لاتجد عاقلا بختلف معك في كون الشعب الليبي يستحق بجدارة لقب الشعب العصبي الليبي وتميزه بالعصبية إنما هو لإعتقاده أنه دائما على حق وأنه لايجوز بأي حال من الأحوال التنازل عن الحق الأمر الذي يؤدي لتقمص حالة الدفاع عن الحق وبالتالي تحول الحوار الى شجار وقطيعة تستمر وتتوالد حتى أبعد مستويات التصنيف العصبي .
والتعصب هنا ليس للحق كمطلق نسبي يتوفر على العديد من الادوات التي من شأنها لملمة ودمج الأفكار والمفاهيم بإختلافها ليخلق منها كونا معرفيا آخر يهم المهتم ولايهم العصبي الليبي . وإذا ماشئنا البحث عن جذور هذا السلوك فإننا نجد له أصولا لامتناهية في الذاكرة الشعبية وتكريس وجداني عاطفي كبير لمثل هذه الشخصية مثل ( جيفة ولايأكلوها الاواجلة) وأيضاً ( مكرة في عيت بوليفة والله ماني متغشي ) وغيرها الكثير من المعنويات التي تغذي العناد والعصبية .
ولاشك أن العناد والعصببة و (تسكير الرأس) هو سلوك عاطفي وليس للعقل أية صلة به لامن بعيد ولا من قريب . فهو سلوك أرعن مغلق ورافض بالإضافة لكونه دليل على أن العقل لا يعمل منذ فترة ليست قصيرة .
وتعدد المسميات إنما يدل على أهمية المسمى كما هو معروف فالعناد هو تسكير الرأس والسلوك المعاند هو البونطو ( والبونطو) هو منظومة فكر مغلقة ترفض ماسواها وتعاديه وتفرح بأشباهها وتواليه في محاولات لتغذية وجودها وقمع العقل مستخدمة في ذلك أعتى أسلحة الحيلة النفسية وحبائل العقل الباطن من أجل أن تظهر الفكرة في وجداننا كأنها الوحي والإلهام والحقيقة الراسخة .
والحقيقة أني أرى أن هذا النمط من التفكير والسلوك هو ماجعلنا متوقفين بل ومتراجعين عن مواقعنا في قافلة الأمم المجاورة لأننا نختنق بزفير أفكارنا دون وجود تجدد للهواء الفكري الذي نرفض أن نفتح له شبابيكنا . نحن منغلقون على ذواتنا وعلى الآخر ونستميت في الدفاع عن أفكار لم ننتجها وفق منهجية خاصة بتجاربنا بل أننا نستعير المغذيات التي تخدم القطيع ( كيف الناس لابأس) . دون أن نعلم أيضا أن هذه الاواليات الدفاعية النفسية إنما هي لتمنعنا عن رؤية العار الذي نحن عليه وهي أيضا ماتجعلنا لانرى الا مانريد .. وخصوصا عندما يتعلق الأمر بنا شخصيا ..
نشجع الأهلي مثلا بونتو في فلان تيحة .
ندخن بونتو في علان مايحباش
ونعمل بونتو في فلان اللي حاسدنا ونلبس ونشتري ونتمادي في بذخ وهمي مداراة لنقص في أعماقنا وتعويضا له أيضا لتورية العار الذي يشبه الغول في عقولنا نحن نعيش خياة لم نخترها ولم نصنع حيثياتها بإرادتنا بل نستمر فيها بونتو في اللي مش عاجبه .
فكيف نستطيع التوهم بأننا سنكون يوما حقيقين ونسعى لصنع حياة تخصنا مكتملة الاركان منفتحة على ضرورة الإختلاف ناكرة للأقصاء عقلانية متزنة مستنيرة .. أيضا بونطو في جماعة البونطوات .