رأي

ليت الشرع يتعض بغيره

أمين مازن

قد لا تكون النتائج المنتظرة من سقوط العرش العلوي الذي دخل هذه الأيام شهره الثاني بعد أن بلغ ذروته بنقل بشار حافظ الأسد إلى موسكو مرفوقا بما استطاع إن لم يكن نُصِحَ بما تسدعيه إقامته الإنسانية التي تمت بترتيب ما لبثت مؤشراته أن أطلّت مؤكدة أن القوى التي ظلت تشد حبالها طوال السنوات التي توالت على الربيع العربي وزوابعه التي استمرأت البقاء حتى أطلق عليها أحد عرّابي الثقافة العربية المطبعة مصطلح الجُمَلَكية، تأسيساً على ما درج عليه أولئك الزعماء الثوريين من توريث أبنائهم عروش الرئاسة وتعديل الدساتير في لمح البصر كما شهدت سوريا الأسد عندما أعادت إلى الذاكرة وصية معاوية لابنه يزيد وطلب البيعة من عمرو بن العاص، تلك التي ثبت منها إن صحت بألا مَناب لمن يحل به الموت إلا قبره، أما الذي يتقبل العزاء وكأنه يزيد فوحده الذي يبوء بكل ما يشاء من ثواب الدارين كما أوصى معاوية ابنه. نعم فَها هو أحد الخاسرين وربما أكبرهم من ملالي إيران لا يتحرج من إطلاق أبشع النعوت على بشار المطرود قبل غيره لأسباب الخسارة، وها هو الجار الأناضولي بعد أن طمأن نفسه بالظهور بثوب المنتصر لا يخفي مجاهرته بضرورة تجريد أحد المكونات السورية (الكردي) من السلاح دون أن يترك المهمة لأهل البلد، وها هم الأتباع يعدّلون مناهج الدراسة بما يفيد لمجيء الأتراك يوماً فاتحين وليس كما ذكر دُعاة الفكر القومي العربي وهو يرى الأجيال الجديدة وهي تؤسس الدولة الحديثة والتي وُلِدَت منقوصة بسلخ لواء الإسكندرون وهو ما عجزت السنون عن سلخه من ذاكرة الأجيال مما ليس مجاله هذه الإستطرادة.

لقد غيرت مستجدات سوريا موازين القوى فتحول العراق من الخلط بين العلاقات السياسية إلى المؤامرات الشعبية فاكتسب رئيس الوزراء ما جعله يجمع بين الوسيط والناصح، كما جاءت أوروبا ممثلة في فرنسا والمانيا وغيرها جامعة بين التهنئة ووالنصح والإطمئنان  وحتى التوجيه، إن تكن حقوق الإنسان ومساهمة المرأة في مقدمتها، فلا شك أن تقاسم السلطة بين احترازاتها وربما ضمان توفرها، فلا شيء ينذر بزوالها كانعدام التكافؤ وشيوع منطق الغنيمة وإيثار ذوي القُربى التي عرفها التاريخ العربي منذ النصف الأول من القرن الأول الهجري وليس أمام من أفلح في تقدم السلطة المؤقتة غير أن يراعي ما تنتظره الأطراف الدولية كافة وما لديها من المصالح التي لا تتحقق من دون المكونات العرقية وعناوينها الأيديولوجية التي رافقت سوريا منذ بروزها كياناً له دوره وسط محيطه والقوى المؤثرة فيه بداية من رئاسة شكري القُوَتْلي عقب الحرب.

إنها الرئاسة التي ثبّت بها دولة الاستقلال في عهدها الأول وتحمس لها ليحقق أول وحدة عربية يحظى فيها بلقب المواطن العربي الأول فلا تنتهي أخيراً إلا بخسارة حرب يونيو وها قد تلحق سوريا بالربيع العربي فعسى أن يستفيد الشرع مما حصل بكل من انتهج طريه التمكين وقديماً قيل السعيد من اتعظ بغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى