من منظور قانوني، إن الإجراءات المتخذة من قبل مصرف ليبيا المركزي، ووزارة المالية بخصوص إلزام موظفي القطاع العام ش أرقام بطاقاتهم المصرفية IBAN يتناقض تمامًا مع القوانين واللوائح المالية المعمول بها في ليبيا، ويشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الموظفين، والمودعين على حد سواء.
فالمادة )137( من لائحة الميزانية والحسابات والمخازن واضحة بما فيه الكفاية في النص على أن صرف مرتبات الموظفين يتم نقدًا في مقار عملهم، ولا يمكن استبدال هذا الإجراء إلا بوجود رغبة طوعية من الموظف لتحويل راتبه إلى الحسابات المصرفية. وإذا لم يكن الموظف قد طلب هذا التحويل، فليس من حق أي جهة فرضه عليه.
- علاوة على ذلك، المواد 138، و139 من اللائحة نفسها تضع ضوابط دقيقة وشفافة لتنظيم التحويلات المصرفية للمرتبات، ولا تذكر أبدًا فرض شرط الحصول على بطاقة مصرفية IBAN كشرط مسبق لصرف الراتب. وبالتالي أي إجبار للموظف على تقديم هذه المعلومات الشخصية الخاصة بحسابه المصرفي يتعارض مع ما هو منصوص عليه في اللائحة، ويشكل تعديًا على مبدأ الحماية القانونية للموظف من التدخل في شؤونه المالية الخاصة.
- إنَّ هذه الممارسات تخالف أيضًا قانون المعاملات الإلكترونية رقم )6( لسنة 2022، الذي يضمن حماية البيانات الشخصية، ويحدد طريقة استخدام وتبادل هذه البيانات بشكل آمن.
من خلال فرض المصرف على الموظف تقديم رقم البطاقة المصرفية IBAN، فإنه يعرض هذه البيانات للانتهاك ويُسهم في نشرها بطرق غير قانونية، مما يضع المصرف في موقف قانوني صعب، حيث يمكن أن يتعرض لمسؤولية قانونية في حال حدوث أي تسريب، أو استخدام غير مشروع لتلك البيانات.
- أما من ناحية الرسوم، والعمولات المفروضة، فإن ما يحدث من قبل المصارف التجارية يعد نوعًا من «القرصنة المالية»؛ حيث يتم تحميل الموظف أو المودع رسومًا باهظة، وغير قانونية على خدمات، فعمولات سحب الراتب من خلال الصراف الآلي، سواء أكانت بنسبة 7.5 د.ل لكل ألف د.ل، أو أي عمولات أخرى على الصكوك والودائع، تعد انتهاكًا صارخًا لأبسط المبادئ المالية العادلة
هذه العُمولات هي ببساطة «رسوم خفية» يجب أن يعيد النظر فيها المصرف المركزي، وهي بكل تأكيد ستضعه تحت طائلة المسؤولية القانونية.
الخلاصة: يجب على الجهات المعنية، مثل وزارة المالية، ومصرف ليبيا المركزي، أن تتدخل لإصلاح هذه الممارسات التي تضر بالموظفين وتتناقض مع مبادئ الشفافية والعدالة المالية. لا يمكن أن يسمح لأي جهة بتطبيق إجراءات تفرض شروطًا غير قانونية على الموظفين وتؤدي إلى تحميلهم رسومًا جائرة على حساب حقوقهم، وذلك لتغطية الفساد والخراب التي تمارسه تلك المصارف، لتُحمل على جيب المواطن البسيط.