرق والجسور بتنظيف المجاري في ممر الأودية على الطرق العامة، لتفادي تغيير مجرى السيل وجرف الطريق المعبد.
أهمية التحذيرات الجوية
اختتم الطاهر حديثه بالإشارة إلى أهمية وجود مكاتب الأرصاد الجوية لتقديم التحذيرات اللازمة للسكان، مما يساعد في تقليل المخاطر المرتبطة بالأمطار الغزيرة.
تسلط هذه الآراء الضوء على أهمية التخطيط العمراني السليم والاستعداد لمواجهة الظروف المناخية، لضمان سلامة السكان وتقليل الخسائر.
الحلول المطلوبة يؤكد المواطنون في سبها على ضرورة تحسين البنية التحتية بشكل عاجل، من خلال تطوير شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، لضمان استعداد المدينة لمواجهة الظروف المناخية القاسية. كما يدعون الحكومة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة للحد من المخاطر وضمان سلامة المواطنين.
ختامًا يبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب الجهات المسؤولة بسرعة لحل هذه المشكلات قبل أن تتفاقم؟