
الحديث عن نضال المرأة ومعاناتها لأجل نيل مساواتها فى المجتمع الذكوري ونيل حريتها حديث ليس بالهين كما يتوقع العديد وكما توقعت أن شخصياً عندما قررت الخوض في هذا الموضوع فنقطة البداية تكون واضحة ومعروفه دائماً عند الكل ولكن طريقة نيل الحريات ومحاولة تواءمتها مع روح وعقلية المجتمع الذكوري الذي مازال يصر على النيل من نجاحات المرأة واحباطها فهنا يكون مكمن الخطر الذي يثير الاستغراب والاستهجان معاً خاصة وإن كانت هذه العقلية من ذوي الهمم العالية التي ما تنفك تدعو لتحرر واستقلال المرأة
فتاريخ المرأة عامة والليبية خاصة ًمليء بالتحديات والمناكفات ولعل أقوى أنواع هذا النضال هو نضال وكفاح الإعلاميات والصحافيات اللاتي تمكن بفضل شجاعتهن واقدمهن وصلابة إرادتهن من تحدي فكر المجتمع الذكوري المتطرف ومنظومة الأفكار التقليدية المتوارثة التي كانت تصر على أن المرأة كيان ناقص وعاجز فقط خاضت المراة الليبية العاملة بمجال الصحافة والإعلام صراعا حادا لأجل انتزاع حقوقها بممارسة العمل الصحفي دون تعرضها للترهيب او التخويف او حتى الإساءة لصورتها٫ فالصحافة ليست نقلا للأخبار بل هي القدرة على تحمل مسؤولية كبيرة وسط ظروف محفوفة بالمخاطر وهو ما جعل المرأة الليبية في الحقل الإعلامي تجد نفسها بين التسلح بقوة الالتزام والصمود في مواجهة التحديات التي تعد أكثر جدية مقارنة بالجيل الأول من الإعلاميات الليبيات
وفي النموذج الليبي هنالك العديد من الرائدات اللاتي سطرن التاريخ اسمائهن بنور وذهب منذ سبعينيات القرن التاسع عشر وإنشاء منصة ومنبر للدفاع عن حقوق المرأة الليبية آنذاك مثل السيدة زعيمة الباروني التي كانت تحمل نظرة تقدمية من أجل حرية المرأة الليبية آنذاك والسيدة خديجة الجهمي «بنت الوطن»وصاحبة المشروع النهضوي والتنموي والتي توفيت عام 1996 تاركة خلفها ارثاً عظيماً مخلدا في أرشيف الذاكرة الليبية إلى جانب الرائدة حميدة العنيزي طرخان أول معلمة ليبية للتعليم الابتدائي في ليبيا ورائدة الحركة النسوية في ليبيا طبعاً الى جانب السيدة جميلة الازمرلي وغيرهن جعلن جيل من الفتيات بعدهن يقفن على اقدامهن بكل ثقة وإصرار وعزم وبالأخص فيما يتعلق بمجال الاعلام والصحافة والتي هوا بنسبة لهن عمل مثابرة قبل ان يكون موهبة ونقطة تحدي قبل أن يكون اثبات للذات فلم يكن من السهل على المرأة الليبية أن تدخل إلى عالم مهنة المتاعب « الصحافة » وتثبت وجودها كذات فعالة اليوم ولم يكن من السهل كذلك أن تؤسس وتشارك المرأة الليبية في الصحف والمجلات المحلية والدولية وأن تدخل عالم الكتابة والتحرير والإخراج الذي كان محرم عليها منذ عقود طويلة فانجحت في العمل على أسس أخلاقيات المهنة بحس عال واستقلالية مجردة ومصداقية أساسها أخلاقيات العمل الإنساني والحيادية والالتزام بالصالح العام ونقل الصورة الحقيقية بكل جرأة ومصداقية للخبر الهادف وكانت ولازالت تمارس عملها فى معظم الأحيان من داخل بيتها كونها امرأة وربة بيت الذى لم يمنعها من التقدم والابداع في مجال عملها من طرح المواضيع وتناولها بكل إتقان وبراعة فاقت فيها الرجل الصحافي الذي مازال بين الحين والآخر وللأسف تطل علينا عقليته الذكورية لتعكر صفو روح المنافسة والإبداع في محاولة لإخماد صوتها وتقنينه، ورغم ذلك برزت العديد من الأسماء الناجحة اليوم في عالم الصحافة المحلية وهي أسماء لها تاريخها المشرف فى ذاكرة التاريخ الليبي وهن سيدات وقعت على عاتقهن مسؤوليات وواجبات فاقت مسئولية وحمل الرجل فكانت الرائعة سعاد سالم وإيناس حميدة وسالمة المدني ونجاح مصدق وفايزة العجيلي ومنال البوصيري ونجوى الرياني سالمة عطيوة وحميدة القمودي وحليمة التواتي وفاطمة سالم و وداد الجعفري وهدي الميلودي وفتحية الجديدي و سميرة البوزيدي وغيرهن كثير منهن من نجح في الظفر بالمناصب الصحفية و التحريرية العليا وخاضوا التجربة الصحفية وسطرو فيها مسيرة حافلة بالعديد من النجاحات المذهلة التي تمثل محطات هامة في تاريخ الصحافة الليبية عملوا في هذه المهنة وهن كل ثقه بأنهن يعملن في مهنة أنانية نعم أنانيه لأنهن وجدن أنفسهن يتغولنا على ذاتهن بين الحين والآخر على حساب حياتهن الخاصة فالكتابة مثلاً تتطلب حيادا نفسياً مرهقاً وخاصة للمرأة وطغيان موجع للجانب المهني على الشخصي ففي بيتها تكتب . وهي تُدرس أولادها تكتب . وفي زحام مهامها كربة بيت تكتب . وقبل النوم تكتب. في فرحها وفي حزنها تكتب.
وهو ما جعل اليوم من أي صحفية تفتخر وتفاخر بأنها صحفية ناجحة امرأة مكافحه من أجل أسرتها ومجتمعها ومهنتها، فالصحفية والإعلامية كأي امرأة تخفي في جيب سري من جيوب روحها المتعبة الكثير من العناء والوجع من كثرة تراكمات الحياة اليومية وهو ما جعلها تمتلك روحا أكثر من مرنة تجعلها تتقن الوقوف والمشي على خيط الحياة الرفيع وتبقى الحقيقة الراسخة اليوم أنه وبعد أن كانت الصحفية والاعلامية الليبية تسعى فقط من أجل المنافسة الشريفة مع الرجل بغية أن تساوي صوتها بصوته فقط أصبحت اليوم وبفضل عزمها وإرادتها باتت الصوت الأقوى والمسموع القادر على رفع قضايا ومشاكل الحياة عامة إجتماعية وسياسية واقتصادية بكل جرأة ومصداقية وجدية واحترام كامل لمبادئ الدين والتقاليد والعادات المترسخة كأي ليبية أصيلة عرفت جيداً كيف توازن حياتها المهنية بحياتها الخاصة بكل جدارة.