الاولىالرئيسية

كل‭ ‬يوم‭ ‬تتراجع‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭..‬ وعبث الفاسدين ضريبة باهضة

فايزة العجيلي

ما‭ ‬الأثر‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لقرار‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية؟‭!.‬

تعد‭ ‬قيمة‭ ‬العُملة‭ ‬المحلية‭ ‬إحدى‭ ‬العوامل‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬قيمتها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تأثيرات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬كبيرة‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تحمد‭ ‬عواقبها‭.‬

في‭ ‬ليبيا‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭ ‬

‭)‬الدينار‭( ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثيرات‭ ‬متعددة‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬حيث‭ ‬زياد‭ ‬التضخم،‭ ‬وأثرت‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر‭ ‬بين‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬بذوره‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬الاستثمارات‭ ‬واليد‭ ‬العمالة‭. ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭  ‬أنماط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والادخار،‭ ‬وأثرت‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬المدمة‭ ‬للمواطن‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬توجهتْ‭ ‬صحيفة

‭)‬فبراير‭( ‬بسؤال‭  ‬فحواه‭ .. ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬الأثر‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لقرار‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الاجنبية‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭ )‬الدولار‭(‬؟‭.‬

الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الضاغط‭ ‬يسبب‭:‬

تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية

ارتدادات‭ ‬الفساد‭:‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الجريمة

المحامية‭ – ‬أسماء‭ ‬محمد‭ -‬  :‬

يرتبطُ‭ ‬العاملُ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬المختلفة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬منها‭ ‬والسياسية،‭ ‬ويتأثر‭ ‬بها‭.‬

إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬العاملَ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يعدُ‭ ‬العامل‭ ‬الأكثرَ‭ ‬تأثيرًا‭ ‬فيه‭ ‬لارتباطه‭ ‬باحتياجات‭ ‬الأسرة‭ ‬الأساسية‭ ‬المتعدَّدة،‭ ‬والواسعة‭ ‬والتي‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬قائمتها‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬حاجات‭ ‬جديدة‭ ‬أضحتْ‭ ‬أساسية‭ ‬وضرورة‭ ‬ارتبطتْ‭ ‬بتطور‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتحوَّلات‭ ‬المجتمع‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬تعقيدات‭ ‬الحياة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكلفتها‭ ‬ووجود‭ ‬صعوبة‭ ‬وربما‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تكييف‭ ‬المجتمع‭ ‬لنفسه‭ ‬وفقًا‭ ‬لقدراته‭ ‬المادية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬تصنيف‭ ‬احتياجاته‭ ‬بين‭ ‬الضرورية‭ ‬والمهمة،‭ ‬والتكميلية‭ ‬والترفيهية،‭ ‬أو‭ ‬الكمالية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التصنيفات،‭ ‬مما‭ ‬ألقى‭ ‬بمزيد‭ ‬الأعباء‭ ‬المثقلة‭ ‬على‭ ‬الكاهل‭ ‬وربما‭ ‬المرهقة‭ ‬للأسرة‭ ‬بمجملها‭.‬

وبلادنا‭ ‬التي‭ ‬يعد‭ ‬اقتصادها‭ ‬ريعيًا‭ ‬أي‭  ‬تعتمد‭ ‬بالكامل‭ ‬تقريبًا‭ ‬على‭ ‬مدخول‭ ‬النفط‭ ‬مما‭ ‬يتأثر‭ ‬تأثرًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬بكميات‭ ‬الإنتاج‭ ‬وسعره،‭ ‬خلق‭ ‬فجوةً‭ ‬كبيرةً‭ ‬بين‭ ‬الإيرادات‭ ‬والاحتياجات‭ ‬مما‭ ‬أثَّر‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬لخفض‭ ‬قيمته‭- ‬الدينار‭ – ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬عديد‭ ‬المرات‭ ‬وبالتالي‭ ‬انخفاض‭ ‬قوته‭ ‬الشرائية‭ ‬وعجزه‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬الأسرة‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬‮«‬أكل‭ ‬ومشرب‭ ‬وملبس‭ ‬ومسكن‭ ‬للمستأجرين‭ ‬ورسوم‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬وتكاليف‭ ‬الدراسة‭ ‬والعلاج‭  ‬وايضاً‭ ‬الاتصالات‭ ‬والإنترنت‮»‬،‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول‭ ‬مما‭ ‬سيرفع‭ ‬من‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر‭.‬

ولجوء‭ ‬النّاس‭ ‬لأعمال‭ ‬إضافية‭ ‬لتغطية‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬إن‭ ‬توفر‭ ‬لبعضها‭ ‬ذلك،‭ ‬والخشية‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬هذه‭ ‬الحاجة‭ ‬للانزلاق‭ ‬نحو‭ ‬الأنشطة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة،‭  ‬أو‭ ‬المحرمة‭ ‬كـ‭)‬السرقة،‭  ‬والمخدرات،‭ ‬والخمور،‭ ‬والدعارة‭(  ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬الممنوعات‭ ‬من‭ ‬تهريب‭  ‬السلع‭ ‬إلى‭ ‬الوقود‭ ‬إلى‭ ‬تهريب‭ ‬البشر،‭ ‬لينتج‭ ‬قرار‭ ‬خفض‭ ‬العُملة‭ ‬المحلية‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬تأثيرات‭  ‬ضارة،‭ ‬وهدامة‭ ‬لقيم‭ ‬المجتمع‭ ‬وسلامة‭ ‬أفراده،‭ ‬سوف‭ ‬نعجز‭ ‬عن‭ ‬إصلاحها‭ ‬بعد‭ ‬أنّ‭ ‬تغدو‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬والوسيلة‭ ‬الأقصر‭ ‬لتوفير‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الكسب‭ . ‬

أما‭  ‬قرار‭ ‬رفع‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬النَّواب‭ ‬سنة‭ ‬2024م‭  ‬فيذكرنا‭ ‬بقصة‭ ‬جحا‭ ‬الذي‭ ‬اشتكى‭ ‬النَّاس‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬حماره‭ ‬الذي‭ ‬فك‭ ‬رباطه‭ ‬وعبث‭ ‬بزروعهم‭  ‬وأفسدها‭ ‬فقام‭ ‬بمعاقبة‭ ‬الحمار‭ ‬المربوط‭ – ‬حاشا‭ ‬المجتمع‭ ‬طبعًا‭-  ‬وترك‭ ‬الآخر‭ ‬يعبث‭ ‬كما‭ ‬يشاء‭ .‬

فبدلاً‭ ‬من‭ ‬محاسبة‭ ‬وتعقب‭ ‬الفاسدين‭ ‬ووضع‭ ‬ضوابط‭ ‬مشدَّدة‭ ‬تعالج‭ ‬وتضمن‭ ‬عدم‭ ‬العبث‭ ‬بمقدرات‭ ‬الشعب‭ ‬أو‭ ‬المساس‭ ‬بها،‭ ‬أضيفت‭ ‬ضريبة‭ ‬أرهقت‭ ‬الأسرة‭ ‬واعجزتها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬تتناسب‭ ‬ومقدرات‭ ‬بلدها‭.‬

أشرف‭ ‬المزداوي‭ :‬

قرار‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬لا‭ ‬يُعد‭ ‬مجرد‭ ‬إجراء‭ ‬نقدي،‭ ‬أو‭ ‬مالي‭ ‬بحت،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬قرارُ‭ ‬يُحدث‭ ‬موجات‭ ‬متلاحقة‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للبلاد‭ ‬فمن‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬تفقد‭ ‬فيها‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬قيمتها،‭ ‬يبدأ‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬بالشعور‭ ‬المباشر‭ ‬بالنتائج‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء،‭ ‬الدواء،‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتآكل‭ ‬مدخراته‭ ‬المحدودة،‭ ‬ما‭ ‬يضعف‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬حاجاته‭ ‬اليومية‭.‬

هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬لا‭ ‬ينعكس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة،‭ ‬بل‭ ‬يُضعف‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى،‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬عادةً‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للاستقرار‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ويدفع‭ ‬بها‭ ‬نحو‭ ‬خط‭ ‬الفقر،‭ ‬مما‭ ‬يُفاقم‭ ‬من‭ ‬التفاوت‭ ‬الطبقي‭ ‬ويغذّي‭ ‬الشعور‭ ‬بالغبن‭ ‬لدى‭ ‬فئات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭.‬

ومع‭ ‬اختفاء‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وانكماش‭ ‬المشروعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬المتأثرة‭ ‬بتكاليف‭ ‬الاستيراد،‭ ‬تتزايد‭ ‬نسب‭ ‬البطالة،‭ ‬ويتجه‭ ‬الشباب‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي‭ ‬الذي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بأنشطة‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭.‬

صلاح‭ ‬منصور‭. ‬  ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬المعيشة

عند‭ ‬خفض‭ ‬الدينار،‭ ‬تصبح‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة‭ ‬أغلى،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬ليبيا‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الاستيراد،‭ ‬حتى‭ ‬للمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬مثل‭ : ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭. ‬هذا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭:‬

ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭.‬

ضعف‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭.‬

زيادة‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬الأسر‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬والمتوسط‭.‬

زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر

مع‭ ‬تراجع‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬يتأثر‭ ‬الفقراء‭ ‬أولًا،‭ ‬وتتسع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الطبقات،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ :‬

تزايد‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭.‬

رتفاع‭ ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬نتيجة‭ ‬تراجع‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭.‬

تراجع‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات

عندما‭ ‬يشعر‭ ‬المواطن‭ ‬أنَّ‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬تفقد‭ ‬قيمتها،‭ ‬يبدأ‭ ‬بفقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للحكومة،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭:‬

لجوء‭ ‬النَّاس‭ ‬إلى‭ ‬اكتناز‭ ‬الدولار،‭ ‬أو‭ ‬الذهب‭.‬

ضعف‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬بالدينار‭ ‬داخل‭ ‬السوق،‭ ‬وظهور‭ ‬‮«‬اقتصاد‭ ‬موازي‮»‬‭.‬

هجرة‭ ‬العقول‭ ‬والشباب

بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬مستوى‭ ‬الدخل،‭ ‬وتدهور‭ ‬الخدمات،‭ ‬يسعى‭ ‬كثيرٌ‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬والمختصين‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬أفضل،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭:‬

نزيف‭ ‬في‭ ‬الكفاءات‭.‬

ضعف‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬البلاد‭ ‬مستقبلاً‭.‬

محمد‭ ‬عمر‭ :‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لإنخفاض‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬تأثيرٌ‭ ‬اجتماعي‭ ‬كبيرٌ،‭  ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬التضخم،‭ ‬وتكلفة‭ ‬المعيشة‭ ‬حيث‭ ‬ترتفع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقود‭ ‬والأدوية،‭ ‬والأغذية‭ ‬والإلكترونيات

ويؤدي‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬تضخم‭ ‬عام‭ ‬يصيب‭ ‬الأسر‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض،‭ ‬والمتوسط‭ ‬​​بشكل‭ ‬خاص‭ ‬نظرًا‭ ‬لإنفاقها‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬دخلها‭ ‬على‭ ‬الضروريات‭.‬ويحدث‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بأجور‭ ‬أعلى‭ ‬كما‭ ‬يدفع‭ ‬ارتفاع‭ ‬التكاليف‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬الفقر‭.‬

ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أنّ‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬الثابت‭ ‬مثل‭ : ‬المتقاعدين،‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬أصولاً‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬مثل‭ ‬العقارات،‭ ‬أو‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬تصعب‭ ‬عليهم‭ ‬تغطية‭ ‬مصروفات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭.‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬تخفيض‭ ‬قيمة‭ ‬العُملة‭ ‬المفاجيء،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المدار‭ ‬جيدًا‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬وتكديس‭ ‬السلع‭ ‬وحتى‭ ‬هروب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭.‬

عمران‭ ‬عمر‭ :‬

إن‭ ‬قرار‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬خطوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬مؤقتة،‭ ‬بل‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬قنبلة‭ ‬اجتماعية‭ ‬موقوتة‭ ‬تهدد‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬الليبي‭ ‬بأكمله،‭ ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬حكومتين،‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬يعيش‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استنزاف‭ ‬يومي‭ ‬لقوته‭ ‬وكرامته،‭ ‬يدفع‭ ‬فيها‭ ‬ثمن‭ ‬قرارات‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬منها‭ ‬شيئاً‭.‬

هذا‭ ‬الانخفاض‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تضخم‭ ‬خانق،‭ ‬جعل‭ ‬أبسط‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬كالحليب،‭ ‬الدواء،‭ ‬والخبز‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬كماليات‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬تأمينها،‭ ‬العائلات‭ ‬الليبية‭ ‬تُجبر‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬وجباتها،‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬العلاج،‭ ‬وتجميد‭ ‬أحلام‭ ‬أبنائها‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬أو‭ ‬الزواج‭ ‬،‭ ‬شبابنا‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬عماد‭ ‬البناء،‭ ‬باتوا‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬الهجرة،‭ ‬أو‭ ‬الوقوع‭ ‬فريسة‭ ‬الجريمة‭ .‬

إذا‭ ‬لم‭ ‬تتدارك‭ ‬الدولة،‭ ‬والمسؤولون‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬وحدة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬والسياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬فإن‭ ‬القادم‭ ‬سيكون‭ ‬أشد‭ ‬سوادًا،‭ ‬فالانقسام‭ ‬يُضعف‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬السوق،‭ ‬ويفتح‭ ‬الباب‭ ‬للمضاربين‭ ‬والفاسدين‭ ‬ليعبثوا‭ ‬بقوت‭ ‬النّاس‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭.‬

الهوة‭ ‬بين‭ ‬الفقراء‭ ‬والأغنياء‭ ‬تتسع‭ ‬بسرعة،‭ ‬ومظاهر‭ ‬الانفجار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬فالمواطن‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فقط‭ ‬ضحية‭ ‬لانخفاض‭ ‬العملة،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ضحية‭ ‬لصراع‭ ‬سلطات‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬الضرر‭.‬

فالاستمرار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الكارثي‭ ‬يعني‭ ‬جر‭ ‬البلاد‭ ‬نحو‭ ‬الهاوية‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬توحيد‭ ‬القرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتوجيه‭ ‬الميزانية‭ ‬لخدمة‭ ‬المواطن‭ ‬لا‭ ‬لجيوب‭ ‬المتنفذين،‭ ‬فإن‭ ‬ليبيا‭ ‬ستدخل‭ ‬نفقاً‭ ‬مظلماً‭ ‬يصعب‭ ‬الخروج‭ ‬منه‭.‬

ليلى‭ ‬أحمد‭ :‬

حالة‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬العارم‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬مآلت‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدولة‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدولار‭ ‬ورفع‭ ‬الضريبة‭ ‬المضافة‭ ‬من‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬العجز‭ ‬القائم‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬بند‭ ‬المصروفات‭ ‬الزائدة‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يتحملها‭ ‬المواطن‭ .. ‬لقد‭ ‬سئمتْ‭ ‬النَّاس‭ ‬من‭ ‬التذبذب‭ ‬وخاصة‭ ‬انهم‭ ‬كانوا‭ ‬ينتظرون‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬ولكن‭ ‬الحاصل‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬على‭ ‬أعباء‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬وحطم‭ ‬ملامح‭ ‬الإصلاح‭ ‬وظهور‭ ‬شبح‭ ‬الفساد‭ ‬المفزع‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى