شهدَ الوضعُ المالي، والاقتصادي للبلادِ خلال الفترة الأخيرة ارتفاعًا في أسعار العُملات الصعبة، وأسعار السلع والبضائع، مصحوبًا بشحٍ في السيولة داخل المصارف، وازدياد معاناة المواطن في سبيل توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته .. إلا أن تغيير إدارة المصرف المركزي، والقرارات التي اتخذتها الإدارة الجديدة لحلحلة الوضع المتأزم، جاءتْ بانفراجة للوضع، لا تزال في أولها، وتحتاج لمزيدٍ من القرارات، والإجراءات التنفيذية، حتى يعود الاستقرار المالي، والاقتصادي لوضعه الطبيعي، في بلاد تمتلك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا.
لتسليط الضوء على الوضع الاقتصادي والمالي للدولة، ومدى نجاعة الإجراءات المتخذة من قبل الإدارة الجديدة للمركزي، حاورت صحيفة )فبراير( الخبير الاقتصادي أ.فوزي أحمد وادي.. وتوجّهت إليه بالأسئلة التالية، ليجيب عنها، في حوصلة علمية اقتصادية، تّشرّح الوضع الحالي، وترسم آفاقًا للحلول والمبادرات..
- كيف يؤثر السوق الموازي للعملة الصعبة على الاقتصاد الليبي؟
- ما الخطوات التي يجب على المصرف المركزي اتخاذها، لضبط أسعار العُملة الصعبة «الدولار»،، وإعادة القوة للدينار الليبي؟
- كيف تنظرون إلى بند المرتبات، وارتفاع قيمتها ومدى تأثيرها على الميزانية العامة، وإيرادات البلاد؟
- هل وضع ضريبة على مبيعات العُملة الصعبة كانت خطوة صحيحة أم لا؟
وما النتائج الإيجابية، والسلبية المترتبة عن ذلك؟
- مخصصات الأغراض الشخصية من العُملة الصعبة، أسهمتْ في ازدياد حجم العملات المتداولة خارج النطاق الرسمي .. ما الحل لتفادي ذلك؟!
- ما تأثير خفض سعر بيع الُعملات الصعبة على الاقتصاد المحلي؟
- مشكلات وصعوبات متراكمة تواجهها إدارة المصرف المركزي الجديدة، منها ُشح السيولة النقدية بالمصارف، وضعف القوة الشرائية للدينار الليبي، والعجز المتكرَّر في مدفوعات النقد الأجنبي..كيف سيتم التغلب عليها، وهل بالإمكان عودة القوة للدينار الليبي خلال المدى القريب؟
- رغم انخفاض سعر الدولار، إلا أن أسعار السلع والبضائع ما زالت مرتفعة، ما دور وزارة الاقتصاد، والمصرف المركزي؟
وأجاب الأستاذ/ فوزي أحمد وادي :-
سوق العُملات الموازي «السوق السوداء» للعملات الصعبة يؤثر سلبًا على الاقتصاد الليبي بعدة طرق مهمة، نظرًا لكونه يؤثر على قيمة الدينار، ويخلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي.
1. ضعف قيمة الدينار الليبي: في السوق الموازي، تُباع العملات الأجنبية بأسعار أعلى بكثير من سعر الصرف الرسمي، ما يؤدي إلى خفض قيمة الدينار الليبي. ومع استمرار الطلب على الُعملات الأجنبية في السوق الموازي، يزداد الفرق بين السعر الرسمي، وسعر السوق السوداء، مما يضعف الدينار أكثر.
2. زيادة معدلات التضخم: بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد من السوق السوداء، تزداد أسعار السلع والخدمات الأساسية في السوق المحلي، مما يؤدي إلى التضخم، ويؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين. وهذا التأثير يكون أكثر حدةً عندما لا يستطيع المواطنون الوصول إلى العُملات الأجنبية من خلال القنوات الرسمية بأسعار معقولة.
3. تقليل ثقة المستثمرين: يؤدي وجود سوق موازٍ غير خاضع للرقابة إلى خلق حالة من عدم الاستقرار ويجعل بيئة الاقتصاد غير جذابة للاستثمار، حيث يشعر المستثمرون بعدم الأمان تجاه قيمة العملة والتقلبات الحادة التي قد تؤثر على عوائدهم.
4. انخفاض الإيرادات الحكومية: يؤثر السوق الموازي أيضًا على إيرادات الحكومة، حيث تُدار العديد من المعاملات خارج النظام المصرفي الرسمي.
هذا يعني أن الحكومة تفقد الفرصة لتحصيل الضرائب والرسوم من المعاملات المالية، مما يؤثر سلباً على الميزانية العامة، ويقلل من قدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية.
5.زيادة الفساد والتهريب: وجود سوق موازٍ مزدهر يعزَّزُ من الأنشطة غير القانونية مثل : )التهريب وتداول العملة خارج الأطر القانونية(. وهذا بدوره يعزَّز الفساد ويضعف المؤسسات الرسمية.
الحل الفعّال يتطلب تعزيز الرقابة على تداول العملات الأجنبية، واتباع سياسات اقتصادية تدعم استقرار الدينار، إضافة إلى توفير العملات الأجنبية بأسعار مقبولة عبر القنوات الرسمية.
أما فيما يخص الخطوات التي يجب إتباعها من مصرف ليبيا المركزي لضبط أسعار العُملة والآن سيتم الحديث على أهمها وهي سياسات النقدية بيد مصرف ليبيا المركزي أولها فتح الاعتمادات حسب احتياج السوق الليبي، والمواطن بالدرجة الأولى مثل ما تحدثنا مرارًا وتكرارًا عدم فتح الاعتمادات إلا عن طريق موافقة وزارة الاقتصاد والتجارة لأنها هي الجهة الوحيدة التي تعرف احتياجات المواطن، والسوق الليبي، والسلع الأساسية أما عن السلع التي تخدم الاقتصاد الوطني وخاصة عند يتم استراد السلع لا يفتح اعتماد إلا بموافقة الوزارة، وإن يتم فتح اعتماد للسلع الأساسية على سبيل المثال السلع
)أ – ب – ج( السلع) أ ( هي السلع الاساسية و)ب( السلع التي يستهلكها المواطن مثلا العصائر أما سلعة )ج( فهي الكماليات التي يستهلكها المواطن سواء من السلع الغذائية التي لا يحتاجها المواطن وهنا يمكن على مصرف ليبيا المركزي تحديد الإيرادات الكاملة من العُملة الأجنبية، ومقارنها بالطلب على استراد ويأخذ في عين الاعتبار هذه الخطوات فتح الاعتمادات بالتدريج كذلك على مصرف ليبيا المركزي التعاون مع البرلمان والجهات ذات الاختصاص لتقوية الدينار الليبي برفع الضريبة المفروضة على العُملة الاجنبية بشكل نهائي وبهذا سيكون هناك استقرار في الاسعار .. أما فيما يخص الحكومة خاصة الوزارة المالية فعليها أن تقوم بتحويل الطلبات من خلال الميزانية العامة .. ما هي الأولويات التي يجتاج اليها المواطن الليبي سواء أكان في الباب الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع ولا تكون هناك عشوائية في تحويل الطلبات في نهاية الأمر مصرف ليبيا المركزي تدخل إليه إيرادات سواء أكانت من النفط أم إيرادات أخرى محلية لهذا تكون محدودة وعليه مقارنتها بم يتم طلبه من السوق.
فيما يخص بند المرتبات ورفع قيمتها ومقارنتها بدخل الدولة الليبية الآن هناك ضغط كبير في بند المرتبات كل شهر فيه زيادة في عدد الموظفين الدولة الليبية وهذا ضغظ على الميزانية العامة وعلى مصرف ليبيا المركزي لا بد من وضع سياسات تتماشى مع هذا الوضع لا يمكن تركيز على التوظيف الدولة والآن وزارة الاقتصاد في طور وضع خطط في التنويع الاقتصادي حيث يتم تشغيل الموظفين في القطاع الخاص والتقليل من الضغط على بند المرتبات بالفعل كل شهر يرتفع سواء أكان مفرجات مالية أم توظيف جديد فلا بد من وضع سياسات معينة ليتم تركيز على القطاع الخاص.
بخصوص فرض الضريبة على العُملة الأجنبية هذه ليستْ بالسياسة المناسبة لأن هذا سبب في زيادة الأسعار وزاد من عدم الاستقرار في الوضع الاقتصادي فلا بد رفع الضريبة بشكل كامل فهذا يمكن لتغطية بعض المصاريف أو دعم الميزانية العامة لأن الاستراد ليستْ من السلع الأساسية من الدولة الليبية أو بند الاستيراد لأكثر من الحاجة من السوق الليبي ومن ثم يؤدي إلى نتيجة التهريب بدل من رفع الضريبة فعلى الحكومة والجهات الأخرى الضغظ على رفع الضريبة واستعمال سياسة لمصرف ليبيا المركزي وكذلك لتتماشى مع الوضع الاقتصادي الليبي.
بخصوص ارتفاع الأسعار بالرغم من انخفاض في سعر الدولار، فما دور وزارة الاقتصاد ومصرف ليبيا المركزي صحيح هنا نلاحظ انخفض سعر دولار من سبعة دينارات ونصف الدينار إلى ستة دينارات يزيد قليلاً أو يقل قليلاً عن ستة دينار هذا الوضع لا بد في انخفاض السلع هذا يرجع في أغلبية الحال إلى التجار الآن بعض التجار متحكمين في بعض السلع يبيعون السلع بسعر الدولار بسبعة دينارات أو سبعة ونصف وهناك بضائع في المخازن ومع ذلك فيه سلع تم انخفاض في أسعارها خاصة في الأسواق الكبرى بطرابلس وخارجها، وعلى المصرف المركزي التخفيض في سعر دولار، وسينزل السعر في القريب سيكون هناك ضغط على التجار بتوفير العُملة بسعر أقل وسيستنفذ ما لديهم من المخازن، وعليه نأمل منهم تخفيض أسعار البضائع خاصة السلع الأساسية وأن دور وزارة الاقتصاد بالتنسيق مع المركزي في تقديم خطة متكاملة لتخفيض أسعار السلع خاصة في عملية الاستيراد ومع فتح معبر «راس جدير» الذي يغذي السوق الليبي بشكل كبير من السلع الأساسية ونعتقد سيتم خفض السلع الأساسية تدريجيًا مهما تمسك التجار بذلك.
وفي الختام .. باعتباري خبيرًا اقتصاديًا لا بد من تفعيل السياسيات الاقتصادية الثلاث السياسة التجارية التي تختص بها وزارة الاقتصاد، وكذلك السياسة المالية التي تختص بها وزارة المالية والسياسة النقدية التي يختص بها المصرف المركزي، ولا بد أنّ تعمل هذه الجهات في إطار واحد وفي تنسيق مباشر فيما بينها حتى يتم استقرار الوضع الاقتصادي والآن في إطار وزارة الاقتصاد العمل مباشرة مع وزارة المالية، ومصرف ليبيا المركزي، وتكون هذه السياسيات باشراف وزارة الاقتصاد التي هي أدرى باحتياجات السوق الليبي سواء أكان من سلع أم تنمية أم دعم بقية القطاعات وعندما نفعل هذه السياسيات سيتم استقرار الوضع الليبي مثل ما ذكرنا وتكون تحت اشراف حكومة الوحدة الوطنية، ومشكورين في وزارة الاقتصاد والتجارة بوضع مقترح يقدم إلى مجلس الوزارة ويتم اصدار قرار بخصوص تشكيل لجنة برئاسة الحكومة، والوزارات المختصة لتفعيل السياسات الثلاث حتى يكون هناك تناغمٌ في الوضع الاقتصادي الليبي، وأن السياسيات الثلاث تتجه في اتجاه واحد وتكون متماشية مع بعضها ..