رأيفنون

شعب البونتوات

معمر الزايدي

لاتجد‭ ‬عاقلا‭ ‬بختلف‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬كون‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬يستحق‭ ‬بجدارة‭ ‬لقب‭ ‬الشعب‭ ‬العصبي‭ ‬الليبي‭ ‬وتميزه‭ ‬بالعصبية‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬لإعتقاده‭ ‬أنه‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬وأنه‭ ‬لايجوز‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬لتقمص‭ ‬حالة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحول‭ ‬الحوار‭ ‬الى‭ ‬شجار‭ ‬وقطيعة‭ ‬تستمر‭ ‬وتتوالد‭ ‬حتى‭ ‬أبعد‭ ‬مستويات‭ ‬التصنيف‭ ‬العصبي‭ . ‬

والتعصب‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬للحق‭ ‬كمطلق‭ ‬نسبي‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الادوات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬لملمة‭ ‬ودمج‭ ‬الأفكار‭ ‬والمفاهيم‭ ‬بإختلافها‭ ‬ليخلق‭ ‬منها‭ ‬كونا‭ ‬معرفيا‭ ‬آخر‭ ‬يهم‭ ‬المهتم‭ ‬ولايهم‭ ‬العصبي‭ ‬الليبي‭ . ‬وإذا‭ ‬ماشئنا‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬جذور‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬له‭ ‬أصولا‭ ‬لامتناهية‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬الشعبية‭ ‬وتكريس‭ ‬وجداني‭ ‬عاطفي‭ ‬كبير‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬مثل‭ ( ‬جيفة‭ ‬ولايأكلوها‭ ‬الاواجلة‭) ‬وأيضاً‭ ( ‬مكرة‭ ‬في‭ ‬عيت‭ ‬بوليفة‭ ‬والله‭ ‬ماني‭ ‬متغشي‭ ) ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعنويات‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬العناد‭ ‬والعصبية‭ .‬

ولاشك‭ ‬أن‭ ‬العناد‭ ‬والعصببة‭ ‬و‭ (‬تسكير‭ ‬الرأس‭) ‬هو‭ ‬سلوك‭ ‬عاطفي‭ ‬وليس‭ ‬للعقل‭ ‬أية‭ ‬صلة‭ ‬به‭ ‬لامن‭ ‬بعيد‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬قريب‭ . ‬فهو‭ ‬سلوك‭ ‬أرعن‭ ‬مغلق‭ ‬ورافض‭ ‬بالإضافة‭ ‬لكونه‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬قصيرة‮ ‬‭ .‬

وتعدد‭ ‬المسميات‭ ‬إنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬المسمى‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬فالعناد‭ ‬هو‭ ‬تسكير‭ ‬الرأس‭ ‬والسلوك‭ ‬المعاند‭ ‬هو‭ ‬البونطو‮ ‬‭ ( ‬والبونطو‭) ‬هو‭ ‬منظومة‭ ‬فكر‭ ‬مغلقة‭ ‬ترفض‭ ‬ماسواها‭ ‬وتعاديه‭ ‬وتفرح‭ ‬بأشباهها‭ ‬وتواليه‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬لتغذية‭ ‬وجودها‭ ‬وقمع‭ ‬العقل‭ ‬مستخدمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أعتى‭ ‬أسلحة‭ ‬الحيلة‭ ‬النفسية‭ ‬وحبائل‭ ‬العقل‭ ‬الباطن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬وجداننا‭ ‬كأنها‭ ‬الوحي‭ ‬والإلهام‭ ‬والحقيقة‭ ‬الراسخة‮ ‬‭ .‬

والحقيقة‭ ‬أني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬والسلوك‭ ‬هو‭ ‬ماجعلنا‭ ‬متوقفين‭ ‬بل‭ ‬ومتراجعين‭ ‬عن‭ ‬مواقعنا‭ ‬في‭ ‬قافلة‭ ‬الأمم‭ ‬المجاورة‭ ‬لأننا‭ ‬نختنق‭ ‬بزفير‭ ‬أفكارنا‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬تجدد‭ ‬للهواء‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬نرفض‭ ‬أن‭ ‬نفتح‭ ‬له‭ ‬شبابيكنا‭ . ‬نحن‭ ‬منغلقون‭ ‬على‭ ‬ذواتنا‭ ‬وعلى‭ ‬الآخر‭ ‬ونستميت‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أفكار‭ ‬لم‭ ‬ننتجها‭ ‬وفق‭ ‬منهجية‭ ‬خاصة‭ ‬بتجاربنا‭ ‬بل‭ ‬أننا‭ ‬نستعير‭ ‬المغذيات‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬القطيع‭ ( ‬كيف‭ ‬الناس‭ ‬لابأس‭) . ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاواليات‭ ‬الدفاعية‭ ‬النفسية‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬لتمنعنا‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬العار‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬عليه‭ ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬ماتجعلنا‭ ‬لانرى‭ ‬الا‭ ‬مانريد‭ .. ‬وخصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بنا‭ ‬شخصيا‭ ..‬

نشجع‭ ‬الأهلي‭ ‬مثلا‭ ‬بونتو‭ ‬في‭ ‬فلان‭ ‬تيحة‭ .‬

ندخن‭ ‬بونتو‭ ‬في‭ ‬علان‭ ‬مايحباش‭ ‬

ونعمل‭ ‬بونتو‭ ‬في‭ ‬فلان‭ ‬اللي‭ ‬حاسدنا‭ ‬ونلبس‭ ‬ونشتري‭ ‬ونتمادي‭ ‬في‭ ‬بذخ‭ ‬وهمي‭ ‬مداراة‭ ‬لنقص‭ ‬في‭ ‬أعماقنا‭ ‬وتعويضا‭ ‬له‭ ‬أيضا‭ ‬لتورية‭ ‬العار‭ ‬الذي‭ ‬يشبه‭ ‬الغول‭ ‬في‭ ‬عقولنا‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬خياة‭ ‬لم‭ ‬نخترها‭ ‬ولم‭ ‬نصنع‭ ‬حيثياتها‭ ‬بإرادتنا‭ ‬بل‭ ‬نستمر‭ ‬فيها‭ ‬بونتو‭ ‬في‭ ‬اللي‭ ‬مش‭ ‬عاجبه‭ .‬

فكيف‭ ‬نستطيع‭ ‬التوهم‭ ‬بأننا‭ ‬سنكون‭ ‬يوما‭ ‬حقيقين‭ ‬ونسعى‭ ‬لصنع‭ ‬حياة‭ ‬تخصنا‭ ‬مكتملة‭ ‬الاركان‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الإختلاف‭ ‬ناكرة‭ ‬للأقصاء‭ ‬عقلانية‭ ‬متزنة‭ ‬مستنيرة‭ .. ‬أيضا‭ ‬بونطو‭ ‬في‭ ‬جماعة‭ ‬البونطوات‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى