
أثارتْ إحاطة المبعوثة الأممية في ليبيا )هانا تيتة( التي تقدمتْ بها أخيراً لمجلس الأمن الدولي حول ما بدأ لها سلبياً جملةً من التعليقات، حيث سارعتْ ببثها بعض الفضائيات المؤدلجة وواضحة الاصطفاف، هذه الإحاطة التي جاءت مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي طالتْ أغلبية الليبيين، أولئك الذين قد تبلغ نسبتهم ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الليبيين؛ حيث أن نسبة الربع فقط من عموم السكان يمكن أن يكونوا بمعزل عن سوء الأحوال المعيشية جرّاء ما أُغْدِقَ عليهم من زيادة المرتبات وما في حكمها من المزايا كبدل النقل والضيافة والاتصال، إلى جانب المهمات المفتعلة ممن يمكن حصرهم في المجالس رؤساءً وأعضاءً، والتي تبدأ بالرئاسي لتشمل النيابي، والدولة وقبلهم الوزراء ووكلاءهم ومساعديهم وهيئات تزيد كل يوم فضلاً عن الثوار الذين تنامى عددهم بعد فبراير، وقبلوا النصيحة بعدم التخلي عن سلاحهم إلى أن تقوم الدولة!، ولأن هذه الدولة لم تقم فظلّوا أكثر من غيرهم وجوداً في هذه الدولة سلطةً واستفادةً وإفادةً، ومن المستبعد أن يزيحهم أحدٌ من مواقعهم أو يجبرهم على توضيح ما يُنسب إليهم من مآخذ الأداء وبالذات الصرف المخالف لتقارير الرقابة التي ملأ عددها المجلدات المطبوعة دون أن يلتئم من أجلها أي اجتماع يرد فيه على النقد ويتعهد بصدده ما ينبغي من العلاج فيستقيل من ثم من يستقيل ويقال من يقال، فيما نرى عدد المكلفين بالوزارات يزداد فلا نعرف من كلفهم ومن حضر قَسَمَهُم ومن أعطى الثقة، أما استقبال السفراء الأجانب وإذاعة أخبار هذا الاستقبال في ما يشبه الفخر ومثله حضور الاجتماعات الدولية من عربية وأفريقية وأوروبية، فآخر ما يمكن أن ينتظر المواطن الليبي اي الاعتذار عن هذه الاجتماعات بل وينعدم التنسيق وتظهر المنافسة على الحضور على نحو غير مشرف، ويبدو أن هذه الوضعية الشاذة والمحرجة هي دون غيرها ما دفع المندوبة الدولية لأن تُضَمِّن إحاطتها الأخيرة ما يعني ضرورة إلزام الأطراف المتصارعة إلى توحيد الميزانية العامة وأن تذكر بكل الوضوح ما يشهده الواقع من تنافس الحكومتين على الموارد، فيتذكر الجميع مقولة غسان سلامة بشأن )مولد مليونير في ليبيا كل يوم!(، عندما مثّل الأمم المتحدة ذات يوم وأصدر كتاباً عن تجربته زيادةً في مؤلفاته ورصيد خبرته، لقد بلغت الأزمة الاقتصادية أقصى درجات سوئها وطالت آثارها السيئة أغلبية الناس كما قلنا في صدر هذه المقاربة، وبات مؤكداً ألا مخرج من هذا الوضع السيئ ومعالجته إلا بتشكيل حكومة موحدة، وميزانية هي الأخرة موحدة ومن الممكن الاستعانة باللجنة الاستشارية بعد أن لاح ما يؤكد ابتعادها عن جميع الموجودين في المشهد ومن ثم تأثيرهم، خاصةً وأن مثل هذه الأحوال تفرض الاكتفاء بالميزانية المؤقتة ليقتصر الصرف على الضروري من قوت الناس وعلاجهم وتعليمهم وأمنهم لتعود للدينار قوته الشرائية ويختفي شبح الغنيمة والتشدق بأسبقية القاعدة الدستورية إلى ما درجت عليه الشعوب من التقشف، فليبيا وُجِدَت بالإرادة الدولية عقب الحرب الكونية ومن دونها لم تُجَنَّب تلك الأرتال التي ما تزال آثارها في ذلك الطريق الطويل الذي يربط شرق البلاد بغربها، في الربع الأول من العام 2011، وما دام أدؤانا سياسةً واقتصاداً وحكماً بهذه الرداءة فأولى بالمجتمع الدولي أن يُنقِذَ بعضَنا من سوءِ بعضِنا، عسى الله أن نهنأ جميعاً وننعم بما لدينا.