تُشكلُ أزمةُ المواصلاتِ في بلادنا معضلةً حقيقية في ظل بدائية البُنى التحتية، وغياب وسائل النقل الحديثة كـ)القطار السريع، ومترو الانفاق، والحافلات العامة( خاصة داخل العاصمة طرابلس التي تضم أكبر تجمع سكاني ومع ازدياد نسبة النساء العاملات أصبح المركوب حاجة ضرورية وماسة ولكن لغلاء سعره في الآوانة الأخيرة بات من الضرورة البحث عن وسيلة تضمن بها المرأة الوصول إلى مقر عملها، وكذلك حاجتها لتأمين وصول أبنائها إلى مدارسهم بعد أن صعبت المهمة على الأهل بسبب الازدحام المروري على أن تكون تلك الوسيلة بعيدة عن سيارات الأجرة المنتشرة في كل مكان، والتى لا يقودها سوى الرجال وذلك لأسباب اجتماعية وأخلاقية لا تتيح لها استئجار تاكسي عامة دون موافقة من ذويها .
من هنا جاءتْ الفكرة التي ابتكرتها المرأة بنفسها للحد من مشكلة المواصلات، ولتقدم حلولاً تسييرية للنساء عامة بمختلف أعمارهن وشرائحهن، ففي السابق كان الرقم )191( هو النداء الخاص بسيارات الأجرة التي تأتيك لباب بيتك وتحملكَ للوجهة التي تريد.
اليوم تعدّدتْ أرقام، وأسماء الشركات التي تديرها سيدات ليبيات، كما توفرتْ السيارات التي يقدمهن ليبيات أيضاً يقدمن خدمة توصيل الأفراد، والاغراض المتنوعة في سابقة هي الأولى من نوعها في مجتمعنا الليبي الذي ولجت فيه المرأة مجال القيادة في العقود الأخيرة، التي لم تكن شائعة بين الفئات النسوية مقارنة بما هو عليه الآن .
تقول )س . أ (: أنا موظفة كنتُ بحاجة لتحسين دخلي، وأعمل خارج ساعات الدوام على تطبيق )توربو(، وهو برنامجٌ إلكتروني اشتركتُ فيه عبر «الانترنت» نظامه يتطلب صورة من إثبات الهوية، أو رخص القيادة، ولا يوجد مقرٌ رسمي لإجراء مقابلة، أو ما شابه، وهذا ما يعجبني فيه أنه مرن، ومريح، ومناسب ليّ، ولأني اعمل بسيارتي الخاصة فطلبوا مني صورة لها، واشترطوا أن يكون صنعها بعد ٢٠٢٠ ومواصفاتها جيدة، ونظيفة.
وكما نعلم أن التطبيقات هذه موجودة منذ سنوات في عديد الدول، في بلادنا نسبة كبيرة من طالبات الجامعة معتمدات عليها بشكل كلي لأن خدماتها سريعة، ومتوفرة، وأسعارها مناسبة .
وتضيف : يوجد فريق يتابع مسار الرحلة دون أنّ يتواصلوا مع السائق، وهم مَنْ يحددوا التسعيرة، وفق تقرير الرحلة بالكيلو مترات التي سأقطعها عندها أنا من يقرّر قبول، أو رفض الرحلة.
والزبونة تكون على دراية مبدئية بالسعر، ولو طلبت مشاوير إضافية سترتفع التكلفة تلقائيًا ،وهذه التطبيقات تجري لها تحديثات بين فترة، وفترة لأن كثيرًا من العاملين عليه يشتكون من إجحاف التسعيرة مقابل جهدهم، خاصة أثناء الزحام.
ومن مزايا البرنامج أنه لا يتقيد بضرورة العمل يومياً أحيانًا اتوقف أسبوعين، أو أكثر، ثم استأنف حسب ظروفي، وبعض التطبيقات الأخرى مثل ) ADEX( يحدَّد لكَ النطاق الجغرافي الذي تعمل داخله لكن )توربو( مجاله مفتوحٌ، والخيار للسائق؛ فمثلاً تكون فيه رحلة من جنزور إلى تاجوراء إن قبلتها فلا مجال للتحايل في السعر، ولو حصل سيعملون حسابك، ويقفلون التطبيق، وهذا الشئ يكتشفونه من خلال بلاغات الزبائن التي يرسلونها للتطبيق، ولكن هناك مساويء تسجل ضده أولها الجانب الأمني فهم يشترطون تسليم أوراق ثبوتية للموافقة على الالتحاق بالعمل، ونحن لا نعرف أي جهة تشرف عليه هل هي رسمية، أم خاصة ؟ الموضوع غامض نوعًا ما .. كما أن المدخول أحياناً لا يغطي اتعاب الرحلة؛ فمثلاً رحلة بـ) 100( دينار للتطبيق 25 والباقي ليَّ ارسل نصيبهم على شكل كروت تعبئة رصيدها خاصة بشركات التوصيل تُباع في كل المحال باسم التطبيق.
أيضًا السائقة عُرضة للخطر، أو الاستغلال، والاستدراج لاماكن لا تعرفها؛ العملية فيها مجازفة لما نتلقى اتصالًا نتوجه للمكان المطلوب ويكون في «دغاريق عين زارة» على سبيل المثال، ولما تقترب تقفل الزبونة هاتفها وتلغي الرحلة من عندها، وأحياناً اجد صعوبة في الخروج من المنطقة، والوصول للطريق الرئيس حتى إشارة الموقع الالكتروني تختفي بسبب التغطية في مثل هذه الأمطار لا نجد من يحمينا، أو يدعمنا لذلك لا أقبل برحلات تكون بعيدة واتقيد بالعمل في ساعات النهار فقط.
أما عن سيارتي فأتحمل مسؤولية أعطالها بسبب الطرق السيئة خاصة في وقت المطر.
الخلاصة .. إنّ هذه البرامج تحتاج لبنية تحتية جيدة، وضمانات للسائق على الأقل أثناء تعرضها للخطر لأننا نركبوا في بنات من كل شكل، وقد حصلتْ معي عديد المواقف منذ فترة أخذتُ زبونة لمكان حدَّدته، ثم طلبتْ مني التوقف في منتصف الرحلة ثم ترجلتْ من سيارتي لتركب سيارة معتمة، وتذهب بعد أن دفعتْ أجرة الرحلة كاملة!! .. بصراحة شعرتُ وقتها، وكأنني أسهمتُ في شىء خاطئ ولربما بغفلة مني لكني مضطرة لتجاوز الموقف لأنه ليس هناك إدارة اعود إليها أو مشرفين على التطبيق اتفاهم معهم.
أما الأخت )…..( وقد تحفظتْ على ذكر اسمها أيضًا فهي سيدة ليبية تُدير شركة )الوصال( للتوصيل النسائي تحدثتْ عن تجربتها قائلة: بدايتي مع عالم قيادة السيارات حينما كنتُ طفلة قدتُ سيارة والدي في سن )11( كنتُ ماهرة بالفطرة، واقود ماركة عادية، وفي 2010 حاولت دخول سوق العمل؛ فبدأتُ بتعليم القيادة في المنطقة؛ ثم اشتريتُ سيارة )بيجو(، وكانت أمنية حياتي تأسيس شركة توصيل كادر نسائي، والتعامل مع نساء فقط، وفي 2018 صارحتُ صاحبة مدرسة تعليم قيادة رغبتي في تطوير نفسي وفتح مشروعي الخاص، وفي 2019 عملتُ على توصيل طالبات الجامعة بسيارتي، وفيها كنتُ أُعلم القيادة، وتعاملتُ مع عدة جهات لتوصيل طلبيات، وأغراض مختلفة، وعندما جاء وقت تنفيذ حلمي اشتريتُ سيارة )سوناتا( 13 ألف دينار بجمعية.
سألتُ عن الإجراء الرسمي، قالوا ليَّ قدمي الأوراق لوزارة الاقتصاد للحصول على شهادة سلبية بعدم مزاولة أي نشاط لكني ظليت أعمل على سيارتي الجمرك من 2019 لعند 2021 في توصيل طالبات الجامعة وكم مرة يخالفوني المرور لأني لم أتحصل على الشهادة من الاقتصاد، وكنتُ محتاجة للعمل؛ بعدها تطور وضعي وصار عندي )6( سيارات مع العلم عقد الشركة تأسس في 2019 لكني تحصلتُ على الموافقة في 2021 بعد اختيار اسم الشركة )الوصال( صار عندي ملفٌ في وزارة المواصلات في البداية وظفتُ قريباتي، وصديقاتي ثم قبلت بشخصيات غريبة عني، وأجريتُ خصم)5( دينارات للطالبات بشكل خاص مثلاً مشوار يكلف )١٥( للطالبة يكون بـ) 10(، والايراد بنظام الثلث ليّ، والسائقات النصف :
السائقات يسلمن الإيرادات أسبوعيًا، ويأخذن نصيبهم في الوقت نفسه، وفي حالة الحوادث على الشركة إصلاح المحرك، وعلى السائقة الإطارات الخارجي، ومنهن من تحصل على إيراد 2000 دينار شهريًا، ولو عملتْ توكة كاملة من 7 ونص صباحاً إلى 7 ونص مساءً، وعادة ما اخصص للفترة الليلة سائقات كبيرات في السن، وعائلات وأحياناً أقوم أنا بتوصيل الزبونات؛ فنحن نعمل بروح العائلة الواحدة .
وقد تقدم ليَّ عديد الاخوات الراغبات في تحسين ظروفهن المعيشية، وأغلب فريق )الوصال( يعملن بكل جد ومثابرة .
ثم قالتْ لدي )12( سيارة حاليًا بعد أن كانوا 22 منها سيارتان لتعليم القيادة، وفيه سيارات جاهزة للبيع شطبتهم في ورشتي فقد افتتحت ورشة منذ عامين في طريق المطار كنتُ اشرف عليها أنا وزميلتي ومعنا اسطى مغربي فني سمكرة ممتاز، وفي شركتي نعمل على مدار اليوم لمناطق طرابلس كافة، وهناك رحلات إلى مصراته، وزوارة نرفعوا في عائلات تطلب توصيلًا جماعيًا، ويكون كلهن نساء، لكن لا يخلو الأمر من المشكلات أولها السرقة نعم تعرضتُ للسرقة في بداياتي من بعض السائقات سامحهن الله، إلى جانب السلوكيات المشبوهة من بعض الزبائن كأنّ تطلب منا زبونة توصيلها لمصراته وفي نهاية الرحلة يقف علينا رجل يدفع أجرتها ثم تنطلق معه.
بصراحة تحدث أمامنا مواقف كثيرة خارجة عن السيطرة، وأنا بطبعي حازمة وبنت بيتيه اعمل بشرف ولا اخرج عن إطار عاداتنا التي تربينا عليها؛ فسيارتي التي تدخلها الفتاة تصبح بمثابة ابنتي أو ضيفتي يعني أخاف عليها، وأحرص على مسؤوليتي تجاهها أعمل بما يرضي الله، واجاهد على اسم وسمعة شركتي.
ولكنّي وجدتُ فوضى حتى من الإدارة، فقد كانت لدي 3 بنات مهمتهن تلقي الطلبات على الهاتف، ومحاسب رجل كبير، و8 سائقين شباب لان اغلب الزبونات تريد توصيل أولادهن من عمر 13 سنة وأقل إلى مدارسهم بعدها صرفت السائقين لانهم سراق، وخربوا سياراتي مع الاسف !
كانوا متعبين جداً، وبسببهم ألغيت هذه الخدمة وصرت استقبل الطلبات بنفسي إلا لو صار حادث أو ظرف طارئ السائقة اضطرت للخروج وتركت مكاني لسائقة من اللاتي أثق فيهن وللاسف لا يوجد إدارة ناجحة في بلادنا.
وتقول ايضاً سبق وأشركتُ مع شركة «انتروسوفت» ودفعتُ لهم مبلغ ١٢ ألف دينار من أجل الحصول على قاعدة بيانات للابليكيشن الخاص بشركة، لكنهم تهربوا مني وأعطوني واجهات فقط وداتا داخلية ولم أحصل منهم على شيء لعند الآن.
في نهاية حديثها قالت: عملي ماشي بالبركة أعتبره حلمًا وأنجزته وكما يقولون صاحب التاكسي لا يفلس ولا يوفر فلوس بمعنى أن أركز في عملي على الجانب الإنساني أكثر من مصلحة الربح أحب مساعدة النساء كبيرات السن ومن فقدت العائل والمعين، وأقدر ظروفهن وهذا ما أوجه به سائقاتي وشعاري أختصره في جملة دائماً أرددها عليهن وهي )يوم تطيحوا قدر الزبونة حقها عندي ويوم الزبونة تطيح قدركن حقكن عندي كذلك(، أهم شىء تعملي باحترام وتراعي ظروف أخواتكن .
الأخت أم طه هي إحدى السائقات لدى )الوصال( قالت في إفادتها: كنتُ أعمل في شركة إدارتها بإشراف امرأة لكن فيها احتكار للجهد والعرق، فرضتْ علينا دوام من ٨ إلى ٨ ورصيد اتصال الزبونات على حسابنا، وعدتنا بتوفير هواتف )بيلة( لاستعمالها في العمل، ولم تفِ بوعدها نعمل معها دون نظام )جي بي إس(، السيارة منها ولكن لو صدمناها مصاريف الصيانة علينا، وكذلك خدمة تغيير الزيت والصيانة الدورية بصراحة كان استنزافًا لا يُطاق.
لكن في شركة )الوصال( وجدتُ تعاملًا منصفًا، المديرة لا تحسبها بالماديات معنا أعملُ منذ ٣ أشهر، وأنا مرتاحة، ودخلي جيد جيدًا، أحياناً يصل إيرادي الأسبوعي إلى ٣٠٠ حتى مشاويرنا الخاصة لا تحاسبنا عليها حسيتُ بظرف المرأة الليبية؛ فحتى ملصق الشركة لا تجبرنا على وضعه فوق زجاج السيارة منعاً لإحراج بعض الزبونات اللاتي يرفض أزواجهن فكرة قيادة سيارة أجرة نسائية.
سيدة ليبية أخرى )…( احتفظتْ عدم ذكر اسمها واسم شركتها لأسباب تخصها أفادتنا قائلة: كي أكون صادقة معكِ شركتي غير حكومية نحن قروبُ نسائي قمنا بفتح مشروع فيما بيننا نحن ربات البيوت من فـئة أرامل، ومطلقات وغيرهن، وقد اقترحتُ على السائقات التحدث عن تجربتهن لكن رفضن خوفًا من تركيز الإعلام على عملهن الذي هو مصدر رزقهن.
أنا صاحبة الفكرة في البداية، وقد كانت الأمور تسير على نحو جيد لكن دخل فيما بعد التنافس غير الشريف من شركات نسائية أخرى تسلطتْ علينا وفيه سائقات انظمن ليّ، وأكلن عرقي وتعبي بعد شهر، وشهرين وكون علاقات مع الزبونات اللاتي وفرتهن لهن، ثم انفصلن عن مجموعتي وصرن يعملن لحسابهن الخاص بسياراتهن هذه أكبر خيبة شعرتُ بها في بداية مشروعي، لأن تعاملي معهن دون أوراق رسمية وحتى زوجي لم يكن موافقًا في البداية باعتبار خدمة الإنترنت فيها مشكلات.
تضيف: أنا معتمدة على «الانترنت» في شغلي أفيق مبكراً واستمر للثالثة فجراً من اليوم التالي يعني على مدار ٢٤ ساعة وعلى حساب رصيدي ليبيانا، والمدار أجري اتصالاتي للربط بين الزبونات والسائقات يعني مهمتي التنسيق والربط فيما بين الطرفين، ومن واجبي التعرَّف على السائقات وفحص سياراتهن، وأطلب منهن إثبات الهوية لأجل المصداقية، وضمان مصلحة الزبونة وكل خدماتنا تعامل نسائي فقط، نقوم بتوصيل طلبة دون السن القانونية أولاد وبنات ونساء من مختلف الأعمار بالنسبة للطلاب بنظام الشهرية من ٢٥٠ إلى ٣٥٠ حسب المنطقة، والتوصيل الفردي اليومي من ٤٠ دينارًا، ويزيد أو يقل داخل مدينة طرابلس حسب المسافة، وآلية عملي تتم عن طريق اشتراكي في مجموعة على الفيس بوك، ونشر إعلاني وتفاصيل الخدمة التي أقدمها، وبالنسبة للإيراد متفقين كل ٤ شهور نأخذ على الزبونة أو الطالبة ٢٠ دينارًا، في السابق كنتُ أخذ بالنسبة يعني ٥٠ دينارًا شهرياً ، ومثل هذه الوظيفة لا تعمل بها المرأة إلا بدافع الحاجة، وسوء الأوضاع المالية مع ازدياد غلاء المعيشة لأنها ليست سهلة، وظيفة شاقة وبها مخاطر كثيرة، ووجع راس، وغش وتلاعب، وأكثر الأحيان نتعرض لتنمر من بعض الزبونات دون تقدير لجهدنا معهن، وحتى السائقات عديمات الأخلاق «الشامخات» كما يسمونهن قد أسأن علينا عملنا بسبب سلوكياتهن.
الأخت خالدة مديرة شركة )الخالدة( للتوصيل النسائي متحصلة على دبلوم رياضة، وحكم وطني في كرة تنس الطاولة تقول في إفادتها: راودتني فكرة فتح شركة توصيل بعد متابعتي لصديقة كانت تعمل بشركة )البداء( للتوصيل النسائي، والأمانات أعجبتُ بنمط العمل وبعد استشارتي لابني – طالب في القانون – شجعني وبدأتُ المشروع بتسجيل الترخيص باسمه باعتباري معلمة، وتفاديًا للازدواجية تحصلتُ على الترخيص من بلدية أبوسليم، واستأجرتُ مقرًا للشركة بعد معاينة الحرس البلدي له، ثم افتتحته في منتصف اغسطس٢٠٢٤، وفصلته
)مكاتب واستراحة السائقات( وزودته بمنظومة كاميرات داخلية وخارجة، ومنظومة «انترنت»، وأجهزة تصوير وطبعًا مغلفات باسم الشركة وللعلم شركتنا الوحيدة التي تلتزم بإلصاق المغلف الخاص بها على سياراتها حرصتُ على أن يكون العمل متكاملًا تفادياً للمشكلات مع الزبونات، وكذلك للتنظيم ثم قمنا بفتح صفحة على «الانترنت» تعريفاً بخدماتنا، وجايتنا طلبات العمل، وكذلك التوصيل من عائلات وفتيات لعدة مناسبات كحفل التخرج، وحمام العرائس، وقمنا بنقلهم وتصويرهم وتوثيق الحدث، ونشره في صفحتنا بموافقتهم طبعًا إشهار لخدماتنا؛ ثم نشرنا إعلانًا ممولًا لطلب سائقات بشرط التفرغ والالتزام واستملنا طلبات كثيرة جداً، وقد اخضعتهن لامتحان على القيادة والتعامل لأني صادفتُ سائقات مدخنات، ومنهن تتعاطى تصوري لذلك أُشدّد على اختبار السلوك، ولاحظتُ أن أغلب الطلبات من سيدات أرامل، أو مطلقات كان بودي أن تعمل معنا حتى النساء المتزوجات لكن بسبب رفض أزواجهن للانخراط في هذا المجال لأن دوامه يستمر من الصباح لعند المساء، وقد يصل إلى ١٢ ليلاً.
وبالنسبة للسيارات تقول مسترسلة في حديثها : لدى الشركة ٤ سيارات، وابني هو مشرف الصيانة، وعدد السائقات ٤.
نقوم بتوصيل التلاميذ تحت سن ١٣ إلى مدارسهم، وبالنسبة للأجرة تقول: نحن نخير السائقة منذ البداية لو تريد راتبًا ثابتًا يكون ٥٠٠ دينار إضافة إلى ١٥٪ من مدخولها للشركة، أو بنظام الثلث والغالبية يفضلن الثلث، في التوصيل الشهري تأخذ حسابها نهاية كل شهر، أما اليومي فتخلص كل يوم بيومه، ولو الرحلة مثلاً كلفتها ٤٥ دينار ًا تأخذ هي ١٥ ، والباقي للشركة وهكذا..
وكل شىء تتكفل به هي، لأن السيارة في حوزتها طوال اليوم، وقد ربطتُ السياراتِ بنظام تتبع )جي بي اس( للاطمئنان على السائقة في حال تعرضها لشىء، أو توقفت بها السيارة.
والتسعيرة أنا أحدّدها حسب تقديري للمسافة، فمثلاً من السدرة على شارع الزاوية بـ٣٠ دينارًا، ومن شارع الجمهورية إلى ٤ شوارع الكهرباء بــ٣٥ دينارًا.
لدي سكرتيرة مهندسة سودانية، ومحاسبة سودانية أيضاً متفوقات في عملهن وقد نظمن الشغل على خير ما يرام.
وأضافت أيضاً: تحدث لنا مشكلات كأي مهنة أخرى مرات تحجز الزبونة، وبعدما ترسل موقعها تصل عندها السائقة تلغي طلبها ببساطة.
وهناك مواقف خطرة واجهتنا كان أشدها أننا نتعامل مع زبون استلمنا منه غرضًا من جهة الفروسية بطريق المطار لأكثر من ٥ مرات لعند اعطيناه الأمان كان المتصل في كل مرة، وهو رجل ويرسلنا لاستلام أمانة من امرأة نحملها منها إلى مستلم آخر، ثم قام المتصل بتغيير مكان التسليم من الفروسية إلى كوبري المصانع تاجوراء وعندما سألناه على نوع البضاعة التي ننقلها قال: كرات وأدوات وعدة رياضية ولما ذهبتْ السائقة للاستلام وطلبتْ أجرة التوصيل أرسلوها لشخص ثالث في جزيرة« ريكسوس»، وبعدها لاحظتُ أن هناك سيارة تلاحقها لعند تأكدوا من دخولها للسريع لكن السائقة من خوفها غيرت مسارها وجاءتني إلى مقر الشركة ولما كشفنا على الأمانة وجدناها )شرب منكر، وحشيش( في سلفر مع حافظة قلاية لحم جاهزة على الطبخ.
بصراحة تفاجأتُ وتوجهتُ على الفور إلى مقر «هيئة دعم الاستقرار» في أبو سليم وفي تلك الأثناء ظل الزبون يتصل ورديتُ عليه في حضور رجال الأمن، وهو يهدّدني طلبوا مني الحضور للمقر الأمني لو أراد استلام بضاعته ووضعتُ رقمه في الحظر، وأقفلتُ الموضوع بعدما سلمتُ الأغراض للنقطة.
السائقة توقفتُ عن العمل لأنها تعرضتُ للتهديد ولا يوجد جهة رسمية تحمينا، أو تقدم لنا أي دعم، أو تعويض لنا كسيدات فتحنا هذا المشروع للاسترزاق الحلال وبضوابط قانونية لكن لا يمكننا التأمين عل أنفسنا في مواقف خطيرة كهذه.
وبسبب الموقف اشترطتُ بعدها على الزبونات ضرورة تسليم الأمانات إلى مقر الشركة، للتفتيش والتأكد من محتواها أمام الكاميرات، ورفضتُ كل الأغراض المغلفة أنا أتولى تغليفها على حسابي بعد معاينتها حتى الحلويات وغيرها من أعمال ربات البيوت، أقفلتُ باب التعامل معهن باستثناء المحال المعروفة، لأن الكيكات أيضاً استعلوها في تهريب «الحبوب المخدرة» داخل حشوتها .
أنا امرأة أحبُ العمل في النَّور، وابتكار الأفكار الجديدة وبلادنا بلاد خيرات وفرص الخدمة متوفرة فيها للغريب الذي استغنى بكسبه ، فما بلك بنا نحن أبناء البلد.
وتختم : طموحي القادم أن أفتح «بريستو» نسائي، أوفر أسطول دراجات نارية بقيادة نسوية أعرف أن الأمر يبدو غريبًا، ولكن ليس مستحيلاً فبعد ٥ أو ١٠ سنوات لن تجد فتيات السيارات لارتفاع كلفتهن وكلفة المحروقات، وقد يتوجهن للدراجات النَّارية بسبب أزمة الزحام ولو العامل الاجتماعي الذي يقف حائلاً ضد هذه الفكرة بالإمكان استجلاب سائقات من تونس والمغرب على سبيل المثال.
حالياً أدرس مع أولادي فكرة مشروع محطة غسيل سيارات يكون فيه استراحة، ومقهى لوجبات سريعة، وكل العاملات في المحطة نساء في نساء لأننا نجد صعوبة في غسل سياراتنا من الداخل بسبب العمالة الافريقية، ولا يتوفر لنا مكانٌ نجلس فيه عند الانتظار.. لذلك نحن بحاجة لنجسد هذه الفكرة على أرض الواقع.. أطلب من الله تعالى أن يوفقني في تجسيدها.